آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

للكاتب الأمير شكيب أرسلان

قراءة في كتاب: لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟

سمية غريب *

الأمير شكيب أرسلان «1869 - 1946» هو كاتب وأديب ومفكر وشاعر وسياسي عربي لبناني، لقب بأمير البيان لبلاغة كتاباته، ويعتبر واحدا من كبار المفكرين ومن دعاة الوحدة الإسلامية والإصلاح الإسلامي. من مؤلفاته: الإرتسامات واللطاف - لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟

ويعد كتاب «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟» من الكتب القيمة ويحتوي على عناصر إصلاحية وتنويرية مهمة، ومن العناصر والقضايا التي تطرق إليها:

- أسباب ارتقاء المسلمين في الماضي.

- فقد المسلمين السبب الذي ساد به السلف.

- المقابلة بين حالي المسلمين والإفرنج اليوم.

- اعتذار المسلمين عن أنفسهم ورده.

- خيانة بعض المسلمين لدينهم ووطنهم واعتذارهم الباطل

- الموازنة بين المسلمين والنصارى في البذل لنشر الدين.

- أهم أسباب تأخر المسلمين.

- شبهات الجهلاء الجبناء وردها.

- ضياع الإسلام بين الجامدين والجاحدين.

- محافظة الشعوب الإفرنجية على قوميتها.

- العبرة للعرب وسائر المسلمين برقي اليابانيين.

- لماذا لا نسمي اليابان وأوروبا رجعية بتدينهما.

- غوائل الجامدين في الإسلام والمسلمين.

- آيات العمل المبطلة لتفسير القدر بالجبر والكسل.

- كون المسلمين الجامدين: فتنة لأعداء الإسلام وحجة عليه.

- مدنية الإسلام.

- الرد على حساد المدنية الإسلامية المكابرين.

- اليونان والرومان قبل النصرانية وبعدها.

- سبب تأخر أوروبا الماضي ونهضتها الحاضرة.

- حث القرآن على العلم: باعث للمسلمين على سبق الأمم في الرقي.

- كلمة لطلاب النهضة القومية دون الدينية.

أسباب انحطاط المسلمين في العصر الأخير. -

- هكذا إذا توجهت الهمم: الإصلاحات المعنوية والمادية في البلاد المقدسة.

- خلاصة الجواب: إن المسلمين ينهضون بمثل ما نهض غيرهم.

وعن فكرة الكتاب وحكمته يقول أرسلان إن حالة المسلمين الحاضرة لا ترضي لا من جهة الدين ولا من جهة الدنيا ولا من جهة المادة ولا من المعنى.

ومن أسباب ارتقاء المسلمين في الماضي كانت عائدة في مجملها إلى الديانة الإسلامية التي كانت قد ظهرت جديدا في الجزيرة العربية فدان بها قبائل العرب وتحولوا بهدايتها من الفرقة إلى الوحدة ومن الجاهلية إلى الرحمة ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد وتبدلوا أرواحهم الأولى أرواحا جديدة صيرتهم إلى ما صاروا إليه من عزّ ومنعة، ومجد وعرفان وثروة وفتحوا نصف كرة الأرض في نصف قرن ولولا الخلاف الذي عاد فدب بينهم منذ أواخر خلافة عثمان وفي خلافة علي رضي الله عنه لكانوا أكملوا فتح العالم ولم يقف في وجههم واقف.

فالقرآن قد أنشأ إذا العرب نشأة مستأنفة ولم خلقا جديدا وأخرجهم من جزيرتهم والسيف في إحدى اليدين والكتاب في الأخرى يفتحون ويسودون ويتمكنون في الأرض بطولها وعرضها.

والسبب الذي به نهضوا وفتحوا وسادوا وشادوا وبلغوا هذه المبالغ كلها من المجد والرقي يجب علينا أن نبحث عنه وننشده ونخفي المسألة ونمعن في النشدان أهو باق في العرب وهم قد تأخروا برغم وجوده وتأخر معهم تلاميذهم الذين هم سائر المسلمين، أم قد ارتفع ذا السبب من بينهم ولم يبق من الإيمان إلا اسمه ومن الإسلام إلا رسمه ومن القرآن إلا الترنم به دون العمل بأوامره ونواهيه إلى غير ذلك مما كان في صدر الملة وعنهجية الشريعة.

ومن أسباب انحطاط المسلمين في العصر الأخير هو فقدهم كل ثقة بأنفسهم وهو من أشد الأمراض الاجتماعية وأخبث الآفات الروحية لا يتسلط هذا الداء على إنسان إلى أودى به ولا على أمة إلا ساقها إلى الفناء وكيف يرجو الشفاء عليل يعتقد بحق أو بباطل أن علته قاتلته.

إن كل من سار على الدرب وصل وإن المسلمين إذا تعلموا العلوم العصرية استطاعوا أن يعملوا الأعمال العمرانية. وعلى المسلمين أن ينفضوا على أنفسهم غبار الخمول ويلغوا هذه القاعدة التي قد كانت من أسباب شقائهم زمنا طويلا وهي أن كل عمل عمراني في الشرق لابد من أن يستعار له شركة أوروبية لتقوم به وإلا فلا يستطاع عمله ولقد أتت التجارب بعد ذلك بما يثبت فساد هذه النظرية بتمامها وتمكن المسلمون في كثير من البلاد من إنشاء شركات صناعية وتجارية وتأسيس معامل ومناسج ودور صناعة نجحت نجاحا باهرا كذب مزاعم تلك الفئة المثبطة وصيّرها موضوعا للهزء.

وإن الواجب على المسلمين لينهضوا ويتقدموا ويتعرجوا في مصاعد المجد ويترقوا كما ترقى غيرهم من الأمم هو الجهاد بالمال والنفس الذي أمر به الله في قرآنه مرارا عديدة وهو ما يسمونه اليوم التضحية. فلن يتم للمسلمين ولا لأمة من الأمم نجاح ولا رقي إلا بالتضحية.

فالمسلمون يمكنهم إذا أرادوا بعث العزائم وعملوا بما حرضهم عليه كتابهم أن يبلغوا مبالغ الأوروبين والأمريكيين واليابانيين من العلم والارتقاء وأن يبقوا على إسلامهم كما بقي أولئك على أديانهم بل هم أولى بذلك وأحرى، فإن أولئك رجال ونحن رجال وإنما الذي يعوزنا الأعمال وإنما الذي يضرنا هو التشاؤم والاستخذاء وانقطاع الآمال فننفض غبار اليأس ولنتقدم إلى الأمام ولنعلم أننا بالغوا كل أمنية بالعمل والدأب والإقدام وتحقيق شروط الإيمان التي في القرآن: ”والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين“.

باحثة من الجزائر - ماستر فلسفة الحضارة من جامعة الأغواط