فلنتمعن الجانب المشرق من فيروس كورونا
كما نرى في الآونة الأخيرة فإن الحياة الإجتماعية كلها قد توقفت من أجل التغلب على فيروس كورونا «COVID 19»، فمن المؤسف أن نجد أنفسنا فجأة بلا مدارس وبلا أعمال وبلا أسواق وبلا أنشطة رياضية أو حتى أماكن ترفه عن النفس مثل المتنزهات أو الكافيهات أو المطاعم، فهانحن مُنِعنا من التنقل والسفر أيضا سواء لعبادة أو لترفيه، ويعز علينا أيضا بأن بيوت الله كلها قد أُغلِقت وأغلبنا غير راضٍ أو محبَط وربما البعض يأخذه التشاؤم وينسى الجوهر والسر في كل ما يحصل، المؤكد هو أن هذا الوباء ماهو إلا ابتلاء للإنسان وما من مصيبة تأتي إلا فيها رحمة إلهية كما يقول الإمام علي :
فكم لله من لطف خفي يدق خفاه عن فهم الذكي
وكم يسر أتى من بعد عسر ففرج كربة القلب الشجي
وكم أمر تساءُ به صباحاً فتأتيك المسرة بالعشي
إذا ضاقت بك الأحوال يوماً فثق بالواحد الفرد العلي
ولا تجزع إذا ما ناب خطبٌ فكم لله من لطفي خفي
لنتأمل جميعنا في حكمة الله من نزول هذا الوباء وبانتشاره سريعا في كل الدول ولنتفكر في الإيجابيات، سنلاحظ مع فرض الحجر وحظر التجول بأن الحياة كلها تتجدد فالأرض بدأت تستعيد صحتها وها هو الهواء يتنقى حيث انخفضت نسبة ثاني أكيد الكربون في الجو بنسبة 25 بالمئة، وقد تراجعت ايضا نسبة انبعاثات ثاني اكسيد النيتروجين حيث انقشعت سحب الغازات السامة من المناطق الصناعية، وبهذا يتجدد الهواء ونتنفسه نقيا من كل تلك الشوائب، كذلك من أعمق النتائج المشرقة بعد كورونا هو توحيد البشر من كل الطبقات فهو لايفرق بين غني أو فقير ولا بين حاكم أو محكوم، ومن آثاره الملحوظة أيضا هو أن العالم كله أصبح على قلب واحد بالرغم من اختلاف الجنسيات والثقافات والأديان، قال الله تعالى: «و عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم» فبالرغم من عدم تقبلنا لهذا البلاء إلا أنه حقق المستحيل، فهو قد جمع شتات القلوب المتفرقة بعد الحجر وحظر التجوال، فبه قد تجمع شمل أغلب العوائل وخصوصا المغتربين منهم، وانتشر الأمان في البيوت وعمت السكينة والطمأنينة.
لو ركزنا قليلا لوجدنا بأن هذه هي الفرصة التي أنعمها الله علينا ويجب علينا استغلالها في إعادة ترتيب بعض الأمور أو لإنهاء بعض الأمور العالقة خصوصا للأمهات الموظفات اللاتي طالما حلمن بأن يبقين مع عائلاتهن لساعات طويلة وايضا للزوجات اللاتي يعملن أزواجهن خارج البلاد وكن يحلمن بتواجدهن معهن ومع الأبناء، سأشارك معكم بعض التعليقات الظريفة التي وصلتني ع الواتس اب فبالرغم من ظرافتها إلا انها لامست مشاعري حيث يقول أحدهم: «سمعت عيالي يسألون امهم: خلاص ابوي بيسكن معنا؟؟» ويقول آخر: «تو أعرف ان اسم زوجتي رباب وطول عمري كنت اناديها ربيِّب» وغير ذلك من التعليقات التي لا يسعني ذكرها هنا، وبالنهاية مع هذا الوباء قد عرفنا قيمة كل نعمة كانت محيطةً بنا بعد ما فقدناها فوجود المدارس وغيرها كانت من أعظم نعم الله التي لم نكن نشعر بقيمتها، فيارب لا تحرمنا من جميل عطاياك فأنت الرب الكريم نستغفرك اللهم ونتوب إليك، ونحن في كل الظروف ممتنين لك يا رب العالمين على كل شيء ونحن مازلنا مغدقين بالنعم فالسلام بهذه البلاد أكبر نعمة فأدمها علينا يارب العالمين.