الشيخ علي بن مهنا الكربلائي الإحسائي البحراني شخصية علمية إحسائية فريدة من القرن السابع الهجري
من الحقب التاريخية التي لا زالت يسودها الكثير من الضبابية والغموض في تاريخ البحرين الكبرى الاجتماعي «أوال، الخط، الأحساء» المرتبط بتاريخ العلماء ومن فيها من حراك علمي سواء المدارس الدينية أو الأسر العلمية أو العلماء والفضلاء، هي فترة القرن السادس والسابع الهجريين، فالمصادر التاريخية لم تترك إلا النزر اليسير من تاريخ هذه الحقبة مما جعلها شديدة الغموض والباحث فيها قلما يجد أثراً علمياً يستند إليه أو ذكراً يعتمد عليه.
وبين أيدينا شخصية علمية تعد من أقدم الشخصيات العلمية الإحسائية البحرانية ومن أصول كربلائية، ورد ذكرها في المصادر في مطلع القرن الثامن الهجري، ممن عاشت خلال القرن السابع الهجري، وهو الشيخ علي بن مهنا الكربلائي الإحسائي البحراني، ويعود الفضل في التعرف على هذه العلم للشيخ المحقق البارع علي البروجردي، الذي نشر بعض صفحات المخطوط والتي هي بمثابة المفتاح والكشف العلمي للعديد من الملامح التاريخية اللطيفة من تاريخ البحرين، وهو ما سنحاول الإشارة له خلال السطور القادمة.
أصله ومولده ونشأته:
الشيخ علي بن مهنا الكربلائي أصلاً الإحسائي مولداً البحراني منشأً، فالمخطوط لم يذكر نسبه وأسرته، وإنما اكتفى بذكر الاسم الأول والثاني مع عدم الإشارة لجده، فهو الشيخ علي بن مهنا الذي يرجع بأصوله إلى مدينة كربلاء الحاضرة العلمية البارزة وأرض سيد الشهداء×، والرحم للكثير من الفقهاء والعلماء، نزح والده «مهنا» من كربلاء المقدسة إلى الأحساء، ولعله أحد آبائه، وفي الأحساء ولد الشيخ علي، وفيها كانت طفولته، بعدها هاجر والده إلى جزيرة أوال حيث كانت في رحابها نشأته واشتداد عوده.
فهو ثمرة ثلاثة مراكز علمية كربلاء المقدسة والأحساء والبحرين، والشيء اللافت في الأمر إن المخطوط يشير إلى وجود هجرة عراقية كربلائية إلى الأحساء قد تكون من أجل التبليغ والإرشاد الديني أو لأي غرضٍ آخر، بخلاف الهجرات المتبادلة بين الإحسائية والبحرين فهي عريقة وتاريخها حافل، والمصادر التاريخية تشير إلى وجود هجرات كبيرة متبادلة بين البلدين تارة لظروف اقتصادية، وحيناً للمتغيرات السياسية، وبعضها لغرض علمي وديني، إضافة إلى الترابط الأسري الذي كرس هذه العلاقة وساهم في متانتها، وهجرت الشيخ علي ووالده هي تبعاً لهذه الأسباب المختلفة، وفيها بدأ نشاطه العلمي والديني بعد الأخذ على أعلامها والدراسة أفذاذها.
هجرته إلى مازندران:
هاجر إلى بلاد فارس ربما من أجل الدراسة الدينية والزيارة للمقامات الدينية فيها للإمام الرضا×، والسيدة المعصومة في قم ÷، ولعله كانت له جولة في العديد من المراكز العلمية للأخذ على العلماء.
فقد نسخ مخطوطة «الرسالة الذهبية» سنة 705 هـ ، بمدينة «ساري» عاصمة مازندران الواقعة شمال سلسلة جبال البرز ويحدها من الشمال بحر قزوين، وهي تبعد عن طهران 200كم.
ولا يعرف بالتحديد هل كانت هجرته إليها دائمة أو مؤقته من أجل الدراسة والأخذ على أعلامها.
عصره:
ولد الشيخ علي بن مهنا الكربلائي الإحسائي، في الحقبة التي تلت سقوط الدولة العيونية، على يد لأمير عصفور بن راشد بن عميرة العقيلي العامري عام 651 هـ ، وقيام الدولة العصفورية على أثرها، وقد امتد نفوذ دولة بني عصفور من سواحل عمان جنوباً وحتى الكويت شمالاً، وضمّت أيضاً جزر البحرين وامتد نفوذها إلى شرق نجد، وكانت عاصمتهم الأحساء. واستمر سلطانهم لمدة 150 عاما.
وهي حقبة رغم أهميتها لا تكشف المصادر عن معالم هذه الدولة الممتدة التي بسطت نفذها وسلطتها على شرقي الجزيرة العربية.
منسوخاته:
المعروف من منسوخاته مخطوطة واحدة من مقتنيات مكتبة آية الله الكلبايكاني، في العلوم الطبية، وهي تمتاز بجمال الخط وجودته، مما لا يبعد نسخه العديد غيره، وقد ختمه بأبيات شعرية على غرار النسّاخ، وهي:
الرّسالة الذّهبيّة المعروفة ب «طبّ الإمام الرضا».
تأليف: الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا «148 - 203 هـ».
أوله: «بسم الله الرحمن الرحيم. وبه نستعين، أخبرنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبرى، رضى الله عنه، قال حدثنا محمد بن همام بن سهيل رحمة الله عليه، قال حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور، قال حدثني أبي، وكان عالماً بأبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليهما، خاصاً به، ملازماً لخدمته».
آخره: «قال أبو محمد الحسن القمي: قال لي أبي: فلما وصلت هذه الرسالة من أبي الحسن علي بن موسى الرضا صلوات الله عليهما وعلى آبائهما والطيبين من ذريتهما إلى المأمون، قرأها، وفرح بها، وأمر أن تكتب بالذهب، وأن تترجم بالرسالة الذهبية».
الناسخ: علي بن مهنا الكربلائي الإحسائي البحراني، وقد فرغ من نسخها 8 ذي القعدة سنة 705 هـ ، بمدينة ساري عاصمة مازندران.
وقد ختمها بقوله: «تمت الذهبية المباركة الشافية الكافية بقلم أفقر الورى إلى ربه علي بن مهنا الكربلائي أصلاً والإحسائي مولداً والبحراني منشأً، غفر الله له ولوالديه ولكافة المؤمنين في اليوم الثامن من شهر ذي القعدة الحرام سنة 705، في إحدى بلدان مازندران المعروفة ب ساري، والحمد لله رب العالمين».
إذا ذكرت روحي زمان اجتماعنا
فيا ويحها من كثرة الزفراتِ
ولكن أسليها لأجل فراقنا
فراق حياةٍ لا فراق مماتِ
في كل صفحة 20 سطر، بالمداد الأسود بخط النسخ، على النسخة بعض التهميشات والتعليقات.
المصدر: مكتبة آية الله العظمى الكلبايكاني في قم: رقم المخطوط: 43/32.