مشاهير أم أرجوزات؟
الأرجوز أو القراقوز هي كلمة تركية تطلق على دمية يحركها أحدهم لإضحاك الناس. تطور هذا الفن وتنوع وعرف بمسرح الأرجوز.
من جهة أخرى، هناك المهرج، وهو شخص قد يملك بعض المواهب وقد لا يملك، لكنه يحاول إضحاك الناس إما على شكله الملطخ بالمساحيق والألوان أو على طريقة نطقه لبعض المفردات أو أسلوب كلامه وطريقة حركته.
في السابق، كنا نجد الأرجوز أو المهرج في الشوارع والأسواق والميادين يقوم بدوره التهريجي إما لكسب بعض الأموال أو الترويج لخدمة معينة أو شيء معين، حتى لو كان هذا الدور على حساب شكله أو لهجته أو لونه أو عرقه أو قد يكون أحد أقاربه.
مع ثورة التواصل الرقمي وبرامج التواصل الاجتماعي الحديثة، خرج لنا الأرجوز أو المهرج بصورة مختلفة قليلاً، وأصبح البعض يطلق عليهم «خطأً» ”مشاهير السوشيال ميديا“!
هؤلاء ”المشاهير“ ينقسمون إلى قسمين، منهم من يؤدي رسالة اجتماعية وثقافية واقتصادية ومعرفية مهمة لمجتمعه ومحيطه، يقدم رسالته الإنسانية الراقية بأساليب متعددة ويستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد ومفيد لإيصال هذه الرسالة.
هذا الشخص لو أطلقنا عليه «مشاهير الميديا» فهو يستحق اللقب ويستحق أن تتم متابعته للاستفادة من طرحه وما يقدمه من قيم.
ومنهم من يمكن أن نطلق عليهم ”صناع التفاهة“. مجرد مهرجون وأرجوزات يقدمون الضحك للضحك فقط، ويضحون بكل شيء «لهجتهم، لونهم، قراباتهم، مجتمعاتهم،…»، يضحون بأي شيء لإضحاك الناس منهم وعليهم وكسب أرقام متابعة والتي قد تجلب لهم بعض الأموال، ومنهم من يبيع قيمه ومبادئه من أجل جذب مجرد متابعين له وضاحكين عليه.
ما بين هذا وذاك، ما بين مشاهير يؤدون رسالات إنسانية ومنفعة للمجتمع وصناع تفاهة يضحكون على حساب أنفسهم وقيمهم، يمكننا العثور على مجموعة متنوعة من الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي.
كيف تختار من تتابع وتمنحه إعجابك لكي تصبح رقمًا لديه، هنا تقع المسؤولية. هل نحن من صنع هؤلاء التافهون؟ هل نحن من منحهم الفرصة لكي يستهزئوا بنا وعلينا؟ هل من يضحكنا بأسلوب مبتذل ورخيص ولا مسؤول يستحق المشاهدة؟ هل من يهزء من رجل كبير في السن أو ذا احتياجات خاصة أو لديه بعض الصعوبات، هل يستحق المتابعة والمشاهدة؟
سيدتي/سيدي، لتكن قاعدة ”دعه يقف عندك“ هي الأساس في تعاملنا عند مشاهدة أي مقطع نراه فيه أي نوع من الاستهزاء أو السخرية غير المبررة «سخرية لمجرد السخرية». دعه يقف عندك ولا تعيد نشره ولتكن صفيحة المهملات هي مستقرها الأخير.
على المستوى العام، يجب علينا أن نكون حذرين في اختيار من نحتذي بهم ونتابعهم، وعلينا أن نحاول البحث عن مصادر موثوقة للمعلومات والأفكار والترفيه. كما يجب علينا أن نتذكر دائمًا أن ما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي ليس بالضرورة الواقع، وأنه من السهل جدًا تزييف الحقائق وتحريف الصورة الحقيقية للأشخاص والأحداث.
بصفة عامة، يمكننا القول إنه من الأفضل أن نتابع المشاهير الذين يقدمون قيمًا ومحتوى مفيداً، ونتجنب تلك الأشخاص الذين يسعون فقط لجذب الانتباه باستخدام التفاهة والإسفاف على الآخرين.