آخر تحديث: 2 / 4 / 2025م - 9:59 م

جزيرة تاروت أصل النخلة: التاريخ العريق والجذور العلمية

السيد محمد المشعل

القطيف، تلك الواحة البحرية والزراعية المُزدهرة على ساحل الخليج العربي، هي ليست مجرد لوحة طبيعية خلابة فحسب، بل هي سجل حيّ للتاريخ والحضارة. فقد كانت المنطقة منبعًا للتجارة والزراعة على مر العصور، ومهدًا لظهور ثقافات متباينة ساهمت في رسم معالم الحضارة العربية. وفي قلب هذا التراث النابض تكمن جزيرة تاروت، التي تُعد من أهم المراكز التاريخية في شبه الجزيرة العربية، ومصدرًا أصيلاً لنخلة التمر.

تاريخ القطيف وجاذبيتها الحضارية

لطالما احتلت القطيف مكانة مرموقة بين مدن الخليج، إذ شكلت ملتقى للتجار والحضارات بفضل موقعها الجغرافي المتميز وأرضها الخصبة، وتحتضن القطيف بمختلف مدنها وقراها مواقع أثرية بارزة تشهد على عراقتها منذ عصور مضت، مما جعلها تُعَدّ من مراكز النشاط التجاري والثقافي في المنطقة، إن تاريخ القطيف يُظهر تمازج الطبيعة الخلابة مع إرث حضاري عميق، جعل منها رمزًا للأصالة والازدهار.

جزيرة تاروت: منبع نخلة التمر

يعتبر أصل نخلة التمر من الأسرار التي يحملها التاريخ النباتي لمنطقة الخليج العربي. ووفقًا لكتاب ”النخيل وتصنيع التمور في المملكة العربية السعودية“ الصادر عن وزارة الزراعة والمياه عام 1391 هـ «1971 م»، تُعد القطيف أقدم بلاد النخيل في العالم، إذ تُشير الدراسات إلى أن بساتين النخيل التي تزين المنطقة، وخصوصًا في جزيرة تاروت، تعود إلى جذور تاريخية عميقة.

وقد استُند في ذلك إلى محاضرة أُلقيت في كلية الزراعة بشمبات بالخرطوم بتاريخ 25 مارس 1940، ونُشرت لاحقًا في صحيفة نادي أندور بالدامر في مايو من نفس العام، حيث تم التأكيد على أن هذه البقعة التاريخية تحتضن أصل نخلة التمر، مما يجعلها علامة فارقة في تاريخ الزراعة والنباتات في المنطقة.

كما يضيف العالم أدواردو بيكاري، أحد أبرز المتخصصين في دراسة الفصيلة النخيلية، أن الخليج العربي، وبشكل خاص جزيرة تاروت، يُعد الموطن الأصلي لنخلة التمر، وهو ما أكده أيضًا الدكتور البكر في موسوعته العلمية عن النخيل، حيث تؤكد هذه الشهادات العلمية أهمية الجزيرة في رسم معالم تاريخ هذه النخلة المباركة التي لطالما اعتُبرت رمزًا للحياة والخصوبة.

إشارات أثرية تؤكد العلاقة الوثيقة بين الجزيرة والنخلة

أظهر تقرير نشرته صحيفة ”الشرق الأوسط“ بتاريخ 17 سبتمبر 2023 اكتشافات أثرية هامة، حيث وُجدت أواني مصنوعة من الحجر الصابوني المعروف بـ ”الكولريت“ مزينة بنقوش لنخيل متوازية، مما يعكس بوضوح العلاقة الوثيقة بين البيئة الطبيعية لتاروت وإرثها الحضاري، هذه الاكتشافات تؤكد أن النخلة لم تكن مجرد شجرة زراعية، بل كانت عنصرًا أساسيًا في الحياة اليومية والرمزية للمجتمعات القديمة.

خاتمة

تظل جزيرة تاروت رمزًا خالدًا للأصالة والهوية العربية، إذ تبرز كمنبع أصيل لنخلة التمر عبر العصور، وإن الأدلة التاريخية والنباتية الواردة من المصادر العلمية الموثوقة، مثل كتاب وزارة الزراعة والمياه ومحاضرات وكشوفات علماء النبات، تؤكد أن أصل نخلة التمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بهذه البقعة التاريخية الغنية بهذا التراث الراسخ ليستمر الحديث عن هوية متجذرة في أرض تاريخية عريقة تجمع بين الطبيعة والإنسان في لوحة متناغمة من الأصالة والتميز.

المصادر العلمية

1. وزارة الزراعة والمياه - كتاب ”النخيل وتصنيع التمور في المملكة العربية السعودية“ «1391 ه/1971 م».

2. كلية الزراعة بشمبات - الخرطوم - محاضرة بتاريخ 25 مارس 1940 ونشرها في صحيفة نادي أندور بالدامر.

3. أبحاث أدواردو بيكاري حول الفصيلة النخيلية.

4. موسوعة الدكتور البكر العلمية عن النخيل.

5. تقرير صحيفة ”الشرق الأوسط“ عن ”نخلة تاروت“ بتاريخ 17 سبتمبر 2023.

بهذه الأدلة الموثقة، يستمر التراث الحضاري لجزيرة تاروت في رسم صورة فريدة عن أصل نخلة التمر، مؤكدةً بذلك مدى عمق العلاقة بين الإنسان وطبيعة هذه الأرض الخلابة.