الواجب الإجتماعي
في طريقك إلى وجهةٍ ما، افتراضاً، ألم تصادفك لوحة إرشادية جعلتك تخفف من سرعتك، وبسببها تفاديت قد يقع لك. وفي رجوعك من الوجهة نفسها، افتراضاً، ألم تستمع إلى نصيحة فتحت لك النور فجأة، واستبصر ذهنك فكان لها الدور الأخير والحاسم في القضاء على عادة التدخين التي كنت تستمر فيها لأعوام ولم تكن في يدك القدرة على التخلص منها. وفي مسيرتك التعليمية ألم تحصل على إشادة، تكريم، أو جائزة كان لها أثرٌ في اندفاعك نحو القمة. وفي أفراحك وأحزانك ألم يكن لمن حولك، ومن مجتعمك وقفة كان لها دوراً في التخفيف عن آلامك. كل ما ذكر وأكثر لو تابعنا نفس المنهج هي فضائل أخذناها واستفذنا منها دون مقابل، لكنها من منطق الأخلاق تظل دين على المستفيذ يجب عليه، بطريقة ما، ردها للمجتمع.
هذا ما يعرف بالواجب الاجتماعي، هو التزام أخلاقي يقوم به الفرد لمجتمعه من خلال تقديم العمل، المال، الدعم للوسط الذي يعيش فيه تطوعاً دونما مقابل.
يكفي أن نتتبع ذكر ”عملوا الصالحات“ لنجد أن القرآن الكريم قد ذكرها 61 مرة، وفي كل مرة قرنها بالإيمان وتبعها بالجزاء الحسن. العمل الصالح يعني العطاء وتقديم الخير للناس، فلا تقتصر العبادة على الأعمال التي ترتبط مباشرةً بالله تعالى، بل الله يدعونا لعبادته من خلال تقديم الأعمال الصالحة.
إن الأعمال الصالحة التي استفذنا من ثمارها، والتي ما زلنا نستفيذ منها دون أن نشعر، هي أعمال ما كانت أن تكون، ولا كان أن نستفيذ منها لو لا نزوع أصاحبها للواجب الإجتماعي.
الواجب الاجتماعي شعورٌ خفي على المرء أن يوجده في داخله، وعليه أن يبحث عن الفضائل ثم ستتكون لديه تلقائياً الرغبة في رد الفضيلة وعندها يكون الواجب الاجتماعي قد تحقق.