هناك من يسأل تعلما وهناك من يسأل تعنتا
ما أكثر السجالات التي تدور هذه الأيام بين كثير من المتحاورين الذين يسعى كل طرف منهم إلى إثبات نظريته التي يؤمن بها، ويدافع عنها بكل ما أوتي حسب رؤيته من قوة المنطق والبيان، ونسي أو تناسى أن هناك حكمة تقول: إن رأيك صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرك خطأ يحتمل الصواب، إذا لا عصمة لأحد إلا أولئك الذين عصمهم الله من الخطأ والزلل، فأشار لهم في كتابه الكريم وسنة نبيه وعترته صلوات الله عليهم أجمعين.
من هنا ننطلق واضعين نصب أعيننا أنه لا بد من الأخذ والرد وعدم الاستفراد بالرأي وفرضه على عقول الآخرين؛ لأن هناك خطوطاً حمراء عريضة يجب الأخذ بها بعين الاعتبار إذا جاءت من منبعها وأهل اختصاصها، وهم علماء الدين الأفاضل، ومع ذلك يجب أن تكون قلوب علمائنا رحبة وعقولهم مرنة ومفتوحة في تقبل ما يطرح عليهم من استفسارات وملاحظات من بعض المثقفين والمطلعين، وكذلك عوام الناس، حتى يتم التفاعل والنقاش بصورة هادئة في بعض الحيثيات والشبهات المبهمة المحتاجة إلى الإيضاح والتوضيح، وفي نفس الوقت تكون بعيدة عن الجدال والمجادلة والإصرار التي تؤدي إلى إهدار الوقت فيما لا ينفع، فهناك من يسأل تعلما، وهناك من يسأل تعنتنا حتى يثبت شبهة غفلت عليه مفهومها، وتحتاج إلى تفسير بأدلة لا غبار عليها، فيجب على أهل الاختصاص سعة الصدر ومخاطبة الناس على قدر عقولهم حتى لا يكون هناك مجال للتنافر أو التباعد وخاصة ونحن على مشارف مناسبات جليلة تحتاج إلى الإعداد والاطلاع والتأكد من أي معلومة ينقلها العلماء والخطباء حفظهم الله، حتى لا نترك مجالا للمتصيدين والبسطاء من الناس في الخوض بما لا يعلمون ولا يفقهون.