النظرة الفوقية
إن النظرة الفوقية جعلت بعض أصحاب النفوذ الاجتماعي، والرأي، والثقافة، والفكر، والوجاهة الاجتماعية، والمناصب الوظيفية العالية التي لديها وفرة كبيرة من المال، ينظرون لأنفسهم على أنهم أفضل من الآخرين وأنهم فوقهم، وهذا نوع من النظرة للآخرين يؤدي إلى التكبّر والأستعلاء، والتعدّي على الأطراف الأخرى، من خلال إهانتهم والانتقاص من قدرهم، والأستقواء على الفئات الاجتماعية الضعيفة من مختلف الجوانب.
التعامل غير الواعي مع الآراء، والاختلافات بين الناس يؤدي إلى ممارسة أسلوب الفوقية غير المنطقي على الآخر، انطلاقا من المكانة الاجتماعية والعلمية، أو المستوى الثقافي والفكري والمادي، بحيث أن البعض يلجأ إلى ”التكبر والأستعلاء“، وذلك من أجل إذلال الناس، في مختلف التعاملات اليومية، وخصوصا أن البعض يستغل الوضع الاجتماعي في اشباع بعض نواقصه النفسية، مما ينعكس على شكل ممارسات غير منطقية، من لدن العديد من الشرائح الاجتماعية.
الخوف من أصحاب النظرة الفوقية والتعاطي الباهت وغير المسؤول معها يسهم في تكريس سلوكيات عدوانية، وثقافة خاطئة وضارة للمجتمع، فالممارسات غير الأخلاقية، تعكس واقعا بائسا لدى العديد من الفئات الاجتماعية، وبالتالي فإن السكوت عن هذه الفئة يقود لابتكار المزيد من الطرق للتعبير عن ”الفوقية“، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة.
استخدام السطوة على الأطراف الضعيفة يمثل حالة من الإنهزام الداخلي، ويولد حالة من التخبط في مختلف المجالات، والناس ينفرون أيضا من الشخص الذي يمارس أسلوب الفوقية، فالفرد الذي لا يحترم نفسه ويتحرك وفق مبادئ وقيم أخلاقية، فإنه لا يحصل على المكانة الاجتماعية العالية، والنفوذ الاجتماعي القوي، والتقدير والاحترام المتبادل من الآخرين، نظرا لعدم القدرة على تحديد المسارات الصحيحة التي تؤدي إلى تحقيق بعض المكاسب الاجتماعية.
وبالتالي فإن الخطوة الأولى هي تعديل السلوك الشخصي، ثم الاتصاف بالأخلاق التي تتمثل بعدم انتهاج طريقة الانتقاص من الآخرين، والاستقواء عليهم، وخصوصا أن ردات الفعل تكون أكثر عنفا في حال الاستمرار على استخدام الأساليب القذرة وغير العقلانية، مما يؤدي لحالة من الخصام مع القاعدة الشعبية، والدخول في المواجهة المباشرة مع الأطراف الأخرى، بل التسبب في التنافر بين أفراد المجتمع، وإشعال نيران الكراهية والأحقاد في النفوس.
وإن وجود شخصيات قادرة على إعادة التوازن الاجتماعي أمر مهم، وذلك من أجل تصحيح أوضاع أصحاب النظرة الفوقية، وتعطيل المساعي غير المحمودة، تعتبر عملية أساسية لتغيير القناعات والأفكار الملتوية التي ما تزال تحدث باستمرار في الممارسات اليومية لدى فئة معينة من الناس، فعملية الارتقاء بالمجتمع تتطلب بعض الجهد، وتحمل المسؤوليات الكبيرة، وعدم الاستسلام إلى الضغوطات الاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك دراسة التحولات الكبرى، لإحداث تغيرات جوهرية في البيئة الاجتماعية، والنظر إلى الأحداث التاريخية، دون اللجوء إلى الالتصاق الكامل بها.
تبقى الفوقية ممارسة عنفية وقهرية، فالحصول على المكانة الاجتماعية العالية، وغيرها من مكاسب أخرى، يكون بالنية الصادقة في المعاملة الحسنة، بعيدا عن محاولة إرضاء الناس بغرض تحقيق بعض المصالح والمآرب الشخصية، وكذلك والالتزام بالمبادئ والقيم الأخلاقية والقواعد الإنسانية الرحيمة، عوضا من اتباع سلوك الحيوانات المتوحشة، التي لا تعرف سوى الأعتداء على الصغير والكبير، قال رسول الله ﷺ: ”الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء“.