السعادة في كوب!
صور كثيرة متناثرة من كل مكان وزمان لأكواب قهوة مختلفة الأحجام والألوان والأشكال، تحتوي على أنواع ونكهات كثيرة لقهوة عربية وتركية وأمريكية، سوداء سادة أو مخفوقة، مرسوم عليها زخارف وقلوب ورمز أو تعلوها غيمة بيضاء من الكريمة، عديدة تلك الصور التي لا حصر لها بتنا نراها كثيرا هذه الأيام متداولة على وسائل التواصل الاجتماعية في الإنستغرام والسناب شات وغيرها.
وإذا أردنا أن نسأل سؤالا يخص تلك الصور، هل في تلك الأكواب حقا كما يقال سعادة؟
ما طعم تلك السعادة؟ هل هو بطعم القهوة التي تحتويها؟
ولكي نجيب عن مثل هذه التساؤلات وغيرها، دعوني أناقش معكم بعض المفاهيم التي تحتاج إلى أكثر من رأي أو إجابة.
من المعروف في البلدان العربية أو الأجنبية، أن القهوة أنواع عديدة وكل بلد يحظى بنوع خاص تفخر الدول أن تنتسب القهوة لمسماها، فهناك التركية نسبة إلى تركيا أو الأمريكية بالتأكيد إلى أمريكا وكذلك البرازيلية والأثيوبية والعربية وغيرها، وحين نقف عند القهوة العربية يأتينا السؤال، لماذا اختلفت القهوة العربية في مذاقها وصنعها عن غيرها من القوة في مختلف بلدان العالم؟
بالطبع لكل تساؤل إجابة وقصة وحكاية تروى فلم تأت المسميات ولا طريقة الصنع أو حتى الزراعة لحبيبات القهوة مصادفة، بل وراء كل منها قصة تروى لصفحات، ولأننا في مقالنا هذا نبحث عن السعادة التي بين ذرات القهوة أيا كان نوعها أو لونها أو طريقة إعدادها أو حتى منشأها.
أين تكمن تلك السعادة؟ وفي أي جزء من الكوب؟ ومتى يشعر بها من يشربها؟ ولماذا؟
حينما ترتاد أحد المقاهي يسألك البائع هل تريد قهوتك في كوب ورقي أم سيراميك؟ وهنا تأخذك الدهشة! وهل يختلف طعم القهوة بين تلك الأقداح ورقية كانت أم خزفية؟ البعض سيقول نعم يختلف، والبعض سيقول لا فرق أبدا بين الكوبين في طعم القهوة.
يقول الشاعر محمود درويش: «القهوة لا تُشرب على عجل، القهوة أخت الوقت تُحْتَسى على مهل»، فهل شربها بسرعة يختلف في مذاقها عما إذا شربت ببطء؟ لماذا يا محمود دروش لا تشرب إلا على مهل؟ هل للسعادة هنا نصيب
ويقول متغزلا فيها: «صوت المذاق، صوت الرائحة، القهوة تأمّل وتغلغل في النفس وفي الذكريات» ألم أقل لكم بأن القهوة على علاقة مع السعادة! أعتقد بأنها على علاقة وطيدة مع الناقل العصبي ”الدوبامين“ الذي ما إن تشرب القهوة إلا ويأبى أن يغادر شق التشابك العصبي بين الخلايا معلنا حالته العالقة هناك بأطول وقت ممكن محدثا صخبا من النشوة والراحة والسعادة.
في السابق وخصوصا عند العرب وما زالت، تدار فناجين القهوة بين الحاضرين لمناسبات عدة، في الأعياد والأعراس، وعموم الأفراح، وعند تواجد الضيوف كثرت أعدادهم أو قلت، ولا تقتصر القهوة على المناسبات السعيدة، بل حتى في الأحزان، عند الموت أو المرض، إذ لا علاقة بالمناسبة والقهوة بصلة، بل هي تقدم في كل الأوقات، حتى أنها لا تقدم في وقت محدد من اليوم، بل تشرب صباحا ومساء على حد سواء.
القهوة هي مشروب يعد من بذور البن المحمصة، وينمو في أكثر من 70 بلداً. خصوصاً في المناطق الاستوائية في أمريكا الشمالية والجنوبية وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية وأفريقيا، ويقال أن البن الأخضر هو ثاني أكثر السلع تداولاً في العالم بعد النفط الخام. ”هل تصدق ذلك!“ ومع شدة مرارتها ونمو الكثير من الحشرات والطفيليات عليها إلا أنها تعد من ألذ المشروبات طلبا للروقان وجلب السعادة.
«سجل ما يزيد عن 900 فصيلة من الحشرات الضارة لمحاصيل القهوة في جميع أنحاء العالم، فالخنافس تشكل ثلث هذه الحشرات الضارة بينما تشكل البق الربع، ويهاجم المحاصيل 20 فصيلة من الديدان الخيطية و 9 فصائل من العث وعدد من الحلزونات والرخويات، وأحياناً تأكل العصافير والقوارض بذور القهوة ولكن يعد تأثيرهم بسيطا مقارنةً باللافقاريات، وعموماً فإن القهوة العربية تعد من أكثر الفصائل حساسية لافتراس اللافقاريات، فكل جزء من نبات القهوة معرض للافتراس من مختلف الحيوانات، فالديدان الخيطية تهاجم الجذور بينما تحفر الخنافس الحفارة في الجذع والمواد الخشبية، كما تهاجم أوراق النبات أكثر من 100 فصيلة من يرقات «اليسروع» الفراشات والعث.
وكثيرا ما ثبت أن الرش الشامل للمبيدات الحشرية كارثة؛ حيث أن الحيوانات المفترسة من الآفات هي أكثر حساسية من الآفات أنفسهم، فبدلا من ذلك تم إنشاء إدارة متكاملة للآفات وذلك باستخدام تقنيات مثل العلاج المستهدف من تفشي الآفات وإدارة بيئة المحاصيل بعيدا عن ظروف الآفات الصالحة، وغالبا ما يتم قطع الفروع التي تنتشر فيها الحشرات القشرية بكثرة وتترك على الأرض مما يعزز الطفيليات القشرية لمهاجمة القشور في الفروع المقطوعة والنبات أيضاً» ”ويكيبيديا“