آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

السؤال واستشراف المعنى

جمال الناصر

السؤال مفتاح النقد. يُمثل السؤال، بداية الطريق لكل شيء، التي يطل من خلالها، الازدياد من العلم والمعرفة في جنبتها التعليمية، والعشبية في مستواها الثقافي بمختلف ألوانها، كالمادة الإعلامية المتميزة أو الظاهرة الاجتماعية والثقافية على حد سواء. السؤال يتطلب تقنية، تُفيد بمنتج من الإجابات ولا تكون سطحية بمدلولاتها، التي تعتمد على فاعلية السؤال، لذا ذكاء الإجابات وإثرائها من جهة أو غباء الإجابات من جهة أخرى مجازًا.

لنا في قصة تفاحة ”نيوتن“، لخير دلالة على فاعلية السؤال بنسج مستقبل، يفتح الخيارات الكثيرة ذات القيمة في كل المستويات معرفية أو اجتماعية أو إعلامية إلى آخر قطرات البئر. إن القراءة النقدية، امتداد لغة السؤال. أن تقرأ وتستمع وتُبصر، وفي عالمك الذاتي، اشتعالات أفكار، تتقارع، أسئلة، تحتاج عنوة، لتسبح في ماء الحقيقة، لتختمر واقعًا. إن الأطفال كثيروا السؤال، يُصنفهم التربويون بأنهم ذوو الذكاء العالي، لذا يدعون الوالدين إلى احتوائهم وتنمية هذا السلوك العقلي واستثماره، بتوفير المعلومة لهم وحثهم على المعرفة بلغة تناسب مع مرحلتهم العمرية، كذلك التحذير من التهكم عليهم أو ازدرائهم والتقليل من شأنهم، ليكونوا أغبياء في نظرهم وتصويرهم أغبياء لذا الآخرين.

عصرنا، عصر التكنولوجيا، الذي يتميز بسرعة الحصول على المعلومة، من زاوية معرفية، وتمازج المسافات واختصارها، لتكون متوفرة على طبق كستنائي، مما جعل التبادل الثقافي والاجتماعي على أكثر مستوياته وأبعاده، تعوزه الرغبة - لا أقل ولا أكثر -، بخلاف ما كان سابقًا، لما يتطلب الحصول على المعلومة جهدًا ورغبة أقوى فاعلية. يزدحم الفضاء من حولنا بالكثير من الإجابات، لتجذر ثقافة الطرح، كإجابة، لتغيب بين جنباتها ثقافة السؤال، حيث تبلد العملية العقلية حينها، فلا تُغربل ما تبصره أو تتلقاه من أفكار وتداعيات اجتماعية وثقافية، سعيًا في استجلاء ما يُقوم مسارها، وإيجاد النظريات الصائبة، نتيجة دراسة الفرضيات، ومدى صلاحيتها في تقويم ما اعوج ويعوج. نحن بحاجة ماسة، لثقافة السؤال، أن نقرأ قراءة نقدية، أن نعيش مراهقة الفكرة، كجنون عاشق أضناه العشق، ليعشق أكثر بكل المعاناة، التي يتكبدها، ليعشق معاناته.