سنأتي لنصفّق لكم
لا يخفى على القارئ الكريم ما للبيئة من دور كيير، ومهم في تشجيع المواهب، ورعايتها، ودعمها في مسيرة النجاح، وتحقيق الإنجازات، فهي رافد يوفّر الموارد الماديّة، والمعنويّة، التي يحتاجها الفرد لصقل المواهب، وتنميتها، والاستثمار فيها، حتى تحقق الأهداف. وقد حبانا الله في وطننا الكريم، بعدة برامج داعمة للطلبة الموهوبين، ولروّاد الأعمال، وقد اثمرت عن إنجازات رائدة على المستوى المحلي، والعالمي.
وطموحنا هو أن يستغّل جيلنا الصاعد هذه الفرص، لما لها من عائد إيجابي للفرد، والمجتمع، والوطن.
لكن، ما نود التطرّق إليه هنا، هو ما يخص الحاضنة المجتمعيّة، ونبدأ بالسؤال التالي:
فيما عدا تشجيع الطلبة على التحصيل العلمي، هل نقوم بدور إيجابي أم سلبي في تشجيع، ورعاية من يحاول أن يرتقي سلّم الإبداع، والإنجاز؟
لا أخالني بعيداً عن الصواب، إن قلت، أن أغلبية المجتمع لا تمارس دوراً إيجابيّاً في دعم الطاقات النامية، بل قد تمارس دوراً سلبيّاً، بممارسة التشكيك، أو اللامبالاة على الأقل، رغم أن الدعم المطلوب في أغلب الأحيان، لا يتعدّى كلمة ثناء، وتشجيع، ولك أن تتخيل - عزيزي القارئ - ما لذلك من أثرٍ كبير في نفسية ذلك الشاب، أو تلك الشابّة، فالكلمة الطيّبة أصلها ثابتٌ، وفرعها في السماء.
في الضفة المقابلة، نجد أننا نتزاحم على إسداء التحيّات، والتبجيلات المتكرّرة لمن قطعوا الطريق، وتسّلقوا سلّم الإبداع، والإنجاز، بعد أن وصلوا، وهم يستحقّون هذا، ولكنّ حاجتهم له ضئيلة، عندما نقارنها بحاجة من هم في أول الطريق.
لم أضع حتى الآن أصبعي على سبب هذة الظاهرة، التي نعاني منها «كما أراها»، ولكن تدور في ذهني بعض التخمينات. ربما يكون السبب نفسيّاً، إذ أن الفرد يحاول أن يكون جزءاً من النجاح، ولا يريد أن يكون قريباً من مشروع، يحمل المخاطرة، ويحتمل عدم النجاح. أو ربما، ينتابنا شعور باطني بنوع من الغيرة، نمارسه تجاه من هم في أول الطريق، ولا نستطيع أن نمارسه تجاه من أحرز الهدف، لأن ”الشمس لا تغطّى بمنخل“، كما يقول المثل.
هنا أدعو نفسي، وأدعو الجميع أن ننتقل من السلبيّة إلى الإيجابيّة، وأن نقدّم لجيلنا الصاعد، البيئة المجتمعيّة الحاضنة، التي تشجّع، وتوجّه، فكل فرد هو استثمار لنا جميعاً.
وللشباب من أبنائنا نقول، لا تكترثوا كثيرا بعدم مبالاتنا، فنحن لسنا مثاليّين، وعازف الحيّ لا يُطرب، إلا بعد أن يفرض نفسه، وعندها سنأتي زرافاتٍ لنصفّق لكم.