آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

إدمان الطعام

رضي منصور العسيف *

أخبرني أنه مدمن!

قلت يا ساتر..

ابتسم.. وقال لا تخف... لقد حاولت أن أتخلص من هذا الإدمان، في إحدى المحاولات نجحت وتخلصت منه، ثم ما لبثت في الأسبوع الثاني أن رجعت للمربع الأول... استيقظت ذات ليلة وصرت أبحث وأبحث حتى وجدته... استيقظت زوجتي شاهدتني وأنا متلبس بالجريمة... قالت: ألم أقل لك أنك لن تستمر في المقاطعة!

قلت له ماذا وجدت.. لقد ارعبتني...

أكمل حديثه: ذات مرة نسيت أن أحمل معي شيئاً أتسلى به في العمل... عندما وصلت مقر العمل تعكر مزاجي، وصرت أبحث وأبحث عن شيئاً يسعدني... شيء أحبه... سألت زميلي إن كانت له رغبة بالخروج معي نصف ساعة بحثاً عن ما يهدأني!!

قلت له: أيها المدمن... أظنك أخطأت العيادة... عيادتي ليست عيادة علاج المدمنين!!

قال: لن أجعلك تضطرب أكثر من هذا... أنا مدمن طعام...

تنفست الصعداء... ضحكت وقلت له: تباً لك من ممثل بارع... لقد قتلتني من الخوف...

سألته وماهي السلوكيات التي تمارسها كمدمن طعام؟!

أجابني:

أتناول طعامي في الخفاء والعزلة، كما حدث في تلك الليلة.

أتناول طعامي حتى لو لم أشعر بالجوع. وأتناول أكثر من احتياجي من الطعام.

أملأ الثلاجة بالحلويات والمشروبات الغازية والعصيرات.

مكتبي لا يخلو من البسكويت والحلويات.

أضع كمية كبيرة من السكر في الشاي أو القهوة.

عند تعرضي لضغوط فإنني أتناول أي طعام أجده أمامي.

سألته: بعد هذه السلوكيات بماذا تشعر؟

أجابني: بعض الأحيان أشعر بالسعادة ولكن في كثير من الأحيان أشعر بالندم مما فعلته وأتمنى أنني لم أتناول هذه الأطعمة.

أشعر باضطرابات هضمية والترجيع.

إضافة إلى اضطرابات النوم.

سألته مرة أخرى وماذا عن تأثير هذا السلوك على صحتك؟

أجابني: كما ترى زيادة مفرطة في الوزن، كان 90 كيلوغرام والآن أصبح 120 وأخشى أن يستمر لأكثر من هذا الوزن.

أما مرض السكر فقد حل ضيفاً غير مرحب به منذ 4 أشهر. ومع استخدام العلاج إلا أنه في حالة ارتفاع مستمرة، طبعاً بسبب هذا الإدمان.

هل لديك حل لهذا الإدمان؟!

أخذت نفساً عميقاً وقلت: للتغلب على إدمان الطعام، أعتقد أن عليك اتباع ما يلي:

1» الخطوة الأولى هي التعرف على وجود مشكلة لديك من خلال معرفة العلامات، عندما تفهم ما يحدث في عقلك على المستوى الكيميائي العصبي، فهذا يساعدك على منح نفسك الحب والشفقة بسبب صعوبة التحكم في رغباتك الشديدة واندفاعك للأكل - على الرغم من كونك شبعاناً وعلى الرغم من الآثار السلبية لإدمان الطعام.

2» تناول طعاماً صحياً.

أعتقد أن العلاج الأكثر فعالية هو التخلص من الأطعمة والسلوكيات المحفزة وتجنبها. ويمكن اتباع بعض النقاط:

توفير الأغذية الصحية في المنزل والمكتب.

التخلص من جميع الأغذية غير الصحية.

تناول وجباتك بانتظام، حدد لك وقتاً محدداً لكل وجبة.

إذا كنت تشعر بالجوع بين الوجبات يمكن أن تتناول السلطة أو الخضار كالخيار، الخس، أو حبة فاكهة.

لا تشرب مشروبات سكرية، واحرص على تناول الماء بدلا منها.

3» القناعة والتغيير: لكي تتخلص من الإدمان عليك أن تقتنع أن حالتك الآن غير جيدة، وأن عليك التوقف حالا عن هذا السلوك. وأن تبدأ بالتغيير، توقف عن تلك السلوكيات التي ليس لها معنى.

4» العزيمة ثم العزيمة: لا تقل حاولت وفشلت، كن قوي العزيمة والإرادة وتحدى شهوتك للطعام، ولا تقع أسيراً للطعام. في رحلة التغيير عليك أن لا تستلم عند منتصف الطريق، لابد أن تركز على أن تربح النصف الثاني.

5» الرياضة حيث تسهم الرياضة بشكل كبير في حل مشكلة إدمان الطعام، كما أن لها تأثيرات إيجابية على هرمونات السعادة. لذا فكر في حصة رياضية بدلا من التهام قطعة من الحلوى. خصص لك برنامجاً رياضياً يومياً يشعرك بالاسترخاء ويبعد عنك التوتر والسلبية.

6» المتابعة مع مختص: قد يتطلب الأمر استشارة مختص نفسي، فهو يقدم لك الحلول الصحية.

في نهاية هذا الحوار، ابتسمت لذلك المريض وقلت له: عليك أن تبدأ بالعلاج والتغيير السلوكي ولا تجعل هذا الإدمان يأخذك بعيداً، الحل بيدك... فقط قرر أن تتخلص من هذا السلوك.

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف