إعادة كتابة سردية تطور الإنسان بعد توفر ببيانات جديدة وقوة حوسبية فائقة
أصل البشر لم يكن من منطقة واحدة في إفريقيا، وفقًا لدراسة حوسبية قوية. ولكن أسلافنا تحركوا واختلطوا على مدى آلاف السنين.
18 مايو 2023
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
راجعة عادل عبد الله البشراوي، باحث في الانسان القديم
المقالة رقم 148 لسنة 2023
Human-evolution story rewritten by fresh data and more computing power
18 May 2023
الفكرة السائدة التي تقول بأن أصل البشر الحديث يرجع إلى منطقة وحيدة في إفريقيا لا تزال فكرة مورد الطعن. النماذج التي تستخدم بيانات جينومية ضخمة تفيد بأن أصول البشر جاءت من فئات متعددة من الأسلاف قطنت جميع أنحاء القارة الأفريقية. هذه المجموعات السكانية القديمة - التي عاشت قبل أكثر من مليون سنة - كان من شأنها أن تكون من نفس أجناس البشر hominin [بما فيها الانسان الحديث وأسلافه [1] ] إلَّا أنها كانت مختلفة قليلاً من الناحية الجينية.
تعتمد النماذج التي تدعم هذه النظرية على برامج جديدة وبيانات التسلسل الجيني من السكان الحاليين في إفريقيا وأوراسيا، بالإضافة إلى بقايا إنسان أل نياندرتال. نشر الباحثون النتائج في 17 مايو في دورية نتشر [2] Nature.
هذه الدراسة دعمت بقرائن كثيرة الفكرة التي تقول أنه ”لا يوجد مسقط رأس واحد للبشر في إفريقيا وأن عملية النشوء والتطور البشري هي عملية لها جذور أفريقية عميقة جدًا“، بحسب إليانور سكري Eleanor Scerri، باحثة في علم الآثار التطوري في معهد ماكس بلانك لعلوم الأرض في جينا Jena الألمانية.
نظرية الأصل الواحد للبشر لا تزال نظرية شائعة منذ عقود، وتستند جزئيًا على أساس السجلات الأحفورية. تقول سكري إن النظرية لا تتطابق مع البيانات تطابقًا جيدًا. جميع الأدوات المستخدمة والسمات الطبيعية المنسوبة إلى الإنسان «هومو سبينز» التي ظهرت للعيان في جميع أنحاء إفريقيا في نفس الحقبة تقريبًا، والتي امتدت من 300 ألف إلى 100 ألف سنة. لو كان مسقط رأس البشر واحدًا، لتوقع باحثو علم الآثار أن يعثروا على المزيد من الأحافير «المتحجرات» الحديثة بعيدًا عن النقطة المركزية،
أصل الأسلاف
الأجناس القديمة من البشر، أو ”أصل «جذر» الأسلاف“، كان من ضمنها مجموعات محلية يعتقد أنها تزاوجت مع بعضها البعض على مدى آلاف السنين، وتشاركت فيما بينها بأي من الاختلافات الجينية الي تطورت «تغيرت» معها على مدى هذه الفترة الزمنية. وتنقلوا أيضًا في أنحاء إفريقيا على مر الزمن. تقول سكيري: ”جذورنا تكمن في مجموعات سكانية متعددة متكونة من مجموعات سكانية محلية متفرقة“. تشابكت هذه الأصول المختلفة قليلًا معًا من الناحية الجينية وأدت إلى انبثاق مفهوم التطور البشري الذي وصفه الباحثون بأنه ”أصل غير واضح المعالم“ - وهو أشبه ما يكون بالكرمة المتشابكة أكثر من أن يكون أشبه ي ”شجرة الحياة“. [المترجم: شجرة الحياة هي مفهوم يستخدم في مجالات العلم والإلهيات والفلسفة والميثلوجيا. وتصور هذه الشجرة العلاقة الترابطية بين جميع أشكال الحياة على كوكب الأرض، وهي تشبيه ترمز للأصل المشترك لأشكال الحياة بالمعنى التطوري [3] ]..
على الرغم من أن فكرة مراكز الأصول المتعددة ليست جديدة، إلا أن تفسير الأصل غير الواضح المعالم هو تفسير جديد. النماذج الأخرى التي تستكشف الأصول المتعددة لم تستخدم العديد من المحدِدات parameters التي استخدمتها هذه الدراسة، كما تقول المؤلفة المشاركة برينا هين Brenna Henn، باحثة في علم الوراثة البشرية في جامعة كاليفورنيا، في مدينة ديفيس.
استخدم الفريق برنامجًا طوره المؤلف المشارك سايمون غراڤيل Simon Gravel من جامعة ماكغيل McGill في مونتريال، كند، هذا البرنامج تمكن من تنسيق القوة الحوسبة الفائقة اللازمة للنمذجة الموسعة. البيانات الجينية لم تكن كافية في الدراسة السابقة. لأنها ركزت بشكل أساس على غرب إفريقيا، مما يعني أنه لم يُدرج كل التنوع الجيني الواسع في القارة الأفريقية. أدى ذلك إلى تكوين صورة غير مكتملة عن مدى اختلاط أسلاف الإنسان الحديث وتحركهم / تنقلهم في جميع انحاء القارة، وتطلب ذلك من الباحثين وضع افتراضات لسد الفجوات في هذه المعرفة.
البيانات الجينومية
هذه الدراسة أدرجت بيانات تسلسل الجينوم من سكان شرق وغرب إفريقيا الحاليين وشعب ناما [4] Nama في جنوب إفريقيا. ساعد التوسع في البيانات الجينومية الباحثين على فهم وتتبع الحركة التاريخية للجينات عبر الأجيال.
”أردنا بالفعل أن نجلس ونقيِّم النماذج بشكل منهجي وبطريقة إبداعية“. ”هذا النموذج يُعتبر نموذجًا واقعيًا جديدًا للتطور البشري.“
استخدمت النماذج عوامل متغيرة مثل الهجرة واندماج السكان للتنبؤ بحركة الجينات على مدار آلاف السنين. هذه التنبؤات قُرنت لاحقًا بالاختلاف الجيني الذي نشهده اليوم لمعرفة أي النماذج تتطابق مع البيانات بشكل أفضل.
أحد التفسيرات المقترحة سابقًا [5] للتنوع البشري اليوم هو أن الإنسان العاقل اختلط بأجناس بشرية قديمة أخرى تفرعت وأصبحت معزولة. لكن هين وزملاءها وجدوا أن نموذج الأصول غير الواضح المعالم كان هو الأنسب، مما يعطي تفسيرًا أوضح للتنوع الذي نراه في البشر في الوقت الراهن.
في النهاية، لا تزال الأسئلة كثيرة حول أصول البشر. ترغب هين Henn إضافة المزيد من عينات الحمض النووي من مناطق أفريقية أخرى إلى هذه النماذج لمعرفة ما إذا كان ذلك سيغير من نتائجها. وتأمل أيضًا في استخدام البيانات للتنبؤ بالسجل الأحفوري، على سبيل المثال، ما هي السمات التي يمكن أن نتوقعها في متحجرات بشرية من منطقة معينة.