آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

التمرد الاجتماعي

جواد المعراج

إن التمرد يفتقر للغطاء الشرعي، سواء كان بغرض التمرد على العادات، أو القواعد الاجتماعية السائدة، وبالتالي فإن مثل هذه العمليات الصعبة تتطلب قدرات استثنائية لمواجهة العديد من الضغوط في المجتمع، فالمعركة القائمة بين الطرفين لا تتخذ شكلًا واحدًا، بل تنتقل من أسلوب لآخر، على حسب المراحل التي تمر بها مختلف الصراعات البشرية، ولتوضيح معنى التمرد أكثر، هو: عدم الرضوخ للواقع والتهرب من الحقيقة، وعصيان الأوامر، والبغي.

التمرد مرض خطير وداء بغيض، وسريع الانتشار، وخصوصًا في مجتمعاتنا الحديثة، فإن له تأثيرًا خطيرًا على البيئة الاجتماعية، فلهذا يحتاج إلى صبر طويل، وقوة مجتمعة وجهود مشرقة، وإمكانيات، وكفاءات، وخبرات، وقدرات عالية، وأساليب علمية رصينة، والرصيد الكبير من الثقافة والمعرفة، بإشراف وتوجيه، وتعاون بعض أصحاب الإبداع، والشهادات، والنفوذ، والفكر، وذلك من أجل إسكات الفئات المتمردة نهائيًا.

فالتصادم المباشر مع المجتمع يحتاج إلى الإرادة القوية، والإمكانيات الذاتية التي لا يملكها معظم الناس، وخصوصًا أن البعض سيطر عليه الشعور بالنفور من البيئة الاجتماعية، فإن هذا الأمر يترك آثارًا سلبية على نفسية الفرد، حيث إننا نرى البعض يتراجع، أي يعلن“الاستسلام”في منتصف الطريق، نظرًا للافتقار إلى الخبرة، والإمكانيات، والكفاءات العالية، والقدرات بشكل عام، وأيضًا انعدام القدرة على مواجهة الصعوبات والمخاطر الاجتماعية.

وإن هناك العديد من الناس يوصف المواجهة لهذه الفئات المتمردة، بأنها انتحار أو مغامرة بلا نتائج، ولكن في حقيقة الأمر يجب الوقوف أمام هذه الفئات المتمردة، بمختلف الأساليب والوسائل المتعددة، وذلك من أجل ردعها، وإعادة التوازن في البيئة الاجتماعية مجددًا.

معركة الإرادة بين الطرفين تشكل أحد أشكال الصراع القائم بين المتمرد والمجتمع، فكل طرف يحاول أن يسجل النقاط على الطرف الآخر، بحيث إن محاولة تسديد الضربة القاضية تعتبر الهدف الأساسي للقضاء على الطرف المنافس، إذ يحاول كل شخص أن يتصيد على أخطاء الأطراف الأخرى، ويسحب النقاط الرابحة منها، فبهذا الأمر يتحرك باتجاه استقطاب المزيد من الشرائح الاجتماعية.

التمرد الاجتماعي لا يمثل نهاية التاريخ البشري، فهو يعتبر حركة مألوفة في مختلف المجتمعات البشرية، فإن العديد من الشرائح الاجتماعية لا تتبع العادات، والقواعد الاجتماعية السائدة، فلهذا تميل إلى التمرد باستمرار، نظرا لعدم الانسجام التام، والتقيد بالمنافسة الشريفة، وخصوصًا أن التطور الفكري والإنساني على مختلف الأصعدة أصبح سريعًا في مجتمعاتنا الحديثة، فمن اللازم استيعاب بعض التطورات القائمة، ومراجعة بعض القواعد المتوارثة.

وإن القضاء على التمرد ليس مضمونًا دائمًا، فإن هناك الكثير من الفئات المتمردة تمكنت من الصمود، في وجه التيارات الاجتماعية الجارفة، وذلك على حسب الخطاب المختلف الذي يستقطب العديد من الشرائح الاجتماعية، ولكن يجب الوقوف أمام التمرد، ومواجهته بمختلف الوسائل المتعددة، من أجل ردعه، فبهذا الأمر سنقلل نسبة توسعه في المجتمع.

ويبقى التمرد الاجتماعي فاقدًا للغطاء الشرعي في مختلف أشكال الصراعات البشرية، سواء كان على الصعيد السلبي أو الإيجابي، فإن مختلف التحركات يوجد فيها مواجهات ورفضًا بطرق مغايرة، وأساليب متعددة.

ختامًا، إن التمرد يعتبر تصرف منبوذًا لدى العديد من المجتمعات، على حسب اختلاف الثقافات والأعراف والديانات بل لا يقف الأمر عند ذلك فحسب حتى قانونيًا بالنسبة لدستور أي دولة، ويعاقب المتمرد على القانون في حق سيادتها وحق أبناء المجتمع، ومن واجبنا وتكليفنا الأخوي والشرعي والقانوني إرشاد ونصح هؤلاء لكي لا يقعوا في المحظور، وتكون عواقبه وخيمة.