القرارات العاطفية
ردة الفعل المتوازنة، والعمل ضبط الأعصاب تجاه الأزمات والقضايا الاجتماعية، عناصر فاعل في انتهاج السبل العقلانية، والابتعاد عن القرارات العاطفية والانفعالية، فالكثير من الأخطاء الكارثية ناجمة عن ردود الأفعال غير المدروسة والارتجالية، مما يسهم في زيادة الجراح وخروج الأمور عن السيطرة، جراء اختيار مواقع خاطئة، والاستناد على قرارات سريعة، الأمر الذي يحدث الكثير من الإشكالات، على الصعيد الشخصي أولا، والاجتماعي ثانيا.
القدرة على التحكم بردود الأفعال، ملكة ليست متاحة للجميع، فالكثير يفشل تجاه كافة الاستفزازات، مما يدفع لاتخاذ مواقف غير صائبة، الأمر الذي يصب في مصلحة الأطراف المناوئة، التي تسعى لإخراج الأطراف الأخرى من الساحة، مما يدفعها لإطلاق بعض المواقف الاستفزازية، لدفع الأطراف الأخرى لاتخاذ مواقف ارتجالية، انطلاقا من بعض الانفعالات العاطفية، وبالتالي فإن ضبط الأعصاب في المواقف الصعبة والمصيرية، عنصر أساسي للحفاظ على المكانة الاجتماعية، والمساهمة في الاستقرار الداخلي، خصوصا والقرارات الارتجالية تجلب معها انعكاسات سلبية على الساحة الاجتماعية، نظرا للأضرار الجانبية التي تصيب بعض الفئات، جراء تلك المواقف السريعة والانفعالية، بمعنى آخر، فإن امتلاك صفة العقلانية تحدث الفرق في القرارات على اختلافها، سواء كانت ذات طابع شخصي، أو كانت مرتبطة بالبيئة الاجتماعية، مما يستدعي اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية، لتفادي الوقوع في المحظور.
القرارات العاطفية تجلب الخراب، على أصابها بالدرجة الأولى، جراء تداعياتها على المستقبل الشخصي، مما يجعل عملية ترميم الانعكاسات السلبية صعبة في الغالب، الأمر الذي يستوجب تجنب الانخراط في المغامرات ذات الأثر التدميري على الذات، خصوصا وأن عملية بناء الذات في البيئة الاجتماعية، تتطلب الكثير من الجهد، فيما عملية الهدم ليست بحاجة للمزيد العمل، بقدر ما تتطلب قرارات انفعالية سريعة، لتسريع إزالة البناء من جذوره، وبالتالي فإن الانعكاسات السلبية الآنية والمستقبلية، على أصحاب القرارات العاطفية، تتجسد في الكثير من المواقف على الصعيد الاجتماعي، حيث يواجه أصحاب القرارات العاطفية صعوبة بالغة في العودة للمكانات السابقة، نظرا لخروج الأمور عن السيطرة، وانعدام القدرة على تحريك الأمور في الاتجاهات المناسبة.
المراجعة المستمرة للقرارات قبل اتخاذها، وكذلك الاستفادة من أهل الخبرة، بالإضافة لقراءة الوضع الاجتماعي، والنظر في التداعيات الحالية، والانعكاسات المستقبلية، عوامل أساسية في وضع القرارات في المواضع السليمة، خصوصا وأن تقليب الأمور من جميع الجوانب، يعطي الإنسان القدرة على انتهاج الوسيلة الصحيحة، فيما الاستعجال والافتقار للصبر يقود إلى اتخاذ القرارات السريعة، الأمر الذي يؤدي إلى كوارث فادحة على الصعيد الذاتي، وكذلك على الإطار الاجتماعي، لا سيما وأن هناك قضايا تتطلب التريث، وعدم الاستعجال، نظرا لارتباطها بالمصير المشترك، مما يفرض اتخاذ الإجراءات الاحترازية، والعمل على دراسة القرارات من كافة الجوانب، للوقوف على الآثار السلبية، والنتائج الإيجابية.
تحديد الأولويات، ومحاولة تقديم القضايا ذات الاهتمام المشترك، والعمل على انتهاج الطريق الواضح، في جميع القرارات، من شأنه إحداث تغييرات جذرية في طريقة التفكير، بحيث تقود في نهاية المطاف إلى المعالجات السليمة، الأمر الذي يسهم في إنقاذ المرء من اتخاذ القرارات العاطفية، خصوصا وأن الضغوط النفسية، والمخاوف الاجتماعية، تلعب دورا فاعلا في التأثير على الإنسان في اتخاذ مواقف غير مرغوبة، وبالتالي فإن مرحلة الاستقرار النفسي، والابتعاد عن الضغوط الاجتماعية، تساعد في وضع القرارات العقلانية القادرة، على إظهار الجوانب الإيجابية، وتجنب الخضوع في مغامرات خطيرة على الصعيد الذاتي بالدرجة الأولى.
القضاء على الجوانب العاطفية، في جميع القرارات من الصعوبة بمكان، خصوصا وأن الانفعالات الداخلية تضغط على أصحابها لانتهاج الوسائل الخاطئة، من خلال استبعاد القرارات الحكيمة، بيد أن الإنسان مطالب بالنظر في القرارات بشكل عميق قبل الإقدام عليها، بهدف ضبط الأمور، ومحاولة تحكيم العقل، واستبعاد الجانب العاطفي قدر الإمكان.