نزع الكمامة ورمي المعقم!
للكبار في العمر الأولوية في تلقي جرعات التطعيم ضد كورونا، لضعف مناعتهم. كما أن كبار العمر هم الأكثر تعرضا من الناحية الصحية، فهناك من هم أكثر تعرضا من الناحية الاقتصادية، فالأكثر ثراء يستطيع تحمل انكماش الاقتصاد وارتفاع مؤشر الأسعار، والعكس للأقل دخلا. وعند تقليب النظر في“الخريطة الحرارية”لتأثير كورونا في الأوضاع الصحية الاقتصادية للدول، نجد أن هناك دولا صبغت باللون الأحمر كناية عن أنها لم تتمكن من السيطرة على الجائحة، فتحول الخطر الصحي إلى انتكاسة اجتماعية وليس اقتصادية فقط، وهناك مناطق بيضاء لدول تمكنت من المبادأة والمكابدة للسيطرة على انتشار الجائحة، عبر النجاح في“تسطيح المنحنى”من جهة، والاستمرار في الإنفاق العام للإبقاء على منظومة الرعاية الصحية متماسكة قادرة على تحمل صدمة كورونا وتقلباتها. بلدنا في المنطقة البيضاء، وتابعنا جميعا كيف تحقق ذلك على الرغم من صعوبة المكابدة لخزانة عامة جل دخلها من النفط، الذي تراجعت إيراداته إلى ما يزيد على النصف نتيجة تراجع الكميات والسعر في آن معا.
أن نكون في المنطقة البيضاء هو إنجاز علينا المحافظة عليه، بألا نتعجل في رفع الاحترازات مع وصول التطعيم. أن نفتح الدولة للمستثمرين والعمال والمستثمرين أمر، وأن نرفع احترازات السفر للخارج أمر آخر. والاختلاف أن من يسافر ويعود قد يجلب العدوى لأهله وللعائلة الممتدة. بالتأكيد الاحترازات لا يمكن أن تبقى إلى الأبد، لكن إلى بعد أن: «1» يغطي التطعيم 50 في المائة من الشرائح المستهدفة في الوطن. «2» يصبح زمن الكشف عن إصابة كورونا لحظيا تقريبا. وعمليا، فنحن نتحدث عن نهاية الربع الثالث من عام 2021.
لا يعني هذا بالتأكيد استمرار الوضع، كما هو عليه الآن، ولكن تخفيفات لكنها لا تنطوي على المخاطرة بعودة الانتشار ثانية - لا قدر الله. والمبرر لأخذ خطوات تحوطية يقوم في الأساس على أن تسجيل اللقاح لا يعني أنه وصل إلى كل من يحتاج إليه، وبالتالي فإن مستوى السيطرة عليه والتحرر من الاحترازات ينبغي كذلك أن يأتيا بالتدريج، وأكبر مصدرين لانتشار الفيروس هما التجمعات وقدوم مصابين من الخارج ونقل العدوى لمن يخالطونهم. هذا الصيف بعض دول أوروبا تعجلت في عودة الأنشطة الاقتصادية وسهلت دخول المسافرين طمعا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خسائر القطاع السياحي، لكن ذلك ارتد عليها بانتكاسة اضطرتها إلى العودة ثانية للحظر! لعل وصفة العودة بحذر بحاجة إلى تحديث، فوصول اللقاح لا يعني نزع الكمامة أو رمي المعقم، ليس بعد. وأن الحذر ما برح مطلوبا، فشهر رمضان المبارك يتصادف وقوعه في الشهر الأول من الربع الثاني من عام 2021، فيما ينتهي موسم الحج في بداية الربع الثالث لعام 2021.