آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

التغلب على التفكير الانهزامي

جواد المعراج

إن الالتصاق الكامل بالتفكير الانهزامي ينبع من العزلة والانطواء، والضعف في الشخصية إلى حد كبير، وأن هذا النوع من التفكير يجعل الإنسان يتهرب من مواجهة ذاته، ومن حوله، والعوائق والعقبات التي تحاول ردعه من تحقيق الأهداف التي تجعله يكون مقتنعاً وراضياً عن ذاته، وفي مثل هذه الحالة الانهزامية نرى الإنسان يخلق لنفسه باستمرار أفكار سوداوية، وعوالم مليئة بالظلام، والحزن، والوهم مما يؤدي به الأمر في نهاية المطاف إلى الخسارة من جميع الجوانب الحياتية.

أصحاب التفكير الانهزامي في الغالب لا يتعلمون من مختلف التجارب الصعبة التي تمر عليهم في مسيرة حياتهم اليومية، هم دائماً منغمسون في الشعور بالسلبية والملل، أو القهر مما يحدث في الحياة من مشاكل سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية، تارة يلقون اللوم على الحظ والنصيب، وتارة أخرى يلقون اللوم على الناس بسبب فشلهم الذريع في حل مشاكلهم المادية والشخصية، وعدم قدرتهم على الصمود أمام الظروف القاهرة.

محاسبة النفس أولاً ثم محاولة تحسين العلاقات مع الآخرين أمر مهم للخروج من دائرة التفكير الانهزامي، وأيضا التفكير في التجديد والتغيير يدفع الإنسان إلى الالتصاق بالتفكير الإيجابي على الدوام، والتدرج في تطوير ذاته دون اللجوء إلى تحقيرها أو إذلالها، وعلاوة على ذلك التقرب إلى الله عز وجل يعطي الشخص نمطاً جيداً من التفكير ويصبح متحمساً لا انهزامياً، فإن اتباع وسائل التقرب إلى الله عز وجل، تساعد البشر على التخلص من الهموم التي يعانون منها، وتمكنهم من بدء بداية جديدة.

تفويت فرصة التغيير، وعدم التعلم من مختلف التجارب الصعبة يكشف حالة من الخلل في التفكير لدى بعض الشرائح الاجتماعية، فكلما تعلم الإنسان من الدروس الحياتية أصبح أكثر قوة على مواجهة الظروف القاهرة، وكذلك النظر إلى الأحداث التاريخية وماضيه الخاص به بعين الاعتبار، وعلاوة على ذلك ”تحفيز التفكير“ وذلك عن طريق التشبث بالعبارات التحفيزية والتشجيعية، هذا الأمر سيبث في الشخص نوعاً من الحماس والنشاط العقلي والمعنوي، ويمكنه من تحطيم العديد من الحواجز الفكرية.

الانهزامية في مختلف المجالات تنشر العديد من الأمراض في البيئة الاجتماعية، وتعطل العقول من البحث عن الحلول الفعالة، أو الخروج من المشاكل الكبرى بخسائر قليلة، فالانجرار وراء الانكسار والاحباط، والاستسلام إلى المواقف السلبية يعطي نتائج سيئة في مختلف القضايا والمشاكل التي تواجه الفرد والمجتمع، فالانهزامية لا تولد سوى الخيبة، والخسران على مختلف الأصعدة.

وفي هذا المجال ينبغي الحذر من التردد، ومحاولة التخلص من عادة الشكوى، والتذمر الذي يحاول منع الشخص من تطوير نفسه من جميع النواحي، بالإضافة إلى ذلك طرد الانهزامية، أي عدم السماح لها بالتسلل إلى العقل، فإذا تسللت إليه ربما تقود الإنسان إلى التفكير في الانتحار، فهي بمثابة موجات جارفة تحاول ترسيخ أفكار غير واقعية في عقل الإنسان، وذلك حتى تجعله يخسر ذاته، ويفتقد القدرة على التوازن العقلي.

وبناء على ما تمّ ذكره فإن الحل يكون بانتهاج منهج التفكير الإيجابي، وطرد الأفكار السوداوية، لمن يرغب في الاستفادة من تجارب أصحاب النظرات الإيجابية، والتعلم من سيرهم الناجحة، حتى تكون من أهل التفكير الإيجابي والفعال.