زرع أمل ودفع ضرر «1»: الحلول المبتكرة في ظل تحديات عولمة الرذيلة
مطلوب من الجميع أن يتفاءل ويتفاعل بإيجابية، ويبعد عن التشاؤم ولغة النكد والانكسار. مطلوب من الجميع بث روح الإيجابية والابتعاد عن الأشخاص السلبيين وتعزيز الثقة بالنفس وأبناء المجتمع. وفي ذات الوقت مطلوب من الجميع أن لا يكون كالنعامة التي تخبئ رأسها ظنا منها أنه لن يراها أحدا وبذلك تتجاوز الخطر، أو تتلاشى المشكلة من ذهنها هي. ومطلوب من الجميع ألا يكونوا متفرجين حد الوقوع في تصنيف الشيطان الأخرس، وإنما يسعى الجميع أن يساند بعضهم بعضا، ويؤازر الآخرين بالنصيحة إن أخطؤوا أو التشجيع لهم بالاستمرار في العمل الجيد إن أحسنوا. كما تردنا من إحصائيات وعبر وكالات الأنباء العالمية، فإن نسبة المسلمين في دول المهجر الغربية المشهورة من ناحية عدد السكان نسباً لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، وفي تصاعد سريع. وعلى الجهة المقابلة، فإن نسب عدد أتباع شعار شبيه قوس قزح نسب متدنية، ولا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة. يمثل موقف المغتربين المسلمين الأكثر جرأة ضد اتباع شعار شبيه ألوان قوس قزح والأكثر صوت مسموع في الإنكار والشجب والامتعاض. إلا أن تشريعات بعض دول المهجر الجديدة وسكوت الأغلبية من سكان دول المهجر العلمانية، جعل بعض جهات الإعلام الماكرة تصور بأن أهل الفطرة والسلوك السوي المعتبرهم أقلية وأهل فوضى، وإن اتباع شعار شبيه قوس قزح هم الأخيار وأغلبية ساحقة. حتى تكشفت الأقنعة، وبانت أوجه قبيحة تتشدق بأشياء وعبارات منمقة، وتضمر خبثاً عظيماً. وتمادى البعض من اتباع شعار ألوان قوس قزح، حتى طالب بعضهم بعدم تجريم هتك الطفولة وإسقاط أي تبعات قانونية على من يعتدي على الأطفال!!! ولا أحد يعلم إلى أين ستسير البشرية إن قادها المنحرفون، والذين لا يقيمون وزنا للعباد ولا لرب العباد.
مع شديد الأسف، بعض من الناس السطحيين يتشمتون بالبعض الآخر من بني دينهم أو قوميتهم، لا سيما إن كان ذاك الآخر من الذين أخذوا قرار الحركة بدل السكون واكتشاف آفاق الرزق الحلال والأمان والعلم في أصقاع أخرى بعد أن ضاقت الأرض عليهم في مواطنهم الأصلية. فمثلا ترى البعض يتشمت بآخرين ممن هربوا من حروب أهلية داخلية طاحنة إلى الشتات. وانتهى ببعض الذين نفذوا بجلدهم إلى المكوث بدول المهجر وأعالي البحار. فشمت الشامتون بهم لأنهم وأولادهم أضحوا في مرمى استهداف قوانين أهل الشذوذ وإباحة المخدرات، وانتهى بالبعض فقدان الهوية في بلاد المهجر والبعض الآخر مصداق لمن هو قابض الجمر بتمسكه بعقيدة التوحيد والقيم. ولا يعلم أولئك الشامتون ماذا يُخبئ لهم المستقبل في مواطن عدة. كرة ثلج التغييرات العالمية في بداياتها وما نراه من جائحة كورونا وما بعدها إلا تجليات لذاك التغيير الكبير، ونسأل الله الحفظ والعون. كان وما زال قانون الكارما ”كما تدين تدان“ فاعل وآثاره واضحة وملموسة على صعيد أفراد والآن على صعيد أقطار وأمم. فنتطلع إلى أن يعود الشامتون إلى رشدهم.
كان الأجدى بالشامتين أن يفكروا بحلول مساعدة، وليس التشمت والتسلية والتهكم لما حل بالآخرين من نوائب الدهر وظلم الإنسان للإنسان وطغيان أهل الفسوق وكوارث طبيعية. الشخص الرزين والعاقل والبصير والحكيم والناصح والمُنصف من الناس، أقل فعل يقوم به هو أن يكف شره ولسانه عن الآخرين إن لم يستطع دفع الضرر عن المظلوم أو ردع الظالم. وعادة يقول الشخص العاقل، عندما يرى ما لا يسره في الآخرين: ”اللهم عافهم مما ابتليتهم به، واحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن“. والشخص الساعي بالخير بين الناس لا يكتفي بعدم التشمت أو التفرج على مجريات الانزلاقات الأخلاقية التي حدثت، وتحدث على نحو متسارع في مناطق عدة حول العالم، وإنما يهب في المواساة للآخرين واستطراق الحلول الممكنة لبحث ما يمكن استنقاذه. فمن الوفاء المستحق لبني آدم، سواء أخوك في الدين أو أخوك في الإنسانية، بذل النصيحة وإماطة الأذى عن الطريق وحسن الإرشاد والتوجيه ومؤازرة القيم العالية وطرح مقترحات عملية.
في دول المهجر الأوربي، ولا سيما بعض دول الشمال الأوربي، يبدو أن كرة الثلج للسلوك غير الأخلاقي والشائن آخذة في التسارع نحو المزيد من التضخيم في الحجم والضخ الإعلامي المترادف وتكاثر أنباء تقنين انتهاك حرمات البعض من البشر للبعض الآخر والتغرير بالأشبال وحرق مكاسب التمدن، وهتك براءة الطفولة والدعوة إلى ممارسة الشذوذ. ما يقلق أبناء الجاليات العربية والإسلامية التي ذهبت هناك بحثا عن الاستقرار والرزق الحلال والأمان لهم ولأفراد أسرهم والمستقبل الأفضل لأبنائهم، وجدوا أنفسهم في مهب رياح عاتية بين اليمين واليسار ولعبة كسب الأصوات الانتخابية، لا سيما في ظل موجات قوانين إباحة الشذوذ الجنسي وإلزام مناهج المدارس العامة به. وأضحى زعم التنوع وادعاء الاندماج لمتعددي الثقافات في تآكل سريع جدا. وصارت بعض الأعراق المهاجرة في حيص بيص، وطفح خيار البحث مجددا عن مكان آخر أو الانزواء من كامل المشهد في تلكم الدول أمر وارد لكل الآباء الحريصين على حماية أبنائهم.
ولعل البعض بادر ونجح في مبادراته الإصلاحية، والبعض بادر وأجهضت مبادراته لأسباب مختلفة والبعض في حالة يصدق معها المثل القائل ”العين بصيرة واليد قصيرة“، و... و… إلخ.
في ظل تسارع إصدار تشريعات وقوانين حماية الجندريين وتجريم الأسوياء عند إنكارهم على الشواذ في بعض مناطق العالم، أضحى من الواجب على أبناء الأقليات المحافظين والملتزمين بقيم الأسرة إطلاق عدة مبادرات ودراسات ومشاريع لحماية أجيالهم الصاعدة من الذوبان التام. ونورد هنا بعض تلك المبادرات / المشاريع:
1 - العزوف عن تسجيل أبناء المغتربين في المدارس العامة التي تدرج مناهج التنوع الجندري والشذوذ السلوكي المتصادم مع عقيدة الإنسان السوي.
2 - الاستثمار في مشاريع والتوسيع في مشاريع بناء المدارس الأهلية الخاصة للجاليات المحافظة في بلاد المهجر إن كان ذلك ممكناً.
2 - استيعاب الثقافة القانونية المهمة لحماية النفس والأعزاء من أي فخ أو عقوبة قانونية والسعي الجاد بالأدوات السلمية المتاحة لإجهاض أي تشريع ضد الفطرة.
3 - معرفة آليات طلب تشريع قانون وانتزاع الحقوق ”تشريع حماية حقوق الوالدين“.
4 - الاستبسال في تحصين النفس والأبناء من زيغ وأهواء ومغريات الشياطين، وإن تطلب ذلك إعادة الأبناء للموطن الأصلي وتكثيف الجهود لإيجاد مكان أكثر أماناً.
5 - عمل أفلام دعائية وتوعوية قصيرة وإطلاقها عبر منصات السوشل ميديا لتنبيه النيام والغافلين من خطر الانزلاقات الأخلاقية على الأجيال.
6 - تفعيل خاصية التواصل مع / متابعة وتكوين شبكة علاقات واسعة مع كل أتباع الديانات والثقافات والتيارات السوية لحث اتباع الأكثرية السكانية برفض أي اصطفاف مع اتباع شعار شبيه ألوان قوس قزح.
مواجهة التسافل الأخلاقي حيثما يحدث أو حدث أمر إنساني مهم، ويحتاج إلى همة النبلاء، وليس بكاء الثكلى على ما وقع أو تشمت الشامتون. فحركة العولمة في عدوى التسافل الأخلاقي قد تطول بقاع عدة من العالم لتغافل البعض عن التصدر في أخذ روح المسؤولية. ونحن على مشارف يوم عرفة ودعاء يوم عرفة الوارد على لسان سيد شباب أهل الجنة فمن الجيد تلمس وتعميق معاني ومدلولات الدعاء في جنبات أبناء الجيل الصاعد لحمايته من أي انزلاق.
تنصل: لا نجيز لأي شخص تأويل ما ورد في المقال أعلاه خارج نطاق النص أو تحميل المقال أكبر مما يحتمل من مدلولات. وكل ما ورد هو لإيجاد بيئة سليمة أخلاقيا.