آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

التنمر: خطر يهدد سلامة الأطفال في المدارس

جهات الإخبارية غدير البندري - الأحساء

ترفض طفلة في المرحلة الابتدائية الذهاب للمدرسة وهي ترتدي الحجاب بسبب تنمر زملائها عليها!.

في حادثه متكررة في بعض مدارس المرحلة الابتدائية عدد من الطالبات يرفضن الذهاب للمدرسة بعد ما تنمر بعض زميلاتهم عليهم بسبب ارتدائهم الحجاب ووصفهم بأنهم يخالفون الموضة!

مما جعل أحد الطالبات ترفض الخروج من غرفتها وتضرب عن الطعام والشراب وترفض أن يقترب منها أحد

هناك البعض يعتبرون أن التنمر مجرد مزحة بسيطة بما أنها غير مقصودة بالتنمر، لذلك يجب التفرقة بين التنمر والمزحة خفيفة الظل فهما ليسوا سواسيه.

من جانبها، أوضحت د. سناء مبروك، أستاذ الأنثروبولوجيا والاجتماع بجامعة الملك فيصل، أن تنشئة الطفل السوية منذ الصغر تحميه من الوقوع ضحية التنمر، سواء داخل الأسرة أو المدرسة.

وقالت: ”هناك قضايا تواجه الأطفال قبل مراحل الدراسة، منها فكرة أن الأهل والأُسر تتعامل مع الطفل على أنه شيء بلا معنى بسبب صغر سنه، وعدم إدراكه أو وعيه أو فهمه، مما يؤدي إلى تهميشه، وهذا التهميش يؤثر على نفسية الطفل، ويشعره بأنه منبوذ“.

وأضافت: ”يجب أن تدرك الأسر أن الطفل كائن يتشكل، ويجب أن نشكله منذ الصغر، لأن التنشئة الاجتماعية هي قنبلة موقوتة، إذا لم نحسنها ستنفجر في وجه الطفل، وقد تجعله عنيفًا أو انطوائيًا أو متوحدًا، منعدم الثقة في ذاته، دائمًا خائف ومتردد“.

وتابعت: ”هناك نوع آخر من التنمر داخل الأسرة، وهو السخرية من وزن الطفل، سواء كان بدينًا أو نحيلًا، وهذا يؤثر على نفسية الطفل“.

وأكدت د. مبروك على أهمية إشراك الطفل في الأسرة، وعدم تجاهله أو إهماله، قائلة: ”يجب أن نعود أنفسنا كأهالي أن نجعل الطفل مشاركًا في الأسرة، وأن نسمع رأيه، وهذا ما نسميه بالأمان الأسري، أن يشعر الطفل بأنه مُحتوى في أسرته“.

وأشارت إلى أن مرحلة المدرسة هي مرحلة مهمة في تنشئة الطفل، قائلة: ”إذا تربى الطفل على أن له مكان وكيان وقيمة وسط أهله، فإنه سيكون متوازنًا في المدرسة، ولن يتنمر على أحد، لأن المُتنمر هو شخص ضعيف يعاني من النقص، ويظهر ذلك من خلال التنمر“.

ولفتت إلى أن الطفل السوي في الأسرة السوية، هو الطفل الذي يُعامل بكرامة واحترام منذ الصغر، قائلة: ”يجب أن نعلم أطفالنا أن المُتنمر هو شخص جبان لديه عقدة في حياته، وأنه يترجم ذلك للعنف“.

وأكدت على أهمية التنشئة الاجتماعية السوية للطفل، قائلة: ”إذا كان الطفل سوياً، فإنه سيكون طالبًا وصديقًا سويين، ولن يتنمر على غيره، ولن يعطي فرصة للآخرين أن يتنمروا عليه“.

وبينت أن السبب الرئيس في تعرض الأطفال للتنمر هو نقص الثقة بالنفس وتقبل الذات.

وقالت إن الأهل غالباً ما يلقون الأوامر على أطفالهم دون شرح الأسباب أو مناقشتهم، مما يؤدي إلى شعورهم بالضغط والقهر، وبالتالي ضعف الثقة بالنفس لديهم.

وأضافت أن الأهل يجب أن يعلموا أطفالهم كيفية اتخاذ القرارات والتفكير فيها بأنفسهم، وأن يشجعوا على تقبل الذات مهما كانت الاختلافات.

وأشارت إلى أن الطفل الذي يتقبل ذاته سيكون أكثر ثقة بنفسه، وبالتالي سيكون أقل عرضة للتنمر.

وأوضحت أن هناك عدة طرق يمكن للأهل من خلالها تعزيز ثقة أبنائهم بأنفسهم، منها: الثناء على الأبناء على إنجازاتهم مهما كانت صغيرة. منح الأبناء الفرصة لاتخاذ القرارات والمسؤولية عن أفعالهم. التحدث مع الأبناء عن مشاعرهم ومشاكلهم.

وشددت مبروك على أهمية وجود علاقة قوية بين الأهل والأبناء، بحيث يشعر الطفل بالأمان والثقة في الحديث مع والديه عن أي مشكلة يواجهها.

وأكدت أن هذه العلاقة القوية ستساعد الأبناء على التغلب على المشكلات التي يواجهونها، بما في ذلك التنمر.

وأشارت مبروك إلى أن هناك عدة طرق يمكن للمدرسة من خلالها الحد من التنمر، منها: عقد جلسات توعية للطلاب حول التنمر ومخاطره. إنشاء خط ساخن للطلاب للإبلاغ عن حالات التنمر. تشكيل فرق من الطلاب لرصد حالات التنمر واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منها.

وأكدت مبروك أن تعاون الأهل والمدرسة والمجتمع سيساعد على حماية الأطفال من التنمر.

ولفتت إلى أن التنمر في المدارس مسؤولية مشتركة بين الأهل والمعلمين والمجتمع.

وقالت مبروك إن دور المعلمين أساسي في الحد من هذه المشكلة، من خلال توفير أخصائيين تربويين ونفسيين واجتماعيين في كل مدرسة، وخلق بيئة مدرسية آمنة ومحفزة على التعاون.

وأضافت أن دور الأهل مهم أيضاً في التوعية بمخاطر التنمر، ومراقبة أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجيههم إلى الأنشطة الإيجابية التي تعزز ثقتهم بأنفسهم.

وأشارت إلى أن الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة يقل إدراكهم للمخاطر، لذلك يجب على الأهل أن يكونوا على تواصل دائم معهم، وأن يوفروا لهم بيئة آمنة ومحبة.

وفيما يتعلق بتقليد الأطفال الأكبر سناً في سلوكياتهم، قالت مبروك: ”إن السوشال ميديا له تأثير كبير على انحلال القيم والأخلاق، ويجب على الأهل أن يراقبوا أبنائهم على هذه المنصات، ويوجهوهم إلى الأمور الإيجابية“.

وأكدت أن الأنشطة الإيجابية مثل الرياضة والفن والموسيقى تلعب دوراً مهماً في تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال، والحد من مخاطر التنمر.

روت والدة الطفلة ج. ب معاناتها مع ابنتها بعد تعرضها للتنمر المدرسي، حيث قالت: ”كانت فترة صعبة جدًا فأبنتي كانت ترفض الذهاب للمدرسة وترفض الخروج من غرفتها وحتى كانت ترفض الحديث معي أو مع والدها أو حتى مع أخواتها الصغار، وأصبحت أكثر عدوانية كل من يقترب منها تضربه وتصرخ إلى أن يخرج وكانت في حالة نفسية سيئة جدًا تستمر في البكاء والعنف فقط“.

وأضافت: ”في البداية لم أود أن أتعامل معها بالإجبار وأن أرغمها على الخروج، ولكن حين رأيت أنها أصبحت عدوانيه وبكائها المستمر حاولت التقرب منها وإرغامها إلى حدٍ ما، هُنا اكتشفت بأنها قامة بإيذاء نفسها جسديًا، وحين سألتها لماذا فعلت ذلك أصبحت أكثر غضبًا فكان من الصعب جدًا أن أتواصل معها أو أقارب منها“.

وتابعت: ”حين رأيتها هكذا تركتها وخرجت وأرسلت في قروب الفصل لأبنتي أسأل الأمهات ما إن كان هُناك فتيات مثل ابنتي، وفعلًا بعد حديثي مع بعض الأمهات تبين لي أن ابنتي وبعض زميلاتها اللواتي يرتدين الحجاب يتعرضون للتنمر والمضايقة من بعض الطالبات في الصف، وحينها علمت ما الذي جرا مع ابنتي“.

وأوضحت: ”حينها عندما كانت نائمة جلست بالقرب منها وحين شعرت بي استيقظت غاضبة وبدأت بالصراخ علي، حينها استمريت أكرر عليها «لماذا لم تخبريني» بأسلوب حازم إلا أن صمتت وسألتها حينها «ألم نتفق ألا نخفي عن بعضنا شيء؟» حينها بدأت بالبكاء وأخبرتني بما حدث معها ومن هم الفتيات اللواتي قمنا بالتنمر عليها“.

وأردفت: ”عند إذن احتويتها وجعلتها تخبرني بكل ما تشعر به ووضحت لها أن المتنمرين أشخاص ضعفاء ولا صحة لما يقولونه وبدأت أعزز ثقتها بنفسها وبينت لها خطأها واهتممت بها بشكل أكبر إلى أن بفضل الله عادت صحتها النفسية ولم تعد تتأثر بهذه الأمور ولا تخفي عني شيء“.

وشددت والدة الطفلة ج. ب على الأمهات قائلة: ”إن كانت أحد بناتكم ترفض الذهاب للمدرسة أو تتعامل بعدوانية لا ترغميها وتعاقبيها بل أبحثي وتحدثي معها واكتشفي ما الذي حدث والأهم أحتويها وأشعريها بالأمان ووضحي لها الخطأ لا تعاقبيها كي لا تصبح الأمور أسوأ“.

وقالت والدة الطفلة المتنمرة عليها، ج. ب، إنها علمت بالواقعة من ابنتها بعد أن أصبحت تعاني من مشاكل نفسية وجسدية، حيث ذكرت لها أن المتنمرات كن يضربنها ويمزقن حجابها، وأحياناً يشدنه مع شعرها.

وقالت، أن المعلمة لم تعرها اهتماماً عندما أخبرتْها بالواقعة، وقالت لها: ”في بنات كثير وهم صغار طبيعي الحركات هذي بنتك تدلع زميلاتها الباقي ما سوا حاجه“.

وأوضحت الأم أنها ذهبت إلى مديرة المدرسة، التي أخذت الموضوع على محمل الجد، وتواصلت مع أولياء الأمور المتنمرين، وقامت بتوقيع عقوبات على الطالبات المتنمرات.

وأكدت المديرة أن المدرسة ترفض أي شكل من أشكال التنمر، وأنها تتعامل بحزم مع أي طالبة أو ولي أمر يتنمر على غيره.

وقالت الطفلة المتنمرة عليها، ج. ب، إنها كانت تشعر بالغضب والحزن والخوف بسبب التنمر الذي تعرضت له، وكانت ترغب في الاختفاء من العالم.

وأضافت أنها أخطأت بعدم إخبار والدتها بالواقعة من البداية، وأنها تعلم الآن أن الأهل هم من يساعدون ويدعمون أبنائهم في مواجهة التنمر.