آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

الفضول والدهشة

علي العبد العال *

كل إنسان مجبول على الفضول، الفضول أداة أساسية تُحرك التساؤلات والانطباعات الذي يشهدها الإنسان. حينما يسافر إلى مدينة جديدة، ويتناول وجبة مختلفة عما اعتاده، ويتعرف على أُناس من ثقافات مختلفة، يبدأ فضوله يأخذ بعدًا مختلفًا، يُعبّر عن اندهاشه من خلال التساؤلات الذي يطرحها. قد يتساءل حول العادات والتقاليد وأسلوب الحياة، وما مدى احترامهم للقانون ونظامهم التعليمي وغيرها من التساؤلات. مكمن هذه التساؤلات يرجع إلى فضول الإنسان وحبه للمعرفة. تُثيره الدهشة حينما يتعرف على أشياء وسلوكيات لم يعتدها، بل ربما يحاول البحث أكثر عمقًا. ينبغي ألا يفقد الإنسان الدهشة، أن لا يبقى تحت تأثير السكون والجمود. الدهشة سفر يستكشف به الإنسان عوالم أُخرى، لا عالمه الذي آلفه واعتاده.

الدهشة وسيلة للمعرفة، بل تأخذ حيزًا كبيرًا للوصول إلى المعرفة، من خلال الدهشة يتأمل الإنسان ما يقرأه في الكتب أو من خلال الحوار والنقاش مع الآخرين، وكذلك حينما يتلقى دروسه في مجال الدراسة. يقول زكي الميلاد في كتابه الفكر والمجتمع كيف نتخلق بالفكر؟: «الدهشة بالمعنى الفكري هي حالة من التنبُّه الذهني اليقظ التي يتكثَّف فيها التأمُّل ويتركَّز». ويضيف أيضاً، «والأصل في الفكر أن يُعرف بالدَّهشة وإثارة الدهشة». أصحاب الأفكار الرتيبة بالضد من الفضول والدهشة، كل ما يُثير الفضول والدهشة يحاربونه، لأنهم يريدون للآخرين أن يبقوا في إطار فكري منغلق.

الكون مليء بالأسرار، تجعل الإنسان يندهش، يُثيره الفضول نحو المعرفة، اكتشافات العلماء ونتاجهم يرجع لفضولهم ودهشتهم. توسيع الخيال، وإثارة الدهشة، وفسح المجال للفضول، يحفز الإنسان أن يغوص في خبايا الكون وأسراره. موت الفضول والدهشة، يعني الخلود في جحيم. هل يمكننا إفساح المجال لتحرير الفضول والدهشة من الإطارات المنغلقة إلى التأمل في العالم ومحاولة معرفة أسراره؟