آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

سلسلة: إنك ميتٌ ومبعوث «وأشرفت بزلازلها»

نجاة آل إبراهيم *

﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ الزمر - 68

سُكون رهيب يُخيّم على كلّ شيء.

انتهى الزمان وفات الأوان.

صمتٌ عجيب وهدوء.

ليس هناك سوى موتى وقبور.

صيحة عالية صاخبة تشق الصمت.

يدوي صوتها في الفضاء.

إنها ”النفخ في الصور“

أول مرحلة من مراحل يوم القيامة.

صورة فنية رائعة، جمالها في قوة التصوير القرآني لمشاهد التأثير في النفس البشرية والإنسانية وفي إيصال المعنى للهدف المباشر، صورة تجمع أحداثاً قوية مثيرة، تصل مابين آخر أيام الدنيا وأول أيام الآخرة.

♦ النفخ لغة:

نُفخ في البوق «بعث فيه ريحا بقوة ليُحدث صوتاً»

♦ الصُّور

في لغة العرب هو:

القرن «يشبه البوق» وسُمي بالقرن لانهم كانوا يصنعونه من قرون الحيوانات، ينفخون فيه من جهه فيخرج الصوت عالياً من الجهة الأخرى.

♦ اصطلاحا:

هو قرنٌ ينفخ فيه نفختان:

«إحداهما»:

لفناء من كان حياً على الأرض، وسينهار كل عالم الوجود ويخر ميتاً كل من في السماوات والأرض.

وتسمى «نفخة الإماته»

«والثانية»:

يتجدد عالم الوجود وتعود الحياة الى الأموات مرة أخرى.

وتُسمى «نفخة الإحياء».

♦ الفترة الزمنيَّة بين النفختين:

يُستفاد من آيات القرآن الكريم بشكل عام، أنَّ هناك فاصلة زمنية بين نفختي الإماتة والإحياء، وأنَّ تعبير «ثمَّ» الوارد في الآية يؤكد هذا الفاصل.

🔺سُئل الإمام السجّاد علي بن الحسين عن النفختين في الصور كم بينهما؟

فقال : ما شاء الله.

قال السائل: فأخبرني يا ابن رسُول الله كيف يُنفخ فيه؟

فقال:" أمَّا النفخة الأولى فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يأمر إسرافيل فيهبط إلى الدنيا ومعه الصّور وللصّور رأس واحد وطرفان، وبين رأس كلِّ طرف منهما إلى الآخر مثل ما بين السماء والأرض، فإِذا رأت الملائكة إسرافيل قد هبط إلى الدنيا ومعه الصُّور، قالوا: قد أذن الله في موت أهل الأرض، وفي موت أهل السماء، قال: فيهبط إسرافيل بحظيرة بيت المقدس، وهو مستقبل الكعبة، فإذا رآه أهل الأرض قالوا: قد أذن الله تعالى في موت أهل الأرض، فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطّرف الذي يلي الأرض، فلا يبقى في الأرض ذو روح إلاّ صعق ومات، ويخرج الصوت من الطرف الذي يلي السماوات، فلا يبقى في السماوات ذو روح إلا صعق ومات إلا إسرافيل، قال: فيقول الله لإسرافيل: يا إسرافيل مُتْ، فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر السماوات فتمور، ويأمر الجبال فتسير، وهو قوله تعالى ﴿يَوْمَ تَمُورُ * السَّمَآءُ مَوْراً * وَتَسِير الْجِبَالُ سَيْراً الطور: 9 - 10

•• وقد ورد في بعض الروايات أنَّ أمد هذه الفاصلة ما بين النفختين أربعون سنة، ولا أحد يعلم هل أنَّ هذه السنين من سنيِّ الدنيا أم من سنيِّ الآخرة التي يعادل كلُّ يوم منها خمسين ألف سنة.

دور الأمواج الصوتية في تفعيل الإنفجارات:

  للتقريب الذهني  

يقول الباحثون في هذا المجال: إنَّ أفضل طريقة لتوليد أخطر أنواع الذبذبات الصوتية الفعالة والشديدة، هي أن نولِّد الصوت من خلال ما يشبه البوق، على شكل حلزون هوائي، وهو جهاز يشبه القرن،

وهذا القرن الذي وجده العلماء أكثر كفاءة لإنتاج الأصوات القاتلة، أوضحته آيات القرآن وأوضحته الرواية السالفة عن الإمام زين العابدين .

لأنَّ هذه الطريقة ستولِّد الموجات الصوتية ذات الترددات تحت الصوتية والتي تُعتبر الأخطر على الإنسان والحيوان والجماد.

فعندما يتعرَّض الإنسان لتردُّدات صوتية عالية فوق سمعية

تتعرض الأذن لآلام واضحة، فتنفجر طبلة الأذن، ويبدأ القفص الصدري بالاهتزاز، ويتعرض الإنسان للغثيان والسعال الحاد وضيق شديد في التنفس، وبعد ذلك تنفجر الرئتان،

ثمَّ أكثر من ذلك تتأذى كلُّ أنحاء الجسم وتنتهي باضطرابات في عمل القلب والدماغ وتكون النتيجة هي الموت.

وتتعالى الترددات فترتفع درجة حرارة الجسد، ثمَّ يبدأ بالإحتراق، بسبب موجات الضغط العالية التي تسخِّن الهواء من حوله.

وعندما تكون الترددات عاليةً والصوت شديداً فإنَّ هذا الصوت سيولِّد فقَّاعات في الجسم، وجروح دقيقة، ويبدأ النسيج العضلي بالتمزق، ويصبح الإنسان غثاء كغثاء السيل.

وهذا الصوت لا يؤثر على الأذن فحسب، بل إنَّه يؤثِّر على العظام والجلد وتجاويف الجسم، وكذلك على النظام العصبي لدى الإنسان.

هذا بحسب تصورنا للانفجارات التي تحدث في عالمنا المادي أما «آثار النفخة الإلهية العظيمة» فهي خارج تخيلاتنا لأن علمنا المحدود لايمكنه إدراك سوى ظل هذه الأمور ومن بعيد.

انتظرونا قريباً في «مرحلة مابعد النفخ في الصور»

«اللهم أمّنّا يوم الفزع الأكبر وأحسن وقوفنا بين يديك».

المصادر

موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم - عبد الدائم الكحيل

رحلة الآخرة - إعداد ونشر جمعية المعارف الثقافية
مسؤولة اللجنة النسائية في جامع الإمام الرضا بصفوى