نظرة قاصرة
التعاطي مع الكفاءات الاجتماعية بطريقة انتقائية، تحرم المجتمع من الاستفادة منها، خصوصا وأن الاحتضان الانتقائي يسلب البيئة الاجتماعية من الاستفادة من الإمكانات والقدرات المتوافرة لدى الكفاءات، نظرا لتغليب النظرة القاصرة والإقصائية على مبدأ تكافؤ الفرص، الأمر الذي يكرس الانعزالية لدى الكفاءات، والابتعاد عن الأضواء، جراء التركيز على إنصاف الكفاءات، وعدم فتح الطريق أمام الأدمغة للحصول على الفرص المناسبة، لإظهار الإمكانات بطريقة طبيعية.
النظرة الإقصائية تجاه الكفاءات، تارة تنطلق من قصور في التعاطي السليم، وانعدام في الرؤية الشاملة لاحتضان هذه العناصر، بما يعود على البيئة الاجتماعية بالفائدة الكبرى، وتارة أخرى تنطلق من الحساسيات والحسد، والعمل على القضاء على هذه الكفاءات بشتى الوسائل، حيث تلعب الثقافية العدائية دورا كبيرا في عدم إتاحة الفرصة أمام الكفاءات، لممارسة دورها الطبيعي في المجتمع، فأصحاب النظرة القاصرة ينظرون إلى الكفاءات بطريقة عدائية، نظرا لإدراك هذه الفئة بخطورة فتح المجال أمام أصحاب الكفاءات، لممارسة دورها في البيئة الاجتماعية، الأمر الذي يدفع لانتهاج الطريقة الإقصائية، للحيلولة دون استحواذ أصحاب الكفاءات، على الساحة الاجتماعية.
تلعب البيئة الاجتماعية دورا حيويا، في استبعاد أو احتضان الكفاءات، فإذا كانت تحمل الوعي الكافي للتعاطي بإيجابية مع الكفاءات، فإنها ستحاول تجاهل كافة الدعوات الساعية، لتكريس النظرة الإقصائية، وعدم الاستجابة للتحركات التحريضية، التي تمارسها بعض الفئات تجاه الكفاءات، بينما ستكون الاستجابة سريعة بمجرد انعدام الوعي اللازم لدى البيئة الاجتماعية، بحيث يتجلى في محاربة تلك الكفاءات بمختلف الأشكال، الأمر الذي يكرس الواقع البائس في المجتمع، جراء استبعاد الكفاءات من المشهد الاجتماعي، وفتح الطريق أمام الجهات غير الكفؤة.
يتحمل أصحاب الكفاءات جزءا من المسؤولية تجاه المجتمع، مما يفرض مقاومة مختلف أشكال الحروب الإقصائية، خصوصا وأن الاستجابة الطوعية ورفع الراية البيضاء، للحرمان من ممارسة الدور الطبيعي، يشجع أصحاب النظرة الإقصائية على التمادي في الممارسات، نظرا لوجود أجواء مشجعة على الاستمرار في حرمان الكفاءات، من الحصول على الفرص لإظهار إمكانياتها، وقدراتها في المجتمع، وبالتالي فإن الوقوف بقوة أمام جميع المحاولات الإقصائية، يسهم في وضع الأمور بالمسارات السليمة، مما يخلق حالة من التوازن، وعدم فرض الواقع ”السلبي“ على البيئة الاجتماعية، نتيجة وجود إرادة قوية بعدم الاستسلام للتحركات الساعية، لقتل الكفاءات في البيئة الاجتماعية.
كشف الأهداف الحقيقية الكامنة، وراء إقصاء الكفاءات أمام الرأي العام، يشكل إحدى الأدوات القادرة على وضع الأمور في الطريق السليم، خصوصا وأن أصحاب النظرة القاصرة يمارسون ”التجهيل“ تجاه البيئة الاجتماعية، من أجل تمرير التحركات السلبية تجاه الكفاءات الاجتماعية، وبالتالي فإن رفع الغشاوة عن عيون المجتمع، يساعد في أحدث تحولات ملموسة تجاه التعاطي المسؤول، مع الكفاءات الاجتماعية، بمعنى آخر، فإن السكوت أمام عمليات ”التجهيل“ لا يخدم المجتمع، بقدر ما يكرس الواقع السلبي، وقتل الكفاءات على اختلافها، لا سيما وأن تلك العناصر تمتلك الأدوات لفتح الطريق أمام الارتقاء بالعديد من الفئات الاجتماعية.
النظرة القاصرة في التعاطي المسؤول مع الكفاءات، بمثابة جرثومة قاتلة في البيئة الاجتماعية، بحيث لا تقتصر أضرارها على شريحة دون أخرى، وإنما تشمل الكثير من الفئات الاجتماعية، خصوصا وأن الجهل لا يصب فئة محددة، ولكنه يخيم على العقول في الغالب، وبالتالي فإن النظرة القاصرة تنطلق في البداية من أهواء وأغراض شخصية، ولكنها سرعان ما تتحول إلى مرض اجتماعية، يشكل خطورة كبرى على مختلف الأجيال، نظرا للتداعيات الخطيرة المترتبة على تكريس النظرة القاصرة، في العقل الجمعي تجاه التعامل المسؤول مع الكفاءات على اختلافها.