الرفق بالحيوان واجب دينيّ وليس الإفراط في تدليله!
يظن الكثير أن مسألة الرفق بالحيوان وحسن معاملته مفهوم وصل إلينا من الغرب، فهم - الغربيون - يربون الحيوانات ولهم قوانين تمنع أذاها ومؤسسات رعاية وأماكن طبابة ومآوٍ وغير ذلك من مظاهر الرفق بالحيوان!
على العكس من ذلك تمامًا، فقد شرع الإسلام وأوصى بالرفق بالحيوان وتوعد من يخالف ويؤذي حيوانًا عقابًا أخرويًّا قبل تبني الغرب مفاهيم الرفق بالحيوان بكثير! مفهوم الرفق بالحيوان ظهر عندنا قبل الغرب بقرون عديدة، وفيما عدا أمور الطهارة والنجاسة وأمور شرعية خفيفة وإلا فالإسلام دين يعطي للحيوانِ حقوقًا كبيرةً وكثيرة جدًّا. إنما الإفراط في تدليل ومصاحبة بعض أنواع الحيوانات ظاهرة في أعمها تقاليد وعادات غربية المنشأ!
من روائع التشريع الإسلامي أن نجد فيه أوامر كثيرة بالرفق واللطف بالحيوان منذ أمد بعيد، وليس بالضرورة تدليلها وملاطفتها، وسواء وجد مثل هذه التشريعات في الغرب أم لا، فالأمر سيّان، علينا أن نعرف تلك الأوامر ونتعامل بها ولا نخالفها. وعلى ما يبدو أن الفرق الواضح بين الغرب والمسلمين أن حسن معاملة الحيوان فيه رصيد من الثواب قد يكون مفتاحًا لأبواب السماء والعفو عن بعض الذنوب كما تذكر ذلك الأحاديث والآثار الدينية.
التراث الإسلامي مليء بالشواهد الواضحة على الحث بالرفق بالحيوان وإن كان الرفق لا يعني أن نسارع إلى اقتناء الحيوانات والتنزه بها في الأماكن العامة ومداعبتها والمشي معها بين الناس. أعطي القارئ الكريم وخصوصًا أبناء وبنات الجيل الحاضر بعض الشواهد على ذلك لأنني أرى ”بعضهم“ يتنزهون ومعهم كلاب، مع أنني لست من المؤيدين لاقتناء الكلاب والحيوانات التي تسالم المجتمع على عدم تربيتها:
كان الإمام علي بن الحسين في سفر وكان يتغذى وعنده رجل فأقبل غزالٌ في ناحية يتقمم وكانوا يأكلون على سفرة في ذلك الموضع فقال له الإمام علي بن الحسين ادن فكل فأنتَ آمن فدنا الغزال فأقبل يتقمم من السفرة فقام الرجل الذي كان يأكل معه بحصاة فقذف بها ظهره فنفر الغزالُ ومضى فقال له الإمام علي بن الحسين أخفرتَ ذمتي لا كلمتكَ كلمةً أبدًا.
عنه ﷺ: للدابة على صاحبها ستّ خصال: يعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماءَ إذا مر به، ولا يضربها إلا على حق، ولا يحملها ما لا تطيق، ولا يكلفها من السير إلا طاقتها، ولا يقف عليها فواقا.
الشواهد كثيرة جدًّا والفكرة مختصرة هي: أن على من يقتني حيوانًا أن يعطيه ما له من حقوق ويرفق به ”الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء“، كما يجمل به أن يراعي سلامة الذوق العام والقوانين المعمول بها.