آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

زيارة ولي العهد لباريس: الاستثمار

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

اللقاء بين سمو ولي العهد والرئيس الفرنسي في قصر الاليزيه يوم الجمعة كان لقاءً ثنائياً، لكن أهميته مُتعدية واهتماماته وتأثيراته تتجاوز البلدين، بحكم أن الدولتين «السعودية وفرنسا» تمتلكان دائرتي تأثير واسعتين. فالرياض تأخذ وضعها المستحق كإحدى بوابات القرار العالمي، فضلاً عن تأثيرها المستقر عربياً واسلامياً واقليمياً، فهي بوابة العالم العربي دون منازع، من منطلق أن ثقلها أثقال في مجالات الحضارة والارث والثقافة والموقع الجغرافي والاقتصاد والطاقة والتجارة العالمية، أما ثقلها السياسي فوزانٌ ويتعزز باستمرار بسمتٍ متصاعد.

في حين أن باريس فهي بوابة الشرق إلى أوربا القديمة، وعاصمة النور والانفتاح والثقافة والابداع، فضلاً عن ثقلها السياسي الوازن ودائرة تأثيرها الاقتصادي الواضح، ولطالما كان لها السبق عالمياً في مبادرات تقنية «أمثلة: الرقاقة microchip»، وطبية «الأشعة السينية ومفهوم النشاط الإشعاعي» وصناعية «مثل صناعة الورق» حيث أن لديها شركات عالمية في صناعات السيارات والفضاء والكيماويات والاتصالات والمعدات الطبية وأشباه الموصلات.

أجندة الاجتماع ولي العهد والرئيس الفرنسي، تنافس فيها: - بنود القضايا العالمية؛ حرب اوكرانيا، امدادات الطاقة، قمة مجموعة العشرين، - والقضايا الاقليمية مثل الأوضاع في اليمن ولينان، - والقضايا الثانية وهي عديدة ومتشعبة، ويبقى للاستثمار والتعاون التقني بين البلدين أهمية كبرى، فعند تحليل وضع الاستثمارات الفرنسية المباشرة الخاصة في الخارج «التي يقارب قوامها تريليون دولار»، نجد:

1. أن فرنسا مستثمر نشط خارجياً، وتتركز استثماراتها في الولايات المتحدة الأمريكية «21 بالمائة»، ألمانيا «11 بالمائة»، بريطانيا «10 بالمائة» إيطاليا «8 بالمائة»، وإسبانيا «6 بالمائة»، في حين أن استثماراتها في السعودية لم تتجاوز 2,4 مليار يورو في العام 2021 طبقاً لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أما طبقاً لبيانات البنك الدولي فإجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر لفرنسا في السعودية حتى العام 2020 بلغ 12,7 مليار دولار، أي بإجمالي 15 مليار دولار تقريباً.

2. التقاء كبيراً بين توجهات الاستثمارات الفرنسية الخارجية وتطلعات واستراتيجيات رؤية السعودية 2030. وتحديداً، فأهم تلك الاستثمارات تتركز في قطاعات هي محل اهتمام سعودي، وهي تحديداً، وبالترتيب: التصنيع، جارة الجملة والتجزئة، الخدمات المالية، الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية، النقل والتخزين. إلا أن الاستثمارات الفرنسية في المملكة ما برحت محدودة، على الرغم من الاتفاقات المتعددة التي وقعها البلدان في إطار دعم تحقيق رؤية المملكة 2030، في مجالات الطاقة والسياحة والاستثمار. «إنشاء صندوق قوامه 2 مليار يورو للاستثمار في الطاقة والبنية التحتية والتقنية»، الثقافة، وكذلك“نيوم”.

3. في العام 2017 أنشأت الدولتان صندوق مشترك سعودي - فرنسي قوامه 2 مليار يورو لترويج الاستثمار بين الدولتين، ويدار من قبل صندوق الاستثمارات العامة ووكالة التنمية الفرنسية، ويشمل نشاط الصندوق عدة مجالات منها الاستثمار في الطاقة والبنية التحتية والتقنية، وترويج الاستثمارات المشتركة من قبل الشركات في الدولتين، دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التبادل الثقافي والتعليمي. ووفقاً للمتاح من معلومات، فقد استثمر الصندوق في نيوم، وفي شركة تطوير البحر الأحمر، وفي الخطوط السعودية.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى