«الخليج» والتوتر المتواصل
ثلاث حروب كارثية جرت في منطقة الخليج العربي «1980,1991,2013»، كانت خسائرها البشرية والمادية كبيرة ومكلفة للغاية، وحققت مصالح لدول كبرى، أكبر مما خدمت دول المنطقة التي تضررت كثيرًا بسبب هذه الحروب المتتالية، بالطبع، ماعدا حرب تحرير الكويت التي كانت تحمل تبريرات حقيقية بعد احتلالها من قبل النظام العراقي السابق.
نمر الآن بلحظات توتر متصاعدة في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران، قد تؤدي إلى اندلاع حرب رابعة في الخليج وستجر بطبيعة الحال - إن حدثت - جميع الأطراف إلى أوارها دون أن تكون هناك أي مصالح مرتقبة من ورائها إلا تصفية الحسابات ومحاولة إعادة التوازن بين هذين الطرفين.
لا أحد يرغب في إشعال فتيل حرب جديدة في المنطقة لا يمكن السيطرة على آثارها وحدودها وأدواتها، فالجميع يدرك أن الأسلحة التي قد تستخدم في هذه الحرب الجديدة ستكون أكثر فتكًا وأشد إيلامًا على الجميع أكثر من الحروب الثلاث الماضية.
من هنا ندرك أهمية التصريحات الرسمية والأهلية التي تدعو إلى التهدئة والعودة إلى طاولات الحوار الثنائي أو الجماعي بين مختلف الأطراف، تفاديًا لوقوع حرب قد تكون إقليمية وواسعة هذه المرة، لا قدر الله.
الرسالة التي صاغها كل من عبدالعزيز بن صقر رئيس مركز الخليج العربي للدراسات والأبحاث، وحسين موسويان المتحدث السابق باسم البرنامج النووي الإيراني، والتي لاقت انتشارًا واسعًا في الصحافة العربية والغربية، تناولت أبعاد هذه الأزمة وضرورة اللجوء إلى الحوار بين البلدين الرئيسيين في المنطقة، وهما: السعودية وإيران، ومما جاء في خاتمتها أنه «يجب أن يكون مواطنونا أولًا وقبل كل شيء في أذهاننا، يبلغ إجمالي عدد سكان إيران والسعودية 115 مليون نسمة، ثلثهم تقريبًا تحت سن 25 عامًا، المستقبل لنا، وسيتم ربط شبابنا بهذه الأزمات سواء أحببنا ذلك أم لا، ويتطلب السلام والأمن المستدامان علاقات ثنائية جيدة وتعاونًا إقليميًا بين طهران والرياض»
في الأسبوع الماضي دعا عضو مجلس الشورى السابق خليل الخليل أيضًا إلى «ضرورة الاعتماد على القدرات الذاتية في مواجهة الأزمة المتوترة الحالية وإدارة هذه الأزمة من خلال عقلية المصالح الوطنية باستقلالية تامة وبتحسب للمفاجآت وبتخطيط استراتيجي ومهني شامل».
من المهم أن تمر هذه الأزمة دون الاضطرار لدفع تكاليف باهظة وخسائر فادحة، والبحث عن أفضل وأنسب الخيارات لضمان مصالح أكبر واستقرار أكثر لأوطاننا ومنطقتنا، ولعل الظروف المتوترة الحالية تكون هي الأنسب للحوار والبحث عن المصالح المشتركة بين مختلف الأطراف.