تعليمنا الإبداعي وضبابية المشهد
صار التغير المتسارع في وتيرة حياتنا المعاصرة يأخذ واقع المسلّمات، فإنّ أكثر ما نعيشه اليوم لم يكن قبل عشرين عامًا، بل هو جديد إذا قورن مع ما قبل عشرة أعوام أو أقل.
وخلال الالتفات للرقم الإحصائي الذي يبين النسبة السكانية لأطفالنا، يتم الحديث عما يعادل 39 في المائة، وهو المعادل نحو 100 في المائة من المستقبل.
ما يؤكدّ أنّ ثمّة فجوة لا تزال واسعة في تعليمنا، وتتطلب نقلات نوعية عالية، للانعتاق من أسر التعليم التقليدي وفتح الطرق الفائقة السرعة لارتياد فتوحات التعليم الإبداعي.
إنّ الطفل الذي تتدفق تحت أنامله شاشة الألواح الإلكترونية حاليًا، لا يمكن أن يحقق له لوح الطين، نفس التأثير الذي يعيش زخمه الرقمي ويتفيأ ظلاله الثلاثية الأبعاد، فيتناقل معارفه بسرعة لا يمكن إبطاء محركاتها أو إيقافها، بل إنّ الواقع يكشف أن أطفال اليوم سيعملون مستقبلًا في وظائف واختصاصات لم تأتِ بعد، وإن كانت قريبة جدًا.
خلال التعليم الإبداعي، لا يمكن الاكتفاء بأدوات التعليم التجريدي، وإنما هو عالي الاعتمادية على الوسائل البصرية التي تعمل على استثارة الفص الأيمن في الدماغ البشري، لارتباطه بملكة الخيال وسعة التصور، وتكامليته مع وظائف الشق الأيسر المختص بالتحليل المنطقي وأدواته النسقية، وفي هذا توسيع في نمط الأسئلة وإشباعها بطرق تساعد في حل المشكلات وتجيب عن الأسئلة، وهو الأمر الذي يحتاجه تعليم يتناسب مع أدوات الرقمية الفائقة.
القارئ لواقعنا التعليمي، يجد نقاطًا إيجابية تتمثل في طرح توجهات نظرية نحو التعليم المعاصر والمستقبلي، باعتباره ضرورة وصيرورة حتمية، لكن من جهة أخرى يلاحظ وتيرة بطيئة في تنفيذ البنى التحتية بجوانبها المادية والمعرفية، وفي الوقت نفسه يبقى تأخر أو عدم كفاية الجانب العملي والتطبيقي في التعليم المعاصر من أبرز نقاط الضعف.
إنّ مفهوم تكنولوجيا التعليم صار ملازمًا في أي نظام تعليمي ينشد التميز، ويبدو أنّ ما يوفره تعليمنا حاليًا بحاجة أكبر إلى تقوية وتعزيز إمكانات وقدرات رباعية التعليم: «المعلّم والمتعلم والمنهج والمدرسة».
أما عن المدرسة كمبنى، فحينما يحصل خلل كهربائي لأربع مدارس في منطقة تعليمية واحدة، وخلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع، سيكون احتمال وجود تقصير في برامج الصيانة الوقائية للمدارس محلّ نقاش.
إنّ تعليمًا ينشد الإبداع، لا مناص من أن يتمثّل كل متطلبات الإبداعية الخلّاقة، فطلاقة المنهج، وتوفير عملية التعليم المرتكزة على الطالب بحاجة لمرونة وتيسير لكل سبل الوصول إلى التعليم الإبداعي.
ليت أبناءنا تتوفر لهم فرصة تنفيذ مشروعات مبسطة، مثل: دوائر الروبوت التعليمي، وليت مدارسنا يتوفر فيها معامل للعلوم واللغات، ويتم الاهتمام ببرامج الواقع المعزّز الذي يتيح للمتعلم التعامل البصري بزوايا وأبعاد ثلاثية تفصله عن سأم الصور ذات البعدين، وتعمّق في ذهنه وحواسه المفاهيم بوسائل أكثر إلهامًا وتحفيزًا.