عيد بحلة جديدة
عيد الفطر المبارك بداية جديدة حافلة بالنفحات والجوائز الربانية، فبعد شهر كامل يعيشه المؤمن وكأنه في وضع اختبار وامتحان مجتهدا محاولا تقديم أفضل النتائج من خلال التقرب لله بالصيام والعبادة متخلصا من الذنوب والمعاصي وكل ما يحجبه عن الحضرة الإلهية، فيأتي يوم العيد كمكافأة للمؤمن المجاهد الذي سعى لتقديم أبهى صورة له بين يدي الله عز وجل، فيعيش يوم عيد الفطر المبارك بمعنويات روحية عالية ومجددا علاقته مع الله عز وجل، ويحاول تعزيز وتقوية الارتباط بالله عز وجل محافظا على ما اكتسبه من غنائم هذا الشهر العظيم وهذا هو الفوز الحقيقي، بعكس البعض الذين ما إن ينتهي شهر رمضان ويقبل عليه العيد ينسى كل ما قدمه خلال شهر المغفرة والرحمة والعبادة فينغمس في الملذات التي تبعده عن الله عز وجل ويخرج خالي الوفاض قد أخفق في امتحانه وكل ما قدمه ذهب هباء منثورا.
هذا بالنسبة لعلاقته مع الله فلا يكون يوم عيده هو يوم شقائه وإنما يكون بداية للسير في مرضاة الله عز وجل.
ويهدف عيد الفطر المبارك للكثير من الدلالات فهو علامة للنجاح، فالمؤمن الذي حافظ على شهر الصيام في يوم العيد يشعر بالفخر والاعتزاز بأنه قد اجتاز هذا الشهر وحصل على ثماره التي جناها من الصبر والانضباط في الطاعات والبعد عن المعاصي.
والعيد يعني التجديد والتغيير بما أنه استطاع خلال شهر كامل أن يغيّر من نمط حياته فهو قادر على الاستمرار والتجديد في روحيته من خلال تغير سلوكه نحو الأفضل والتطبيق على بقية الشهور.
والعيد تعزيز للناحية الاجتماعية بين المؤمنين من خلال الاجتماع مع الناس في المساجد والمحافل حيث يتضمن الطقوس الدينية من الاجتماع للصلاة والدعاء وتوزيع الزكاة والعادات الاجتماعية، كالاجتماع مثلا على موائد الإفطار أو الغذاء والاحتفالات التي تعكس لنا صورة جميلة من المشاركة والعطاء التي تبين مدى ترابط ومحبة المؤمنين.
وكذا يهدف العيد لتحقيق الترابط الاجتماعي العميق مع العائلة والأصدقاء والجيران حيث يتبادل الجميع التهاني والتباريك في هذا اليوم العظيم، ويقوم فيه المؤمنون بالزيارات واللقاءات الحافلة بالمحبة، فتقوى العلاقات الاجتماعية وهو فرصة لمن كان في نفسه أو قلبه ثقل تجاه أحد أفراد عائلته أو جيرانه لتصفية النفوس والتسامح وإعطاء فسحة جديدة لتجديد روابط المحبة من خلال التواصل معهم، مستذكرا كيف أن الله عز وجل أعطاه فرصة لتجديد العلاقة معه وتقويتها من خلال تقديم الطاعات، كذلك نحن فمن كان في قلبه ولو مقدار ذره من البغض أو المشاحنة فليتخلّ عنها وينزعها.
فليتأمل في معاني العيد ويبدأ بإزالة العوالق التي تجمعت حول علاقته بأقربائه وأهله وجيرانه وكدرت صفو العيش معهم، متمثلا بالآداب الإسلامية والمسامحة وفتح جسور جديد للتواصل المبنية على المحبة والمودة.
ونختصر حديثنا السابق بأن العيد ليس فقط مناسبة اجتماعية للاحتفالات والفرح والسرور، وإنما له معاني عظيمة فهو فرصة حقيقية لتجديد العلاقة مع الله عز وجل، وتجديد علاقاته الاجتماعية والمحافظة عليها، لكي يكون بالفعل ممن دخل الاختبار وخرج منه بأعلى الدرجات.