أهمية الالتزام التنظيمي
تكمن أهمية الالتزام التنظيمي في حقيقة أن المنظمات تسعى لالتزام الأفراد تجاهها، والتفاني في خدمتها، من خلال تقديم أداء متميز يحقق أهدافها «المعاني، 2005». يرجع اهتمام المنظمات بالالتزام التنظيمي إلى ارتباطه الوثيق بعدد من الظواهر السلوكية المتعلقة بسلوك الموظف. الالتزام، مثله مثل أي متغير سلوكي آخر، ليس يمثل حقيقة ملموسة، بل هو مصطلح مطلق وغير محسوس في حد ذاته ويستدل عليه من خلال الآثار الناتجة عن توافره لدى الفرد أو عدمه. كما أنه لا يمكن الحصول على الالتزام جاهزا، أو بفرضه فرضًا بوسائل الإكراه المختلفة، بل إنه نتيجة لتفاعلات العديد من الأنظمة التفاعلية والسياسات والسلوكيات التي تتأثر بالعديد من المتغيرات، فهو ليس عاملا أو نظاما، بل هو نتيجة للعديد من النظم والسياسات والسلوكيات المتفاعلة، ويؤثر فيه العديد من المتغيرات «الفهداوي والقطاونة، 2004». كما تكمن أهمية الالتزام التنظيمي لدى صانعي القرار والمديرين في المنظمات، في كونه إحدى المتغيرات الواجب تنميتها لدى العاملين، لما له من نتائج إيجابية على مستوى الفرد والمنظمة على حد سواء، نذكر منها:
كلما زاد عدد الموظفين الملتزمين تجاه المنظمة التي يعملون بها، زادت احتمالية بقائه في المنظمة والعمل بجدية أكثر وبحالة من الاستقرار. «Meyer J.1990»
يرتبط الالتزام التنظيمي كثيراً باتجاهات العاملين نحو العمل، وله تأثير إيجابي على سلوكيات الفرد المنعكسة على معدلات دوران العمل والتغيب «الشوواة، 2011».
يعتبر الالتزام التنظيمي عنصر مهم بين المنظمة وموظفيها لا سيما في الأوقات التي تستطيع فيها المنظمات أن تقدم الحوافز المناسبة لدفع هؤلاء الأفراد العاملين للعمل وتحقيق أعلى مستوى من الإنجاز. «الشوواة، 2011»
يعكس الالتزام الوظيفي إلى حد كبير مدى انتماء الفرد للجماعة والمنظمة التي يعمل فيها، وبالتالي مدى رغبته في تحسين الأداء وارتقاء بنوعية وكمية الإنجاز، وبالتالي رفع مستوى كفاءة الأداء المالي. «الشوواة، 2011»
العلاقة إيجابية بين الالتزام التنظيمي والنتائج المرغوبة في المنظمات مثل دوران العمل والتغيب، والتأخر عن الدوام وهي نتائج تعزى إلى التزام أكثر من الرضا الوظيفي. «حريم، 2004»
يعتبر ولاء الأفراد والتزامهم تجاه منظماتهم عاملاً هاماً في التنبؤ بفاعلية المنظمة. «هيجان، 1998»
توجد علاقة سببية بين التزام الفرد وأدائه، فالفرد الذي يزداد التزامه تجاه منظمته يزداد إقباله وحماسته للعمل ويزداد إخلاصه ما يعني ارتفاع مستوى أدائه. «الشعلان، 2004»
سهولة استجابة المنظمة وتكيفها وتأقلمها مع المتغيرات البيئية المحيطة بها، وارتفاع الروح المعنوية لدى العاملين في المنظمة. «دودين، 2012»
هناك العديد من فوائد الالتزام التنظيمي لدى الموظفين، تجني ثمارها المنظمات، بما في ذلك الالتزام التنظيمي هو عنصر رئيسي ومؤثر في خلق الإبداع بين الموظفين في المنظمة، ويساهم في الأداء المتميز للعمل، لأنه يولد الرغبة والميل إلى البقاء في المنظمة، مما يقلل من الآثار التي قد تنجم عن دوران العمل. كما يساهم ارتفاع الالتزام التنظيمي لدى العاملين في خفض التكاليف، بسبب ارتفاع درجة الالتزام التنظيمي، مما يساعد على مواجهة العديد من السلوكيات المرفوضة والحد منها، مثل: الإضرابات واللامبالاة في العمل والسرقة والتخريب Buchanan، 2007».
يلعب الالتزام التنظيمي دورًا مهمًا في رفع الروح المعنوية لدى العاملين يجعلهم يحبون عملهم والمنظمة التي يعملون فيها، وحسهم على العمل بتعاون وحماس لتحقيق أهداف المنظمة، في حين يؤدي انخفاض الالتزام التنظيمي لدى العاملين إلى خفض الروح المعنوية، بما يؤدي إلى السلبية والتراخي والتكاسل في العمل، وتكرار الغياب، والأداء المنخفض، وغير ذلك من المشكلات السلوكية. «ديفز، 2004».
وفقاً لـ «Rebecca & Tolentino، 2013» هناك علاقة ارتباط وثيقة بين أهداف المنظمة وقيمها، وقبول الأهداف والقيم والرغبة في بذل جهد معقول نيابة عن المنظمة ورغبة قوية لدى أعضاء المنظمة في البقاء والاستمرار، وتم تعريفه من منظور نفسي على النحو التالي: الربط النفسي الذي يربط الفرد بالمنظمة، مما يدفعه إلى الاندماج في العمل وتبني قيم المنظمة، مما يؤثر في إنتاجية المنظمة وفاعليتها «Qaisar، 2012»، وأكدت الدراسات أن الالتزام التنظيمي يساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف المنظمات وإنجاز الأعمال بكفاءة «أقل وقت وجهد وتكلفة» من خلال دمج أهداف العامل مع أهداف المنظمة، بالإضافة إلى أنه كلما زادت فترة بقاء العاملين فيها زادت خبرتهم وكفاءتهم، وذلك يزيد إنتاجيتهم وبالتالي تزداد إنتاجية المنظمة، حيث تشير الدراسات إلى أن طول خدمة العاملين يزيد من إنتاجيتهم، كما يؤدي إلى تطوير وتنمية العلاقات الاجتماعية داخل وخارج العمل، فكلما زادت العلاقات الاجتماعية أصبح الفرد أكثراً وعياً وإدراك لجاذبية العمل الذي يعمل فيه، والارتباط النفسي بالمنظمة، وبالتالي ارتفاع مستوى الإنتاجية «Sutanto، 2011».
وأكدت دراسة «Salleh & Aziz، 2013» على وجود علاقة ارتباط بين الالتزام التنظيمي بمجموعة من المخرجات المهمة، أولها الأداء الوظيفي، ثم السلوك الاجتماعي داخل الوظيفة بالإضافة إلى المبادرة والإبداع، كما أن نتائج الالتزام التنظيمي تصب في مصلحة المجتمع ككل؛ من خلال تقليل معدل الدوران وارتفاع جودة وفاعلية العمل وبالتالي ارتفاع الإنتاجية القومية.
يرتبط الالتزام التنظيمي ارتباطاً مادياً ومعنوياً بالفرد من خلال الاقتناع والإيمان بأهمية أهداف المنظمة، والتي تنعكس على أدائه وإنتاجيته وفقاً لمستوى الالتزام التنظيمي، وأن فهم الالتزام التنظيمي والالتزام بالعمل يساعد على تحليل السلوك الإداري وفهمه وتعديله، كما أنه يسلط الضوء على الطاقات وتميز الأداء، لذا يعتبر الالتزام التنظيمي مؤشراً لتقييم أداء العاملين «Yeh، 2012».
وقد حظي موضوع الالتزام التنظيمي باهتمام في الفكر الإداري، مما يشير إلى وجود تأثيرات مهمة للالتزام التنظيمي على سلوكيات واتجاهات العديد من الأفراد وماله من انعكاسات على الفرد والمنظمة على حد سواء «يوسف، 1999».
وتتمثل أهمية الالتزام التنظيمي في النقاط التالية:
- يمثل الالتزام التنظيمي عنصراً هاماً في ارتباط الفرد بالمنظمة خاصة في الأوقات التي لا تقديم المنظمة فيها الحوافز الملائمة لدفع العاملين للعمل وتحقيق أعلى مستويات الإنجاز.
- أنه يعد مؤشراً قوياً على ببقاء الأفراد في منظماتهم ويعطي دلالة أكثر من الرضا الوظيفي.
- يعتبر التزام الأفراد بمنظماتهم عاملاً هاماً في التنبؤ بفاعلية المنظمة. «هيجان، 1998م».
- أن الالتزام التنظيمي هو وسيلة للمحافظة على سلامة المنظمة كي تتمكن من البقاء والاستمرار.
وبالتالي، فإن قوة درجة الالتزام لدى العاملين تعني فاعلية المنظمة وسلامة بيئتها الداخلية، ودعم الأداء الإبداعي والممارسة الابتكارية للموظفين، مما يجعل الالتزام سراً من أسرار الريادة والتفوق وهو وضع مثالي تسعى له جميع المنظمات بلا استثناء.