آخر تحديث: 1 / 4 / 2025م - 8:35 م

العيد عطاء يتجدد… صناعة الفرح

برير السادة

ارتبط العيد في التفكير الجمعي بالفرح، وغاب مفهوم العطاء والجائزة صانع الفرح. ولعل «العطاء» من المعاني الفطرية التي يمكن اكتشافها بسهولة فمع كل عطاء ومنحه وجائزة ثمة ابتسامة ترتسم فوق الشفاه، ويمكنك ملاحظة ذلك بنفسك من خلال نظرة عابرة على وجوه الأطفال والصبيان في أيام العيد القادمة، وهي تزهو فرحا وبهجة بعطايا العيد.

مراجعة الآية الوحيدة التي ذكر فيها العيد من سورة المائدة ترسم ذات المعنى «العطاء - مائدة الله سبب العيد جمعت العطاء المادي والمعنوي الأكل والطمأنينة والشهادة» فبدون المائدة المنزلة لن يكون هناك عيد يفرح به الحوارين ولا معنى لعودته وتجدده، لأن رجاءهم لم يتحقق ودعاؤهم لم يستجب.

ذات المعنى نجده يتكرر في أدعية العيد. ففي دعاء الإمام الباقر الذي يقرأ في العيدين ويوم الجمعة يقول: ”اللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ فِي هذا اليَوْمِ أَوْ تَعَبَّأ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَعطاياهُ فَإِِلَيْكَ يا سَيِّدِي كانت وفادَتي وتَهْيِئَتِي وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي رَجاءَ رَفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَنَوافِلِكَ“

وقال علي في نهج البلاغة وقال في بعض الأَعيَاد: ”إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبلَ اللهُ صِيَامَهُ وَشَكَرَ قِيَامَهُ، وَكُلُّ يَوْمٍ لاَ يُعْصَى اللهُ فِيهِ فَهُوَ عِيدٌ“.

لا شك ولا ريب بأن عطاء الله ممتد على الخارطة الزمانية والمكانية للوجوده، لكن أكبر تجلياته تكون في العيد، حيث يفرح المؤمنون بطاعتهم لله وبما كابدوه من مشقة وعناء في سبيل الامتثال لأمره. ويستبشروا بما كتب لهم من الثواب والأجر العظيم، وما تحقق لهم من عظيم النعم المنزلة عليهم من الله.

ولكن أليس ثمة علاقة بين عطاء الله وعطاء الناس؟ ألا تربطهما علاقة طردية تستلزم منا ممارسة مماثلة؟

فإذا كان القرآن أهم ما أهداه الله للبشر، فإن أكثر عطاءات البشر يجب أن تكون في ذات طريق التعليم وصناعة المعرفة، لأنها الطريقة الوحيدة لصناعة الإنسان، وبناء الحضارة. ومما يشار إليه في هذا الجانب المعلم منصور المنصور الذي حاز على جائزة المعلم العالمية لعام 2025. وقدم أكثر من 3 آلاف ساعة عمل تطوعي، كما ساهم في تغيير حياة مئات الطلاب، ومنهم الأيتام وذوو الدخل المحدود، ونجح في تأهيل طلابه للفوز بجوائز عالمية عبر برامج رعاية الموهبة وريادة الأعمال. ومن قبله فاز المعلم الإفريقي الكيني «بيتر تابيشي في عام 2019 لذات الدور والجهد الذي قدمه..

من هنا نسأل أين هي إسهامات الجميع في بناء المعرفة، في وطننا الذي يمتلك آلاف الكفاءات من المهندسين والأطباء والمختصين في مختلف المجالات، فكم من فكرة وكلمة وكتاب ومشروع غيرت حياة الناس، وكانت سببا في تحسين ظروف عيشهم