آخر تحديث: 31 / 3 / 2025م - 1:39 م

كطفل! هل ترى الألوان كما يراها الآخرون؟ فهم الكيفيات المحسوسة عند الأطفال

عدنان أحمد الحاجي * مقال مترجم

Understanding children’s subjective experiences through color

March 13, 2025

كطفل، هل حدث لك أن رؤيتك للون يختلف عن رؤية الآخرين له؟ من الشائع جدًا أن يكون لديك هذا الفكرة، ولكن اتضح أن إحساس البشر بالألوان قد تكون عابرة للأعمار والثقافات مما كنا نعتقده سابقًا.

في علم النفس وعلم الأعصاب، ظلت العلاقة بين الإحساس الشخصي، مثل إحساسنا بالألوان، وبين نشاط الدماغ الفيزيائي مشكلة لم تُحسم بعد. علاوة على ذلك، نظرًا لقدرات الأطفال اللسانية المحدودة، فإن دراسة تجاربهم الواعية «كيفياتهم المحسوسة أو الكيفيات، اختصارًا، كالإحساس الشخصي بالألم أو الإحساس باللون. وهو الإحساس الذي لا يمكن وصفه لآخرين [1]  qualia].

كان هذا مصدر إلهام لفريق من الباحثين في جامعة كيوتو اليابانية لإنشاء طريقة لتقييم الكيفيات المحسوسة عند الأطفال الصغار. بالتركيز على إحساس الأطفال باللون، طور الفريق لوحة كواجهة تعمل باللمس لا تتطلب سوى الحد الأدنى من المهارات اللغوية، مما يجعلها في متناول الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 3 سنوات.

يقول المؤلف يوسوكي موريغوتشي Yusuke Moriguchi: ”لقد كان الدافع لدراستنا مسائل جوهرية حول كيف يحس الأطفال بالمحيط ويخبروه.“ وقال إنه لا توجد طريقة معتمدة لتقييم هذه التجارب الشخصية «أي الكيفيات المحسوسة» في الأطفال الصغار الذين لا يستطيعون التعبير عن إحساساتهم بصورة كاملة.

باستخدام الواجهة التي طورها الفريق حديثًا، اختار الباحثون تسعة ألوان متميزة عن بعضها وطلبوا من المشاركين تقييم أوجه تشابه الألوان على مقياس من أربع نقاط من ”مشابه جدًا“ إلى ”مختلف جدًا“. وكان من بين المشاركين أطفال يابانيون تتراوح أعمارهم بين 3 و 12 عامًا وأطفال صينيون تتراوح أعمارهم بين 6 و 8 سنوات، إلى جانب راشدين يابانيين «20 سنة وأكبر، بحسب التعريف». أجروا أيضًا الاختبارات في بيئات مختلفة، عبر الإنترنت أو بحضور شخصي، واستخدموا إما كمبيوتر أو شاشة تعمل باللمس لكل اختبار.

كشفت النتائج عن أن الأطفال الصغار يرون الألوان كما يراها الراشدون تقريبًا، وأن التنظيم الدماغي* لكيف يرى الأطفال الألوان تظل متسقة بشكل ملحوظ في مختلف الفئات العمرية وعبر الثقافات. كما لاحظوا اختلافات طفيفة لها علاقة بالسن لبعض تركيبات الألوان، حيث كلما تقدم الأطفال في السن كانت طريقة رؤيتهم للألوان تشبه تدريجياً رؤية الراشدين لها.

[*الدماغ ينظم الكيفيات المحسوسة في مناطق مختلفة منه. على سبيل المثال، يعالج الفص القذالي المعلومات البصرية، في حين تساعد المناطق الأخرى، مثل الفصوص الصدغية والجدارية، في دمج وتعيين معنى لهذه المدخلات الحسية. بشكل عام، تعمل مناطق الدماغ المختلفة معًا لخلق كيفياتنا المحسوسة].

يقول موريغوتشي: ”لقد ذهلنا بملاحظة اتساق تنظيم الكيفيات المحسوسة للألوان في مناطق الدماغ في كل الفئات العمرية، بالرغم من التغييرات الهامة المعروفة في فهم واستخدام الأطفال لأسماء الألوان مع تقدمهم في العمر.“ لم يتوقع الباحثون أيضًا أن يكون للبيئة التجريبية «البيئة التي أجريت فيها التجربة سواء أكانت عبر الإنترنت أو بالحضور الشخصي» هذا الحد الأدنى من التأثير في النتائج، مما يدل على رصانة تجربتهم.

هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات التي تشمل أطفالًا من خلفيات ثقافية أكثر تنوعًا تستخدم ألوانًا. هذه النتائج لا زالت تفيد بأن الإحساس بالألوان لدى البشر قد يتجاوز السن والخلفية الثقافية [مما يعني أن الإحساس بالألوان عالمي الطابع وغير محدود بفئات عمرية]، كما تفتح النتائج إمكانيات جديدة لدراسة التجارب الذاتية «الكيفيات المحسوسة» عبر المراحل التطورية للطفل [2] .

”دراستنا تزودنا بمنهجية جديدة للبحث العلمي في التجارب الواعية «الكيفيات المحسوسة» لدى الأطفال الصغار،“ كما يقول مورغجوتشي. يمكن أنها تسهم في تطوير أساليب تربوية وتعليمية أفضل بناءً على وجهات نظر الأطفال، وفهم أفضل بشكل عام عن كيفية إحساس الأطفال بما حولهم.

نشرت الدراسة في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم [3] .