صفراء فاقع لونها
من خلال دراستي للكلمات الفنية التي ذكرت في بعض آيات القرآن الكريم، وقد قدمت مجموعة محاضرات متنوعة جمعتها في كتاب الألوان في القرآن ومفردات فيه مثل اللون الأصفر وغيره من الألوان…
وقد قرأت مجموعة من الأبحاث والمقالات حول الآية الكريمة:
﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾ [البقرة: آية 69] ورأيت التضارب في المعاني والتفاسير التي لا تعطي معنى حقيقي للآية والأسباب هي وجود اللون الأصفر. وفاقع لونها. وتسر الناظرين.
هناك كتابات حول اللون الأصفر متضاربة في الدلالة وهو من أكثر التناقضات في الرمزية التي يتبناها بعض الكتاب وبعض الباحثين، ومن أسبابها الخلط بين الرمزية في اللون والدلالة عليه ثم الخلط بين اللون الأصفر ودرجاته التي تحوله إلى لون آخر كما في الآية.
لذا قررت أن أقوم بهذا البحث للإدلاء بالمعلومات المتواضعة علها توضح بعض الغموض حول هذا الموضوع.
وعند تحليل كلمات الآية لغويا وفنيا أي الاصطلاح التشكيلي لا بد من وضع بعض الأسئلة التي يجيب عنها البحث:
• أولاً: ما هو اللون الأصفر وما مدلولاته الفنية؟.
• ثانياً: ما ذكرته السنة الشريفة، والقرآن الكريم حول اللون الأصفر وما هي معانيه.
• ثالثاً: كلمة فاقع معناها ومفهومها.
• رابعاً: كلمة اللون معناها ومفهومها.
• خامساً: وما معنى تسر؟
• سادساً: وما المقصود بالناظرين؟
بهذه الأسئلة وهذه الأقسام الستة وهذا التشكيل في المفردات اللغوية أستطيع أن أكوّن تحليلاً لغوياً ومعنوياً ومفهوماً تشكيلياً لهذه المعاني.
اللون الأصفر: في اللغة: ”أصفَرُ: اسم، والجمع: صُفْرٌ. المؤنث: صَفْراءُ وصَفْراواتٌ، ما لونه كلون الذَّهب. يحبّ الزَّهر الأصفر، الأصفران: الذَّهب والزَّعفران“.
يعتبر اللون الأصفر فنيا من الألوان الأساسية الصبغية أي غير الضوئية: وهي الأحمر والأزرق والأصفر ومنها تتكون معظم الألوان التي نستخدمها عدا اللون الأبيض فهو من الأساسية المحايدة، وكذلك يعتبر الأصفر من الألوان الحارة وهي الأصفر والبرتقالي والأحمر وهي ترمز للحرارة والصحراء، وتوحي بالبعد في اللوحة. وله تفريعات لا يسع المجال لذكرها.
وكذلك اللون الأصفر أحد ألوان الطيف السبعة وهي بالترتيب: ”الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، البنفسجي وهذه المجموعة من الألوان تسمى «الطّيف الشمسي»“ وهي التي يستطيع الإنسان رؤيتها بعينه الطبيعية.
فالكثير الذي لا يفرق بين الأصفر الصبغي والضوئي، كما أنهم لا يفرقون بين الأصفر العادي الذي يسمى الكادميوم وغيره، فللأصفر درجات وأسماء كالليموني والذهبي والعشبي وأسماء شعبية أخرى.
ومن هنا بدأ الخلط بين الرمز والدلالة والتعبير وكلمة يوحي في التعبير عن مفاهيم اللون الأصفر وغيره.
ولأننا في بحث علمي دقيق سأبين تلك المعاني:
الفرق بين يرمز ويعبر ويدل:
يرمز.: الرَّمْزُ الجمع رُموز. الإيماء والإشارة والعلامة. قال تعالى: ﴿قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾ [آل عمران: آية 41].
الرَّمْزُ «في علم البيان»: الكناية الخفيَّة، علامة تَدل على معنًى له وجود قائم بذاته، فتمثِّله وتحل محلَّه، وقد يُستخدم الرَّمز بقصد الإيجاز.
يدلّ: أَدَلَّ بالطريق: عرّفه. دلَّتِ الفتاة: اتّصفت بالسكينة والوقار وحَسُنت هيئتُها وطريقتُها. دلَّ الشَّخصَ إلى الشَّيءِ، على الشَّيءِ: أرشده وهداه إليه، قاده، عيَّن له المكانَ.
التعبير: بتعبيرٍ آخر: بكلامٍ آخر يدلُّ على المعنى نفسه، عَبَّر عمَّا في نفسه وعن فلان: أعرب وبيَّنَ بالكلام. عَبَّر الرُّؤْيا: فسَّرَها.
أقول: فما يرمز للون هو العلامة والكناية، وأما الدلالة: فهو التعريف والإرشاد إلى الشيء. أما ما يعبر عنه فهو التفسير عن هذا اللون.
فما يرمز للون الأصفر وما يدل عليه يختلف عما يعبر عنه.
فبعض الكتاب يعتبر الرمز هو معنى اللون الأصفر كما ذكر أحدهم أن اللون الأصفر لون الفرح والابتهاج. ”يدل اللون الأصفر في علم النفس على الفرح والابتهاج، ويعطي نوعاً من الحيوية“ والبعض رمز له: ”الأصفر: رمز الفكر والذكاء والفطنة والمقدرة على التصور.“
لا ننكر أن اللون الأصفر لون الشمس والضياء. لأنه من الألوان الحارة، ويمثل الصحراء والحرارة وهو لون التنبيه في السيارات والإشارات الضوئية، ويستخدم للإعلانات.
فهذا لا يعد تعبير بل رمز للحرارة والضياء وقوة الضوء، من هنا اعتبر البعض أن اللون الأصفر يرمز إلى العديد من المعاني وحتى المتضاربة.
”يُعتبر اللون الأصفر لوناً مُعقداً، ذلك لأنّ تأثيره على الناس يختلف من شخص إلى آخر“ نعم كل لون يختلف معناه من شخص لآخر ولكن لا يفهم أنه يعني اللون بل يعني مزاج الأشخاص الذي يتنوع من بيئية لأخرى، أو من رؤية نفسية إلى تصور آخر.
اللون الأصفر لون الشؤم والهم:
لذا لا بد من إصدار المعنى الحقيقي للون الأصفر وما يدل عليه بصورة واضحة، وهو ما ذكره القرآن والسنة من روايات العترة الطاهرة.
”اللون الأصفر يدل على الوجه المناقض للفرح والسعادة، وهو الحزن، والهم، والذبول، والكسل، وكذلك الموت والفناء، حيث إنّ هذه الدلالة ترتبط بشكلٍ أساسي بالخريف، وكذلك موت الطبيعة، والصحاري الجافة، بالإضافة إلى الاصفرار الذي يعتلي وجوه المرضى.“
وهذا المعنى ذكره كثير من الباحثين عن اللون الأصفر: ”اللون الأصفر يرتبط بالجدب وقرب الهلاك والمرض فهو يأتي معبراً عن كونه نذيراً لفقدان الحياة والحيوية والعدم والحطام.“
بما أننا مسلمون فلا بد أن نأخذ كلام الله في كتابه المنزل على رسوله الأكرم من المسلمات ومن المغيبات، أما كلام بعض الكتاب والمثقفين وإن كانوا باحثين إلا أنها نظريات قد تصيب وتخطئ وفي الأخير رأي شخصي.
وبما أن صاحب البحث يرجع للدين ويؤمن بالغيبيات القرآنية كما يعتقد بالوحي، فلننظر ما يقدمه من دلائل ومعارف غيبة في الحديث والقرآن.
”جاء في بعض النصوص: أن الذي لف في الخرقة الصفراء حين ولادته هو الإمام الحسن ، وأن الإمام الحسين
قد جيء به إلى رسول الله ﷺ ملفوفاً في خرقة بيضاء“.
”روى الحسن بن محمد الطوسيّ في الأمالي عن «أسماء بنت عميس»، قالت: لمّا ولدت فاطمة الحسن جاء النبيّ ﷺ فقال: يا أسماء هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها وقال: ألم أعهد إليكم أن تلفّوا المولود في خرقة صفراء ودعا بخرقة بيضاء فلّفه فيها“.
”روى الشيخ الصدوق بإسناده عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين ، عن أسماء بنت عميس، قالت: قبلت جدتك فاطمة
الحسن والحسين عليهما السلام، فلما ولد الحسن جاء النبي ﷺ، فقال: يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة صفراء فرمى بها النبي ﷺ، وقال: يا أسماء ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء، فلففته في خرقة بيضاء فدفعته إليه“.
ولا أحتاج إلى إحصاء عمن يذكر أن الأصفر لون القلق والشؤم بامتياز: ”كما وُجد أنّ للون الأصفر تأثيرات سلبيّة أيضًا، فقد رمز إليه بأنّه لون الضعف، وأيضًا هو لون الخوف وما يصحبه من شحوب وكآبة وقلق، وهو لون المرض بامتياز وبلا منازع.“
ولنتعرف على ما تعنيه الكلمات في الآيات القرآنية عن اللون الأصفر:
ورد اللون الأصفر في خمسة مواضع في القرآن الكريم كالتالي:
جاء لفظ ”مصفراً“ في ثلاثة مواضع ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ﴾ [الروم: آية 51] ويلاحظ أن اللون الأصفر هنا يرتبط بالجدب وقرب الهلاك فهو يأتي هنا معبراً عن كونه نذيراً لفقدان الحياة والحيوية والعدم والحطام.
قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر: آية 21] إن الدنيا هكذا تكون خضرة نضرة حسناء، بما تحتويه من مباهج ثم تعود عجوزاً شوهاء، والشاب يعود شيخاً هرماً كبيراً ضعيفاً.
﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا﴾ [الحديد: آية 20].
حيث وصف الله تعال الشرر المتطاير من لهب جهنم ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾ [المرسلات: آية 33].
جاء ذكر لفظ ”صَفْرَاء“ مرة واحدة وذكر مشتقات اللفظ في ثلاثة مواضع ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾ [البقرة: آية 69].
وهذه الآية الكريمة هي من وقع عليها الخلاف وبالذات في كلمة فاقع لونها، فما معنى هذه العبارة التي من أجلها يسر الناظرين، هي ما يدور عليه بحثنا وسأقدم ما وصلت إليه لاحقا.
وهذا الجدول لأحد الباحثين يبين الآيات المذكورة في القرآن الكريم بالتفصيل.
”القول في تأويل قوله تعالى ﴿فاقع لونها﴾ يعني خالص لونها والفقوع في الصفرة نظير النصوع في البياض وهو شدته وصفاؤه.“
ومن هنا ارتبك بعض الكتاب في بيان فاقع لونها.
نتيجة البحث: وقد توصلت إلى أن لون البقرة ليس أصفر بل هو لون الذهب في بريقه فهو فاقع اللون بلمعانه.
أما لماذا أقول أن لون البقرة ذهبي وما صلة اللون الذهبي باللون الأصفر، لنتعرف على لون الذهب في بعض القواميس:
جاء في معجم المعاني: الذَّهَبُ: عنصرٌ فِلِزِّيّ، أصَفر اللون.
وجاء في معجم القاموس المحيط: أَصفرانِ: الزَّعْفَرانُ والذَّهَبُ صَفْراءُ: الذَّهَبُ، والمِرَّةُ المعروفةُ.
وجاء في معجم لسان العرب: الأَصْفَران: الذهب والزَّعْفَران، وقيل الوَرْسُ والذهب.
وهذا يبين تلازم اللون الذهبي باللون الأصفر في الآية الكريمة.
والتكريم بالذهب كما في قوله تعالى عن أهل الجنة: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ﴾ [الكهف: آية 31].
فهذا اللون الذهبي هو لون يسر الناظرين للمعانه وجماله وهو لون القباب المزينة بالذهب الخالص لجماله وزينته وهو لون الملوك والأثرياء وتتزين به النساء لتكون بالمظهر اللائق.
”اللون الذهبي: هو مزيج من اللون الأصفر بدرجاته واللون البني، وهو لون الفخامة والنجاح والإنجاز والانتصار. كما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالملوك والثروة والمال. يرمز اللون الذهبي إلى الثراء، والغنى الفائض، والإسراف“.
قال الشاعر ذي الرمة:
حَوْرَاءُ فِي دَعَجٍ صَفْرَاءُ فِي نَعَجٍ
كَأَنَّهَا فِضَّةٌ قَدْ مَسَّهَا ذَهَبُ
كلمة: لون: معناها. ومفهومها
معنى لون: في اللغة: صفة الشَّيء من بياض وسواد وغيرهما، ولا تُدْرَك إلاَّ بالنَّظَر.
مفهوم اللون: تارة يراد بالتعبير بمعناه المادي المباشر أو غير المباشر كالتعبير على الجانب الرمزي بالتعبير المعنوي والروحي لكلمة اللون أو أحد الألوان.
مفهوم اللون: يأتي بمعنى الصبغ والدهان مع اختلاف، فاللّون أشمل وأعم لأنه يطلق على اللّون الضّوئي والصّبغي أما كلمة صبغ ودهان: فتطلق على اللّون الصّبغي فقط، فلا تقول لضوء اللّون الأحمر دهان ولا صبغ بل لون.
أنواع اللون: 1 لون 2 صبغ 3 دهان
قال تعالى:
اللون: ﴿قل لَنَا مَا لَوْنُهَا﴾ [البقرة: آية 69]
الصبغ: ﴿وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾ [المؤمنون: آية 20]
الدهان: ﴿فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ [الرحم?ن: آية 37]
تَسُرُّ: كلمة أصلها الفعل «أَسَرَّ». قال الشاعر البوصيري:
سَرَّتِ الناظِرِينَ منهم وجوهٌ وُصِفَتْ بالجَمالِ وَصْفَ البُدُورِ
فمعنى تَسُرُّ: سرّ فلان بالخبر، «فَرِح وابتهج» سُرَّ بزيارة صديقه - سُرّ لسماع النبأ
قال تعالى عن السرور: ﴿فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان: آية 11].
وقال تعالى: ﴿وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق: آية 9] ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق: آية 13] فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم، وأعطاهم حسنًا ونورًا في وجوههم، وبهجة وفرحًا في قلوبهم.
لماذا قال الناظرين ولم يقل المبصرين أو الرائين.
التعبير عن النظر بالعين الجارحة، واقتران النظر بالرؤية، فبالنظر لا يكون البصر حقيقياً، ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: آية 198] هذه الآية جمعت الكلمات الثلاث: الرؤية والنظر والبصر، وقد يكون الذي ينظر لا يبصر جيدا أو أن ما ينظر إليه بَهَره أو زغلل عينيه.
وهنا دلالة واضحة أن الرؤية تتحقق بالبصر، لا تكون بالنظر فقط.
النظر: هو التحديق والتقليب في حدقة العين لإدراك الصُّور وبه تبدأ مرحلة الإبصار، فهو أول مراتب الإبصار، أو هو الآلة التي بها تستوعب الأشياء وتجول فيما بينها لتلتقطها. كمنظار المصور، فالعدسات تعطيك الصورة فقط أما الصورة فتكون عند ثبات المصورة والتقاطها وتخزينها في الفيلم أو في الذاكرة عند مصورات الديجيتال.
وبالطبع لا يوجد للمصورة رؤية لأنها لا تستطيع تحليل الصور إلا أن بعض المصورات وضع لها ما يشبه العقل لتحليل الصور، فتفرق بين المناظر والأشكال، فتجمع لك صور المناظر السماء والجبال والأشجار والبحار وهكذا.
ثم طورت بعض الأجهزة وأضيفت لها البرامج التي تتعرف على صور بعض الأشخاص وتفرز صور الوالد والأخ الكبير والصغير وابن العم وابن الخالة عندما تعطيها الأوامر بذلك.
فبالابصار: تتعرف على الأشكال والألوان والأبعاد والأحجام، وهو إدراك أشباح الصور ورموزها وانعكاساتها مع تحليل العصب البصري، فهو حاسّة الرؤية الواضحة للأشياء.
أما بالرؤية: هي الصورة الحقيقيّة لما مرّت به مراحل النظر ومن بعدها البصر. فهي مكان التحليل والتدقيق والتركيز والتنظيم والفرز والتقييم والتقويم،
﴿فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ [آل عمران: آية 143]
﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ﴾ [الأحزاب: آية 19]
﴿رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [محمد: آية 20]
﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾ [البقرة: آية 69]
﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ﴾ [يونس: آية 43]
﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ﴾ [الشعراء: آية 33]
﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ﴾ [الصافات: آية 88]
﴿وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ﴾ [الواقعة: آية 84] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ﴾ [الواقعة: آية 85]
نتيجة القسم السادس: كل هذه الكلمات التي ذكرها القرآن حول كلمة النظر تدلل على أن النظر بدون البصر والتدقيق فهو مبهوت أو مدهوش مما نظر إليه، وهو هذا اللون الذهبي ذو البريق اللماع.
ومن هنا قال تعالى: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا﴾ [الإسراء: آية 59] ولم يقل ناظرة كما في الآية السابقة ﴿تسر الناظرين﴾ .
وبعد أن تعرفنا على الفروق الموجودة في الآية الكريمة نصل للنتيجة التالية:
وقد توصلت إلى أن اللون الأصفر لون لا يقبله الرسول في الخرقة الصفراء، أما القرآن في كل الآيات فهو يعني لون الجذب والهلاك.
أما لون البقرة ليس أصفر بل هو لون الذهب في بريقه فهو فاقع اللون بلمعانه، واختار سبحانه وتعالى كلمة النظر لما وردناه لمن رآها فهو مبهوت أو مدهوش من هذا اللون الجميل والذي لم يكن موجوداً في غير تلك البقرة.
فقد بينت من قواميس اللغة صلة اللون الأصفر بلون الذهب عند العرب.