حماية الأسرة مفتاحا لتحقيق الرؤية
في الخامس عشر من مايو احتفل العالم باليوم العالمي للأسرة، وذكرت الأمم المتحدة أن السياسات الأسرية هي الدعامة الأساسية للسياسات الوطنية العامة، والوسيلة الأكثر نفعا للحكومات في سعيها لصنع تأثير حقيقي لصالح مستويات معيشة الأجيال المقبلة، وتعكس الجهود المبذولة في تحقيق التطلعات المتصلة بأهداف التنمية المستدامة.
لأن الأسرة لبنة المجتمع، والمجتمع الحيوي من ركائز الرؤية الوطنية فحوكمة خدمات الأسرة الصحية والنفسية والتربوية والاجتماعية وسياستها ضرورة لما يترتب على ذلك من تأثيرات فكرية وسلوكية وصحية وأمنية تؤثر على الفرد والمجتمع.
من جانب الصحة، جدد معالي وزير الصحة شعار طبيب أسرة لكل أسرة، ويتحقق بوجود طبيب أسرة لكل 1000-1500 من السكان بحسب المعايير العالمية، كي يقدم رعاية شاملة وقائية وعلاجية وتأهيلية لجميع أفراد الأسرة.
طب الأسرة من أبرز التخصصات الطبية التي لها دور رئيس في تحسين مستوى الصحة العامة والوقاية من الأمراض ورفع مستوى جودة الحياة، وهو بوابة مكافحة الجوائح والأوبئة، وتخصص طب الأسرة يمتد من الطب البشري، ويتميز بشموليته لاعتنائه بالجوانب العضوية والنفسية والمجتمعية في التعامل مع المشاكل الصحية، بتعاون مع فريق الرعاية الصحية الأولية من متخصصين، ومتطوعين وفق سياسات المشاركة المجتمعية، والاستدامة بدوره المنوط بحاجة لتضافر الجهود الحكومية، وجائحة كورونا مثال حي عن أهمية الوقاية والعلاج والدور المجتمعي المعزز بالقوانين والتنظيمات.
ساهمت هيئة التخصصات الصحية السعودية بدور تنظيمي للممارسات المهنية الصحية المرتبطة بالأفراد والمجتمع، من حيث تصنيف المؤهلات العلمية وأدواتها لتصنيف الممارس الصحي وفق مسمى مهني بحسب المؤهل، يعاد التصنيف فيها كل سنتين بمتطلبات منها ساعات معتمدة وحديثة للتعليم المستمر؛ لضمان تطوير الممارس الصحي.
وزارة التعليم بدورها أقرت الجامعات والمعاهد المعتمدة، وتسعى بجهودها مع الجهات الأمنية لاجتثاث الفكر الضال حماية للأمن الفكري والوطني.
ولكن في مجال الإرشاد والاستشارات الأسرية رغم وجود تخصصية في هذا المجال، إلا أن جودته تأثرت من بعض الدخلاء مستغلين بذلك الفجوات التنظيمية في متطلبات التأهيل وتوثيقه وحدود المسمى في التعامل مع قضايا الأسرة، وعدم وجود قاعدة بيانات رسمية لمن يقدم استشارات أو محاضرات أو دورات أسرية، والذي قد تبث فيها أفكارا مغلوطة مخربة للعلاقات الأسرية ومخببة بين الزوجين وتتسبب بضغوط نفسية وأسرية وأعراض صحية مستنزفة للنظام الصحي وموارد الدولة.
لدرجة أنه بات التعريف بألقاب مهنية في القضايا الأسرية يكفيه فتح حسابات في التواصل الاجتماعي وبطاقة تعريف، وتزكية معارف، ولربما حضور دورات أو محاضرات أو مؤهلات غير معتمدة، بل وصل من البعض فتح عيادة لتقديم استشارات مدفوعة لا حسيب عليها ولا رقيب في مراكز طبية أو نفسية خاصة أو جمعيات أسرية، وعبر الطب الإتصالي، أو تقديم دورات تدريبية ومحاضرات، والكتابة والظهور في القنوات الإعلامية منظرين في قضايا الأسرة بدون ضوابط مهنية.
ولهذا نناشد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية كونها المسؤول الأول عن التعامل مع الأسرة، بالتصدي لفوضى الألقاب المهنية، من خلال تأسيس هيئة وطنية تعنى بتصنيف مؤهلات واعتماد ساعات التدريب والتطوير المستمر، والمسح الأمني، وإيجاد قاعدة بيانات لكل من يزاول مهام ترتبط بالأسرة تطوعية كانت أو مدفوعة صحية كانت أو غير صحية، أو أن تضاف هذه المهمة لهيئة التخصصات الصحية لحماية الأسرة ومنع اختراقها وإعاقة الرؤية.
ولدينا أمثلة تنظيمية راعت التخصصية لحفظ المصلحة العامة، منها تنظيم الإفتاء ليحصر في هيئة كبار العلماء بقرار ملكي بعهد الملك عبدالله رحمه الله، وتقنين الظهور الإعلامي عن كورونا ليكون من المتحدثين الرسميين والمتخصصين بحدود مؤهلاتهم العلمية والمهنية بعهد الملك سلمان حفظه الله.