إحياء المناولة
تعد المناولة والشراكة الصناعيةSubcontracting & Partnership Exchange، من البرامج الإستراتيجية الضرورية للدول الباحثة عن تنمية وتكامل صناعاتها.
وتقوم الفكرة على ربط الموردين والمشترين في الحقل الصناعي ضمن إطار يوفر بيئة تكاملية، وهي مهمة على المستوى القطري والإقليمي والعالمي، إذ تساهم في توفير الجهود وتعزيز القدرات التنافسية وخفض التكاليف، وفي المحصلة؛ تحقق دعمًا للصناعة، هذا الحقل الإستراتيجي المستهدف في خطط التنمية الخليجية، ليأخذ مكانه في موازنات الدول، ويقلص من سيطرة النفط فيها.
وتقتضي فكرة البرنامج توفر معلومات كافية حول احتياجات الأطراف المشاركة بحيث تسهل عمليات اتخاذ قرارات البيع والشراء والاندماج والتنسيق والتكامل في العمليات الصناعية، وتساهم في تعزيز دورها في سلاسل الإمداد وبناء قدرات الموردين. وقد بادرت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك) عام 2003 بإنشاء «الشبكة الخليجية للمناولة والشراكة الصناعية» وتوقيع اتفاقية بينها وبين منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) تتضمن آليات تطبيق المناولة والشراكة الصناعية على الصناعات الصغيرة والمتوسطة في دول المجلس ضمن خريطة النهوض بها.
(جويك)؛ المنظمة الخليجية التي تأسست لدعم التكامل الصناعي الخليجي عام 1976 والتي تتخذ من دولة قطر مقرًا لها، تبنت هذا البرنامج بهدف «تطوير قدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية تلبية لاحتياجات المشترين وتحديد السوق أو التجارة المربحة أو فرص الاستثمار للشركات في دول مجلس التعاون، وربط الشركات في هذه الدول بسلاسل التوريد للشركات المحلية أو الدولية الكبيرة، إضافة إلى خلق قاعدة بيانات للموردين في دول المجلس على الإنترنت ذات جودة عالية ومحدثة».
جاءت مبادرة المنظمة لتؤسس إطارًا جامعًا للبرامج المحلية لدول المجلس يضمن تنسيقًا أكبر في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، وهي تضم بيانات لأكثر من 1800 شركة ومؤسسة تتوزع على 5 برامج في دبي والبحرين وقطر والكويت والسعودية.
المؤسف هو أن البرنامج، وبدلًا من أن يشهد تطويرًا ونموًا- نكص على عقبيه في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إليه.
والمنظمة التي تحظى باهتمام وزارات الصناعة قادرة على إعادة إحياء البرنامج، ، وإن كان ثمة ضغط يمكن أن يدفع باتجاه إحيائه فسيكون ضغط المستفيدين أنفسهم، وقد سمعت من أحدهم أن المنظمة وفرت عليه جهدًا ووقتًا وموازنة من أجل الالتقاء بكثير من الأطراف الذين حضروا إحدى اللقاءات، واستطاع من خلاله عقد صفقات واتفاقات تعاون مع جهات خليجية متعددة.
من المؤمل لهذا البرنامج أن يحقق إنجازات تتجاوز ما حققه على أرض الواقع، ولا نعلم ما هي الأسباب التي جعلت منه بعد مضي سنوات على انطلاقه ليكون –في الغالب- مجرد ورش عمل وندوات، فهذه نشاطات تمهيدية يفترض أن تكون قد سبقت التأسيس. إن من حضر برنامج المناولة والشراكة الصناعية –لا شك- أدرك أهميته، وقد سبق أن تشرفت بالمشاركة في تنظيم هذا البرنامج في بداية انطلاقه، أي قبل أكثر من 10 سنوات، ولمست حجم تفاعل المشاركين الذي انعكس في عدد من الاتفاقيات جرت تحت سقفه.
الخلاصة: المناولة والشراكة الصناعية مطلب ضروري في ظل المنافسة العالمية والأزمة الاقتصادية التي تمر بها دول المجلس، فهي تساهم في دعم القطاع الصناعي ورفع قدرته التنافسية، خاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة، التي تعد قاعدة اقتصادية مهمة لدول المجلس، وتعزيز الاتجاه نحو التكامل الصناعي، وخفض الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل.