طوابير الأعراس
كتبت قبل ثمان سنوات عن «طوابير الأعراس» التي تمتد إلى مدخل القاعة في بعض الزواجات، ولا يزال بعض الإخوة يطالب بتناول هذا الموضوع.
لم تأت هذه المطالبات من فراغ فمنذ أكثر من ثمان سنوات والوضع على ما هو عليه بل قد يكون أكثر سوء بالرغم من أن البعض كان يؤمل أن يكون الوضع أفضل بكثير بعد جائحة كورونا بحيث تقتصر الزواجات على عدد محدود من المدعوين ويُكتفى بالمصافحة دون التقبيل.
تكمن مشكلة الطوابير الطويلة في أحسائنا الغالية بسبب ما يتمتع به أهالي الأحساء من كرم وجود ونزعة اجتماعية يأنس الكثير منهم بمشاركة الأحبة لهم في أفراحهم فترى الدعوات تأتيك من كل طرف من والد الزوج ووالد الزوجة ومن الأعمام والخوال وغيرهم، بل إن البعض لا يكتفي بالدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بل يطلب الإعلان في مسجد الحي ليضمن وصول الدعوة لمن سقط سهوا؛ وأتخطر أحد الإخوة كان يطالب بوضع إعلان زواج ابنته لمدة أسبوع في شاشة المسجد ولكن لم يتحقق له ذلك.
هذا العدد الكبير من المدعوين الذي قد يتجاوز الألفين أو أكثر معظمهم يحضر خلال ساعتين فمن الطبيعي أن يشكل ازدحاما وتعبا على أصحاب الفرح في الوقوف واستقبال المهنئين. ويزداد الأمر سوء إذا ما اصطف والدا العريسين وعدد لا بأس به من أفراد العائلة بجانب العريس ولم يُكتفَ بالمصافحة بل لابد من طبع ثلاث أو أربع قبلات، وكل شخص يقف لالتقاط صورة تذكارية أو أكثر.
لمعالجة الموضوع يقترح البعض إيقاف التصوير ولكن أي عريس سيقبل بذلك وهو يعتبرها ليلة العمر ويأنس بحضور أحبائه والتصوير معهم.. للإنصاف لا يمكن إيقاف التصوير ولن يتقبله أي عريس ولكن يحتاج إلى التقنين واختيار البعض للصور الخاصة والبعض الآخر يُكتفى بتصويرهم صورا جماعية أثناء انتظارهم في الطابور. والخُلص من الأصدقاء حتما سيبقون إلى نهاية الحفل ويمكن التقاط ما يشاء من الصور معهم.
المقترح الآخر من كثير من المدعوين هو مطالبتهم بوالدي العريسين وأفراد العائلة الوقوف عند مدخل القاعة لتكون تهنئتهم مستقلة عن تهنئة العريس مما يخفف من الازدحام فالبعض يكون هدفه الآباء والبعض الآخر يكون هدفه العريس نفسه.
إن كانت الدعوات مفتوحة فلا المقترح الأول ولا الثاني سيعالجان المشكلة من جذورها بل قد يكون لهما أثر نسبي في التخفيف ويبقى الحل في ترشيد الدعوات وتحديد العدد المناسب، وسأنقل تجربة اثنين من الوجهاء. أحدهما اقتصر العدد على 200 مدعو من العائلة والمقربين من الأصدقاء والزملاء ويشعر بالفخر والارتياح حسب قوله لما قام به من حسن ضيافة واستقبال للمدعويين والجلوس معهم في زواج هادئ، وعدم إهانتهم بالوقوف في طابور لأكثر من نصف ساعة لتقديم التهنئة. إلا أنه ينصح من يخوض هذه التجربة بتحمل ما يأتيه من كلام الناس غير المدعوين.
وجيه آخر أيضا اقتصر الضيافة على عائلته فقط وذلك بسبب مكانته الاجتماعية وكثرة معارفه، ولكنه لم يسلم من أقرب المقربين إليه ولومهم وعتابهم له.
ما هذا السطور إلا توثيقا لهذه الظاهرة في الأحساء ولعلها تكون موجودة في مناطق أخرى، وعلاجها يعتمد على قناعات الزوجين وأهلهما إن ارتأوا تحديد عدد المدعوين إلى «200 - 500» والقيام بواجبهم على أكمل وجه وتفادي وقوفهم لفترة طويلة فالبعض يفضل عدم الوقوف في الطابور لظروفه والتزاماته والاكتفاء بالذهاب والوقوف أمام المنصة وتوجيه التهنئة بالإشارة فقط حفاظا على النظام ومنعا للوقوع في إحراج مع الملتزمين في الطابور.
لا شك أنه لن يسلم أحد من كلام الناس وكل يعمل حسب قناعاته، ولله الحمد يوجد نسبة كبيرة من الواعين في المجتمع يقدرون ذلك ويدعون للمتزوجين بالتوفيق والسداد حتى وإن لم تشملهم الدعوة للحضور.
ومن يفضل الوضع على ما هو عليه مع الدعوات المفتوحة بلا تقنين فليراعِ مكان الوقوف للتهنئة بالنسبة للعريس وباقي أفراد العائلة خصوصا في وقت الازدحام ومن ثمَّ يمكنهم الوقوف مع العريس والتقاط الصور التذكارية، كما ينبغي تقنين التصوير من قبل العريس وقت الذروة، وربما فتح صالة الطعام في وقت مبكر للضيافة وعدم الانتظار لامتلاء كامل القاعة.