حين تستمع لصيادي الأسماك في القطيف «2/3»
اللقاء الذي عقده مشكوراً مجلس أعمال الغرفة التجارية بالقطيف للاستماع للمشكلات التي تواجه صيادي الأسماك في القطيف خالف المعتاد في العديد من تفاصيله عند الحديث عن الهموم والتحديات. فقد بدا اللقاء وكأنه مادة تدريبية ثرية عرضها فيها الصيادون بعض تجاربهم المميزة التي تحتاج إلى من يتلقفها للاستفادة منها والبناء عليها، حيث تحدث بعضهم عن تجاربه في الحفاظ على البيئة، وإن كانت النتيجة التي صادفها هي فرض غرامة عليه، كما اقترح بعضهم بعض الطرق والأساليب المثبتة التي تساعد على تكاثر الأسماك في أماكن معينة تكون قريبة من الساحل وبعيدة عن المواقع المحظور الاقتراب منها.
لقد تحدث بعض الصيادين عن مسؤولية إدارة سلاح الحدود التي تدير موانئ صيد الأسماك، فهي مسؤولة عن الميناء والصيادين وقواربهم ومواقع الصيد وأدوات الصيد وكثير من تفاصيل التفاصيل التي لها علاقة بحرفة صيد الأسماك والصيادين بما في ذلك نوع وحجم الشباك وسماكة خيوطها. وللدقة أيضا فقد وقفت على عدد من الحالات، ووجدت تعاوناً كبيراً من رجال سلاح الحدود، ولكن هم أيضا ورغم تفهمهم لبعض الحالات، فإن لديهم نظامهم العسكري الخاص بهم الذي يلتزمون التقيد به ولديهم تسلسل هرمي يحدد مسؤولياتهم وصلاحياتهم. وباعتقادي أن سبب هذا التباين الذي سمعناه يرجع إلى طبيعة نشاط صيد الأسماك، فهو نشاط مدني حرفي اقتصادي يحتاج بطبيعته لنمط إداري مرن قادر على سرعة التغير والابتكار، لكن هذا النشاط الهام يدار عملياً من قبل جهاز طبيعة عمله مختلفة تماماً، فإدارة سلاح الحدود هي أحد القطاعات العسكرية ونشاطها الرئيس تختص بحفظ أمن الحدود. ومن هنا نستطيع أن نتخيل حجم التباين بين نشاط صيد الأسماك وإدارة موانئ صيد الأسماك. وهنا لا بد لنا من التنويه بالدور الكبير الذي يقوم به رجال سلاح الحدود والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم تجاه حفظ أمن وسلامة حدود المملكة، والتي لا يقوم بها أحد سواهم.
أما الجهة الثانية التي طالها لوم الصيادين فهي وزارة البيئة والزراعة والمياه، ممثلة في إدارة الثروة السمكية على وجه الخصوص. فقد كشف الصيادون خلال اللقاء عن معرفة جيدة بالأنظمة ذات العلاقة المطبقة في دول الخليج على سبيل، وحزم الدعم المخصصة للصيادين هناك، وكذلك المرونة التي يحصل عليها الصيادون هناك خصوصاً فيما يرتبط بفترات الحظر وأنواع الشباك التي يسمح بها هناك وتحظر هنا، كما قدم بعضهم عرضاً عن كيفية تناقص أعداد بعض الأسماك وهروب بعضها الآخر من مياه المملكة معزياً السبب إلى الحظر غير المدروس الذي يضر بالتكاثر، بل يجعل بعض الأسماك تهرب لمواقع أخرى، أو يأكل بعضها بعضاً كما هو حاصل حالياً مع المحار.
لقد بهرني عرض أحد الصيادين لموضوع ما يسمى بالكهوف الصناعية في البحر بجوار المياه القريبة عبر عمل تكوينات ومغارات صغيرة لتكون ملاذا آمنا لمختلف الأسماك من التيارات المائية ولوضع البيض وجذب الأسماك المهاجرة والمساهمة في دعم سياحة الغوص عن طريق زيادة الشعب المرجانية. وهذا أسلوب متبع عالمياً ولسلطنة عمان تجربة تستحق الإشادة، علماً أن سلطنة عمان هي الأكثر إنتاجاً للأسماك بين دول الخليج.