من أنت
حينما تعرف صباك، سوف تعرف من أنت ولو بعد حين.
نكبر وتكبر معنا الأحلام، أما الحياة فتخيط لعبتها، تشبك خيوطها حول أعمارنا، لنبدأ معها لعبة شد الحبل.
بين جذب وشد، همة وتراخ، بناء وهدم...... هلم جرة.
حياة مليئة بالأحداث والمفارقات التي تصنعنا وتصنعها.
مذ نعومة أظافرنا، نخوض غمار الحياة بمجاديفنا اللينة الصغيرة، نتشبث بها لنقاوم أمواج الوقت، الذي يأخذ بصقلنا، وبدورنا نأخذ بالحفاظ عليها ولا بد من تدعيمها وتقويتها باستمرار كي نأمن إنقاذها لنا.
من منا لا يذكر طفولته؟
الطفولة:
تلك الفترة الزمنية القصيرة.
الزمن الذي أجمل ما فيه ولو كان للبعض قاسيًا، هو الشعور بالأمان وبأن هناك من يقوم برعايتك، «والديك».
الوالدان: -
الوالدان دون أدنى شك، هما المنتج الفعلي للشخصية، هما بداية تكوينها إلى اكتمالها.
كل ما في عقولنا من تحرر أو عقد، وما في نفوسنا من سكينة وحب، أو فوضى وبغض..... إلخ.
كل ما بنا مرجعه بكل تأكيد تنشئتنا.
تمامًا، كما شخصيات الوالدين مرجعها والداهما، وهكذا هي الحياة........
دائرة تبدأ حيث تنتهي، وتنتهي حيث بداية أخرى.
فنحن لا نأتي من العدم، إنما نحن امتداد.
وهذا الامتداد هو النبع الذي يروينا أو يجذبنا.
هذا الامتداد الذي سرعان ما سيبهت، ويخفت وهجه تدريجيًا حتى نظنه قد اختفى.
إنما الحقيقة أنه تسرب إلى أعماقنا واستقر هناك يتحكم بمصيرنا، ممسكًا بدفة عقولنا ونفسياتنا.
فمهما حاولنا نكران تلك الحقيقة، إلا أنها متلبستا ولا مفر منها سوى بالمواجهة.
أما كيف تكون المواجهة؟!
تعالوا نرى نماذج من واقع الحياة التي قد تبدو للبعض من ضروب الوهم أو الخيال........ الخ.
ليس مهمًا من أين سوف آتي بتلك النماذج..... المهم إني أرغب بشدة أن ألقي كل ما بجعبتي من أفكار وخواطر، وكل تلك الأحاديث الجامحة منذ أول الوعي في صحاري عقلي الموحشة، كما خمائل نفسي الندية المبهجة.
حيث العقل والنفس، هما ما نحن عليه.
هما «المضمون»
وما المضمون إلا حقيقتنا العارية، المستترة في أقاصي ضمائرنا والتي تقوم عقولنا بكسيها.
نحن:
بعثرات مشاعر وأفكار، ترتبها عقولنا لنظهر أمام الملأ، حسب نوايانا.
أما النوايا:
فهي حقل الأسرار الغائر لكل شخص.
ماذا لو كشفت النوايا للعلن؟
هل تستمر العلاقات بين البشر كما هي؟
التساؤلات:
التساؤلات ذاك العالم الساحر، الذي يصنع القوة للبعض والضعف للبعض الآخر، يخلق السمو كما الانحدار.........
وهكذا هو الإنسان مجموعة تكوينات لا مرئية.
لا نعرف عنه إلا ما يظهره بإرادته، والذي لن نستطيع الحكم على مصداقيته دام النية غيبية.
لذلك.....
ما علينا سوى التعامل مع الآخر من منطلق نوايانا نحن وتقديم حسن الظن دائمًا، إنما لا بد من تحكيم العقل، وأن لا يهمل جانب الحدس والشعور تجاه الخافي والمجهول.
قد يكون مضحكًا للبعض ما تقدم، خاصة ما يتعلق بالحدس والشعور تجاه الخافي.
لكن بالنسبة لي:
الحدس مهم لأنه لا يأتي من العدم. إنما من تراكم الخبرة والمعرفة......
«الثقافة» وتحديدًا ثقافة الصمت!!
الصمت:
الصمت وتحتها ألف خط أحمر عريض.....
فحينما يقع على العقل فكرة أو معلومة، أم يحشر في موقف أو حدث ما، وحينما يعتاد القراءة والاطلاع..... الخ.
ثم يقوم بوضع ذلك في بوتقة التأمل والتحليل الذاتية.
وعليه تبدأ الشخصية باكتساب صبغتها الخاصة، والتي منها سوف ينهل ثقافته، وبالتالي تتحدد طرق تعامله مع الحياة، وتواصله مع مختلف الأمور وكل ما حوله أينما حل وارتحل بحرية وثقة.
وما الصمت هنا إلا أسلوب ناجع لترتيب القيم، وتأسيس قاعدة مبادئ، تؤطر الشخصية من ناحية، ومن ناحية أخرى تبني سلم الارتقاء وبناء الذات.
فمن يكبر قبل أن يكون صورة مستقبلية لشخصه، سوف يعاني الكثير من التخبط قبل الوصول لما يتمنى ويأمل.