آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

السلوكيات الاقتصادية للطفل

أمير بوخمسين مجلة اليمامة

الكثير من الدراسات والأبحاث والكتب التي تُنشر تتحدث عن تربية الطفل اجتماعيا، وفكريا، وتعليميا، واخلاقياً، وتتناسى موضوعًا مهمًا ورئيسيًا يخص تربية الأطفال اقتصادياً. حيث الكثير من الكتب والدراسات أغلبها تتحدث عن تربية الطفل ودور الأم والأب، في التغذية والمرض وغيرها من المواضيع الأخرى.. إلا أننا نجد القليل من الكتب تتتحدث عن التربية الإقتصادية للأطفال، بل قد لايوجد من يهتم بهذا الأمر ولا يعطي له أهمية بإعتقاده بأن الطفل من المبكّر عليه أن يتم تلقينه وتعليمه وتوجيهه للموضوع الإقتصادي، وبالتالي يصبح هذا آخر اهتمامات المؤلفين والكتاب الذين يعتبروا هذا الموضوع نوعاً من الترف الفكري وليس له فائدة أو جدوى في عرضه على الأطفال.

بينما نجد تعزيز الوعي لدى الطفل تدريجياً بأهمية الإقتصاد والتأكيد على قيم العمل والكدّ وبذل الجهد، وذم الكسل والخمول، وذم التواكل والعيش على موائد الآخرين، والتشجيع على جمع المال من طرق الكسب المشروع والحلال، يخلق لديه نظرة خاصة إلى طبيعة المال في الحياة، وكيفية التعامل معه، والإستثمار فيه وإنفاقه.

لذلك علينا زرع بعض السلوكيات الاقتصادية التي ينبغي تربية الطفل عليها ومنها: 1 - تعويد الطفل على الإنفاق في ضوء ميزانية الإحتياجات الفعلية.. أي ترتيب الأولويات بشكل متزن ومعتدل، وعدم الإسراف.2 - إشعار الطفل أن الأوضاع الإقتصادية، قد تضيق وتتسع.. وأن الأوضاع الإقتصادية تتغير، ولا ينبغي أن يؤدي الضيق إلى البخل والتقتير، بل إلى حسن التدبير، ولا ينبغي أن تؤدي السعة إلى الإسراف والتبذير، بل إلى القصد والإدخار. 3 - تعليم الطفل على تقدير قيمة الأشياء.. باستعمال الموارد بمقدار الحاجة والضرورة، والإستفادة من الموارد بأقل كمية وأرخص التكاليف الممكنة، وذلك بتعليمه الإهتمام بممتلكاته الخاصة به، وأغراضه وألعابه، وتعويده على عدم التعامل بإهمال واستخفاف وتكسير أدوات المنزل من أثاث وغيرها من المستلزمات الأخرى، وتعريفه بأن هدر المال لا يحصل بالطريقة المباشرة، بل من خلال عدم المبالاة والاهتمام بأغراضه وألعابه. 4 - احترام الطفل لأموال الآخرين وممتلكاتهم وحقوقهم الإقتصادية. وذلك عبر تجنب التصرف في أموال الأطفال الآخرين من دون إذنهم، وعدم التعدي عليها، واحترام حق الآخرين في الممتلكات المشتركة بينه وبين إخوته، ومحاولة منعه من الدخول في أنشطة مالية ومعاملات اقتصادية تحتوي على الغش والاحتيال، ورد مال صاحب الدكان في حال إذا أعطاه قيمة زائدة على ما يستحقه. 5 - توفير الأنشطة الاقتصادية ذات الطابع التكافلي.. إشعاره بالرأفة والرحمة على الفقراء والمحتاجين والأيتام وأصحاب الإعاقة من خلال تقديم النظرة إليهم بأنهم يلعبون دورا إيجابياً في الرحمة الإلهية بالمجتمعات. قال رسول الله ﷺ“ إنما تُرزقون وتُنصرون بضُعفائكم“. وتعويده إنفاق المال في صلة الرحم والمعروف. 6 - زرع قيمة وتقدير العمل الحلال.. عبر ذم الكسل وتبغيضه إلى نفس الطفل، وذلك من خلال سرد القصص الواقعية المُبسطة عن الحيوانات، ومحاولة اصطحابه إلى العمل، وتعريفه إلى أجوائه وطبيعته. وإبعاده عن الألعاب الربحيّة التي فيها روح القمار، وتعويده على مهنة معينة مناسبة لعمره وقدراته البدنيّة، وتشجيعه على العمل بها في أوقات العمل الصيفية دون إرهاقه. وأن هذا الأمر قام به الأباء والأخوان. وأن العمل يعتبر عبادة ويخلق لدى الإنسان الشعور بالراحة النفسية والثقة وعدم مد اليد للآخرين أو التسول، فعن رسول الله ﷺ“ اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المُنفقة والسفلى السائلة“. هذه التوصيات من واقع التجربة التي عشتها مع أبنائي في الجانب الاقتصادي.