تتأثر النمل بالعزلة الاجتماعية كما يتأثر البشر
9 أبريل 2021
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 156 لسنة 2023
Ant responses to social isolation resemble those of humans
April 9,2021
يتأثر النمل بالعزلة الاجتماعية [1] كما يتأثر البشر والثدييات الاجتماعية الأخرى [2] . كشفت دراسة أجراها فريق بحث عن تغييرات في السلوك الاجتماعي والصحي للنمل المعزول عن مستعمرته. تفاجأ فريق البحث بشكل خاص من حقيقة أن جينات المناعة والتوتر أصبح لها تنظيم بالإنقاص [بمعنىً آخر أصبحت هذه الجينات أقل نشاطًا] [3] في أدمغة النمل المعزول. قالت البروفسور سوزان فويتزيك Susanne Foitzik، التي قادت الدراسة في جامعة يوهان غوتنبرغ في ماينتس الألمانية «JGU»: ”وهذا يجعل جهاز المناعة أقل كفاءة، وهي ظاهرة بارزة أيضًا في المنعزلين اجتماعيًا من البشر - لا سيما في وقت أزمة COVID-19“. نُشرت الدراسة التي أجريت على نوع من النمل من الأصل الألماني مؤخرًا في مجلة الإيكلوجيا الجزيئية [4] Molecular Ecology.
يشعر البشر والثدييات الاجتماعية [2] الأخرى بعزلتهم عن مجموعاتهم كمسبب للتوتر، وله تأثير سلبي في رفاهية الانسان [5] العام ورعاية / رفاهية الحيوان [6] وصحة الجميع البدنية. وأضاف البروفسور إينون شارف Inon Scharf، المؤلف الرئيس للورقة والمتعاون مع مجموعة مايننتس البحثية. على الرغم من أن دراسة تأثيرات العزلة في الثدييات الاجتماعية، بما فيها البشر والفئران، كانت مستفيضة، لا يُعرف الكثير عن مدى استجابة لـ «تأثر» الحشرات الاجتماعية «النمل، مثلًا» بحالات مماثلة - ولو أنها تعيش في أنظمة اجتماعية متطورة جدًا «7». النمل، على سبيل المثال، يعيش حياته بأسرها كعناصر في نفس المستعمرة ويعتمد على النمل الآخر فيها. تتخلى عاملات النمل عن قدراتها الإنجابية وتكرس نفسها لتغذية اليرقات وتنظيف مسكن النمل والدفاع عنه والبحث عن الطعام، بينما لا تقوم الملكة بأكثر من مجرد وضع البيض.
النمل من نوع ثيمنوثوريكس نيلاندري [8]
درس فريق البحث تبعات العزلة الاجتماعية في حالة النمل من نوع ثيمنوثوريكس نيلاندري [8] Temnothorax nylanderi. يتخذ هذا النمل من تجاويف في شجر السنديان «شجر البلوط» والأخشاب على الأرض في الغابات الأوروبية، ويشكل مستعمرات من بضع عاملات. العاملات الصغيرات سنًا المشغولة في رعاية اليرقات أُخذت كعينات بشكل منفرد من 14 مستعمرة وحفظت في عزلة عن بعضها لفترات زمنية متفاوتة، امتدت من ساعة واحدة إلى 28 يومًا كحد أقصى. أجريت الدراسة بين يناير ومارس في عام 2019 وسلطت الضوء على ثلاثة جوانب معينة لوحظت فيها تغييرات. بعد انتهاء فترة عزلتها، أصبحت العاملات أقل اهتمامًا بملكات المستعمرة، لكن زاد طول الفترة الزمنية التي قضتها مع اليرقات؛ لقد أمضت أيضًا فترة أقصر في العناية بنفسها وتنظيف جسمها. أوضحت البروفسور سوزان فوتسيك أن ”هذا التقلص في سلوك النمل الصحي قد يجعلها أكثر عرضة للطفيليات، ولكنه يُعتبر أيضًا سمة طبيعية من سمات الحرمان الاجتماعي [9] في الكائنات الحية الاجتماعية الأخرى“.
يؤثر الإجهاد «التوتر» الناجم عن العزلة سلبًا في جهاز المناعة
على الرغم من أن الدراسة كشفت عن تغييرات كبيرة في سلوك الحشرات المعزولة اجتماعيًا، إلَّا أن النتائج فيما يتعلق بالنشاط الجيني كانت أكثر إثارة للدهشة: العديد من الجينات المتعلقة بوظيفة الجهاز المناعي والاستجابة للتوتر حدث لها تنظيم بالإنقاص [3] ، بمعنى آخر، كانت هذه الجينات أقل نشاطًا. قال البروفسور إنون شارف: ”تتوافق هذه النتيجة مع نتائج دراسات أخرى أُجريت على حيوانات اجتماعية أخرى والتي أثبتت تدهور في جهاز المناعة بعد العزلة الاجتماعية“.
يعد الاكتشاف الذي قام به فريق من باحثي علم الأحياء بقيادة البروفسور سوزان فويتزيك هو الأول من نوعه، حيث يجمع بين التحليلات السلوكية والجينية لتأثيرات العزلة الاجتماعية في الحشرات الاجتماعية. ”تثبت دراستنا أن النمل يتأثر بالعزلة كما تتأثر الثدييات الاجتماعية، وتشير إلى وجود علاقة عامة بين الرفاهية الاجتماعية [وهي القدرة على التواصل وتكوين علاقات مع الآخر [10] ]، وتحمل الإجهاد والتصرف بشكل طبيعي [11] ، والكفاءة المناعية [وهي قدرة الجسم على انتاج استجابة مناعية حين يتعرض إلى مستضدات [12] ] في الحيوانات الاجتماعية“، كما لخصت فويتزيك نتائج الدراسة.