المعارك الشيطانية في المجتمع
تمارس فئة من الناس مع أطراف أخرى مختلف الأساليب القذرة في سبيل تسجيل بعض الانتصارات، بمجرد حدوث خلاف، سواء كان بطريقة ظاهرية أو جوهرية، إذ يعمد بعض الأشخاص لفضح الطرف الآخر ونشر عيوبه بين الناس، بهدف محاولة تحميله مسؤولية تدهور الأوضاع، وحدوث المشاكل، والتصيد على بعض الملفات الشخصية الخاصة به، وإطلاق الاتهامات عليه، وذلك حتى يتمكنوا من كسر إرادته، ليرفع راية الاستسلام.
محاولة تحقيق بعض المكاسب في أوقات الصراع بالطرق غير المشروعة في الانتصار بالمواقف، تكشف جانباً من التفكير السطحي لدى بعض الناس، فالبعض يحاول الوصول إلى إسقاط الطرف المقابل، بغرض تجاوز الخطوط الحمراء، وسحب النقاط الرابحة منه، فهذه الطريقة بعيدة جداً عن استخدام الخلاف القائم بالطرق المشروعة في الانتصار للمواقف، وإنها أيضاً مرفوضة لدى العديد من المجتمعات البشرية.
ومع تنوع الشخضيات والأمزجة والنفسيات، وطريقة التفكير بين الناس، لا يمكننا إنكار حدوث سوء الظن والفهم بينهم، ولكن الحل الأمثل لمثل هذه الخلافات لا يكون بإشعال نيران المشاحنات والشجار والخصومة، وإنما يكون بالاستقرار والهدوء النفسي للبشر، من خلال احترام شخصيتهم وتقدير وجودهم، وتفهم ما يمرون به من مشاكل وظروف صعبة، وضغوطات الحياة التي تؤثر سلباً على حياتهم اليومية، وعلاقاتهم الاجتماعية، وحالتهم النفسية.
أصحاب الموقف الإيجابي يحاولون تقريب وجهات النظر، وتقليص فجوة الخلاف، فهؤلاء يعتبرون المحرك الأساس وراء الصمود في وجه التيارات الجارفة، ومحاولة الاستفادة من الظروف الحالية قدر الإمكان، في سبيل دراسات الأمور من جميع الزوايا، لإيجاد الحلول الفعالة للخروج بخسائر قليلة، وخصوصاً أن الهروب من مواجهة الضغوطات الاجتماعية لا يخدم بقدر ما يمثل خسارة كبيرة للمجتمع، وتفويت الفرصة للاستفادة من التحولات الكبرى، التي تعود بالمنفعة على المسيرة التنموية الاجتماعية.
بينما أصحاب الموقف السلبي يحاولون الحصول على تأييد شعبي، من أجل توسيع دائرة الخلاف في البيئة الاجتماعية، بحيث يتحرك هذا الفريق في جميع الاتجاهات لنشر العداوات، والتخريب في المجتمع، لاسيما وأن الموقف السلبي يواجه دائماً معارضة قوية، نظراً لما يحمله من خطورة كبيرة على البيئة الاجتماعية، وبالتالي فإن فريق الموقف السلبي لا يحظى بتأييد كامل، لأن لديهم ميول عنيفة وأفكار ملتوية.
عملية إيقاف المعارك الاجتماعية، تحتاج إلى تحركات جادة تتحملها شخصيات محايدة، بهدف تضييق الخلافات بين الأطراف المتخاصمة، بيد أن النجاح في مهمة إشاعة الوئام والسلام، وإعادة المياه لمجاريها، ليست بالسهولة، نظراً لتباعد المواقف، واختلاف وجهات النظر، والأفكار، فيما يتعلق بإشعال نيران المشاحنات والشجار، مما يستدعي التعامل معها بوعي، واللجوء إلى الصبر وسعة الصدر، والابتعاد عن استخدام مختلف الأساليب الخبيثة التي تساعد على توسيع دائرة الخلاف، وذلك من أجل تهيئة المناخ المناسب لتقريب وجهات النظر، وتقليص فجوة الخلاف.
وأن تعطيل المعارك الاجتماعية، يتطلب نية صادقة، بعيداً عن المصالح الشخصية، التي تحرك بعض الأفراد لمحاولة الاصطياد في الماء العكر، ومحاولة استغلال الوضع الاجتماعي في مثل هذه الظروف الحرجة، لتسجيل بعض الانتصارات، والمواقف تجاه الأطراف الأخرى.