السياح الخليجيون ونهب بعض شركات الطيران التجارية لهم في موسم اجازة الصيف المضغوط
شاهد عدد كبير من الناس فيلم The terminal، والذي يحكي قصة مسافر علق في أحد المطارات لمدة طويلة؛ بسبب نشوب حرب في موطنه الأم وانشطارها لعدة دويلات وافتقاد جواز البطل Victor هويته القانونية لانعدام اعتراف مسؤولي الأمن بالدولة المتمزقة. ويقال إن القصة حقيقية مستلهمة من قصة لشخص اسمه مهران كريمي في مطار شارل ديجول بالعاصمة الفرنسية باريس. في واقع هذه الأيام، فعليا شاهدت عدداً ليس بالقليل من العالقين العرب في أرض مطارات بعض الدول السياحية التي يقصدها الخليجيون العرب بكثافة كبيرة تصل حد التخمة. وفي المقابل رأيت بعض العاملين في قطاع الطيران والسياحة والنقل في تلكم الدول السياحية من هم منعدمي الأخلاق، وفاقدي روح التعامل السليم مع السواح الخليجيين ونزعة الاستغلال ومص دماء السواح ورفع الأسعار. ورأيت كما رأى عدد ليس بالبسيط من الناس، أن هناك استنزافاً متعمداً لأموال السياح الخليجين بسابق ترصد وخسة. لك أن تتخيل والخليجيون في ذروة العلاقات وسنام قوة التأثير فلك أن تتخيل وضع من يذهب هناك كلاجئ أو عامل أو شحاذ على موائدهم.
لعل بعض أهم الأسباب لاستنزاف أموال السياح الخليجيين وكما يبدو لي:
1 - وجود دراما مفتعلة من قبل بعض شركات طيران الشارتر أو شركات سياحية تجارية والادعاء كذبا وبهتانا بأن أبواب البوردن «الإقلاع» أغلقت أمام المسافرين بدعوى تأخرهم. ليتم بعد ذلك إلغاء رحلاتهم وإجبارهم على إعادة الدخول للبلاد السياحية والمماطلة بهم واضطرارهم لشراء تذاكر عودة لبلدانهم من جديد حتى مع وجود وقت أكبر من كاف قبل إغلاق البوابات.
2 - اختلاق دراما جدولة تأخر الرحلة بـ 45 دقيقة، وبعد أن يتشتت جمع المصطفين من المسافرين وذهاب البعض منهم للتسوق أو الأكل أو دورات المياه. يتم إعادة جدول الرحلة إلى الوقت الأصلي ثم الإعلان ولمرة واحدة عن ختم تذاكر الإركاب وإغلاق البوابة في غضون 10 دقائق فقط. فيقع من ذهب لدورات المياه في حيص بيص، ويضطر للدخول للبلاد من جديد وشراء تذكرة وحجز فندق والبحث عن تاكسي!
3 - ما يزيد الغبن والحيف والظلم الواقع على نفوس بعض السياح الخليجيين النظاميين هو أن المعاملة من قبل أفراد الخدمات الأرضية لبعض خطوط الطيران جدا هابطة. ويمكنني أن أحلل الوضع بأن وضع بعض مقدمي الخدمة عبارة عن مجموعة من الكذابين والنصابين يرتدون لباس موظفي خدمات أرضية للطيران التجاري الملتزم باستنزاف السياح الخليجيين ماليا.
4 - إجادة بعض الخطوط الجوية التجارية اللعب على وتر وزن الشحن تارة بتحديد وزن صفر للوزن المسموح وتارة بتحديد فقط وفقط حقيبة Carry on بوزن 7 كيلو واحدة فقط وتارة بتحديد وزن 20 كيلو لمسار واحد خلال الرحلة. أما ذهابا أو إيابا!!! ما زاد الطين بلة هو الأغلب من المسافرين لا يقرأون Term & condition عند شراء التذكرة.
5 - ادعاء بعض الفنادق بوجود توصيل مجاني من وإلى المطار Free shuttle حسب النشرات التسويقية. ولكن في الواقع لا يوجد شي من هذا القبيل، ويتكبد السائح تكاليف النقل من جيبه الخاص وبأسعار مُتلاعب بها من قبل أصحاب سيارات الأجرة الصفراء والسوداء!! ويحتار السائح لمر يلجئ ليقاضي أولئك المدلسين. وعلى السائح النبيه ألا يصدق كل شي في النت، وإنما يتمحص الصدق ويتحرى الدقة.
6 - ادعاء بعض مكاتب السياحة في بلاد السياحة هناك بوجود جولات سياحية لمدة يوم واحد أو عدة أيام ليكتشف السائح بأنه مجرد مورد دخل مالي جانبي من خلال كمسيون يتم دفعه من قبل المتاجر للمكتب السياحي الذي يجول بالسياح من محل بيع عسل النحل إلى محل بيع حلقوم إلى محل بيع بهارات إلى محل بيع الجلديات إلى مصنع تعبئة المكسرات، بينما العنوان العام للجولة السياحية هو مشاهدة مواقع طبيعية خلابة من المفترض أنها تشمل شلالات وبحيرات وجبال وأنهر!!
7 - بعض الدول السياحية لديها مشاكل صراع قوى داخلي وتجاذبات أيدلوجية بين أبناء الأحزاب هنالك، وتطال الشظايا التشنجية الداخلية السائح الخليجي الملتزم والعائلة المحافظة الزائرة. فترى حينا حجم حقد وكره لكل ما يدل على إسلامية العائلة الخليجية السائحة من قبل اتباع العلمانية الاستئصالية!! وأحيانا يُترجم ذلك بتفاوت الأسعار في أجور التاكسي والخدمات السياحية الأخرى التي تُفرض على السائح الخليجي!
شاهدت عدداً ليس بالبسيط من الخليجيين المقطوعين في بعض مطارات تلكم الدول ممن افترشوا أرض مسجد المطارات ومقاهييه ولعدة أيام، حتى أمنوا مدد مالي لهم عن طريق بعض أقاربهم بدولهم الأم لشراء تذاكر عودة جديدة. والبعض الآخر من السياح المغبونين اضطروا لحجز فندقي من جديد وشراء تذاكر جديدة ثم الإقلاع للعودة في اليوم أو الأيام التالية وبأسعار تذاكر طيران جنونية.
بتقييم متجرد، يبدو والله أعلم أن معظم العاملين في قطاع السياحة في بعض تلك الدول هدفهم الاستحواذ على أكبر قدر من مال السائح وبالخصوص السائح الخليجي على اعتبار أنه لن يرجع مرة أخرى لبلادهم. ولا يبالون بعودته لأن عملات بلدانهم انهارت، وكل منهم يفكر في نفسه. وهذا حتما ومع تراكم مشاركة التجارب بين السياح الخليجيين سيجعل الكثير منهم زاهدا في الرجوع لتلكم البلدان. وحتما ستُغلق الكثير من دكاكين السياحة الفاشلة، ويجر ذاك تقلص عدد المحلات، ويقود ذلك إلى المزيد من الانهيار الاقتصادي في قطاع السياحة في تلك الدول.
شخصيا أرى ضرورة تكوين لجان تجارية متفرعة من قبل وزارات التجارة ووزارة السياحة الوطنية وغرف التجارة لحماية السياح الخليجين في الخارج وضمان حسن المعاملة من قبل الدول المُزارة ومنع النصب على مواطني الخليج ومعاقبة الخطوط التجارية المُدلسة والمزورة والغير منضبطة والتشهير بها وحجبها من أي حصة في نقل أي سياح من دول الخليج العربي، لا سيما الخطوط والشركات السياحية الرقمية والغير رقمية التي لا تحترم القوانين والضوابط. وتفعيل حظر تلكم الخطوط من الطيران من وإلى أراض الدول الخليجية بشكل مشدد ومغلظ. واطلب في ذات الوقت السائح الخليجي الحريص أن يساهم بكل قوته في وقف هذا الجشع الذي ينهش ميزانيته، ويستنزف مدخراته ويستهدف كرامته بالامتناع من زيارة أو استخدام مكاتب سياحية جشعة أو خطوط طيران تجارية غدارة ولئيمة ونصابة ومحتالة وردع موظفيها المتطاولين صوتا وسوء أخلاق على السياح. وسيعي حين ذاك الطامعون في قطاع السياحة في تلك الدول بأن ”الطمع يُذهب ما جمع“.