كيف تكون أكثر قدرة على الإقناع من الناحية العلمية
- 15 نوفمبر 2017
- بقلم هاريت ديمبسي - زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه، قسم علم النفس، كلية العلوم الصحية والسلوكية
- المترجم: عدنان احمد الحاجي
- المقالة رقم 282 لسنة 2023
- How to be more persuasive - according to science
- November 15,2017
- Harriet Dempsey-Jones, Postdoctoral fellow, School of Psychology, Faculty of Health and Behavioural Sciences University of Queensland
سواء رغبت في ان تقنع شريك حياتك بالقيام بالمزيد من الأعمال المنزلية أو تقنع زملاءك أن يساندوا ويدعموا فكرتك التي طرحتها مؤخرًا، ففي نهاية الأمر لابد أن نحتاج لبذل الجهد والوقت في محاولتنا إقناع الآخرين أو حتى التأثير فيهم.
من الناحية العلمية هل هناك أي حيلة نستطيع توظيفها لإقناع الناس بالقيام بما نرغب أن يقوموا به، دون اللجوء إلى التنمر عليهم أو إلى ارهابهم؟ هذه تعتبر مهمة صعبة ومعقدة، ولكن الأبحاث النفسية التي عُملت في هذا المجال على مدى ما يقرب من 30 عامًا تفيد بأنه قد يكون هناك فليل من الأساليب الإقناعية التي تستحق المحاولة.
لو رغبت في أن تحصل على شيء من أحد الأشخاص ما عليك إلَّّا أن تبدأ أنت بإعطائه شيئا.
”قاعدة المعاملة بالمثل [1] “ تبين كيف يشعر الناس أنهم مدينون جدًا لشخص أهداهم هدية أو عمل لهم شيئاً إلى الحد الذي لا يرتاحون حتى يقابلوه بالمثل. وقد استخدمت المؤسسات الخيرية هذا المبدأ لزيادة التبرعات على مدى عقود من الزمن: تقديم هدية غير مشروطة قبل التبرع ”حتى هدية رخيصة“ يمكن أن يزيد من المقدار الذي يُتبرع به بنسبة تصل إلى 75% [2] ، كما أنها تلزم الشخص لا شعوريًا بالمعاملة بالمثل ”الاحسان بالاحسان“.
ولكن ينبغي أن نكون حذرين في استخدام هذه الاستراتيجية. فتقديم حوافز خارجية [المترجم: الحوافر الخارجية عي ما تأتي من دافع خارجي external أو extrinsic كالحصول على مكافأة أو الخوف من عقاب، بحسب التعريف [3] [4] ] عند محاولة الحصول على شيء ما، يمكن في الواقع أن يقلل الحافز الخارجي من العطاء في حالات معينة - لا سيما فيما يتعلق بالعطاء الخيري. وذلك لأن الحصول على مكافأة يمكن أن تقوض دوافع الإيثار الداخلية internal أو intrinsic للعطاء [المترجم الدافع الداخلي يأتي من عوامل نفسية [3] [4] ”مما يجعلها أشبه بتسديد دين لمؤسسة خيرية“. أو، لأنه يزيل أثر دافع عطاء داخليً قوي آخر للتبرع، ”هذا الدافع الداخلي الآخز مثل الرغبة في الظهور بمظهر السخي في عيون الآخرين“ أما أخذ هدية [وهو ما يُعتبر دافعًا خارجيًا] يمكن أن يجعل الشخص يبدو أنه غير ”مخلص“ في عمله".
وهناك طريقة أخرى لتضلل شخصًا تنطوي على اختيار كلمات تعينك على تعظيم فرصة قدرتك على الإقناع بطريقة بارعة جدا. على سبيل المثال، في محاورتك إياه، يمكن أن يؤثِّر اختيارك للضمائر في مدى تفاعل الناس مع ما تقوله بشكل مدهش [5] .
استخدام العبارات التي تبدأ بـ ”أنت“ ”مثل،“ كان يجب عليك أن تنتهي من هذا التقرير ””سيثير مزيداً من العداوة في المتلقي [الموجهة إليه الكلام] [6] مقابل ما لو استُخدمت عبارات تبدأ ب“ أنا ”“ ”أنا أشعر بالضغط لأن التقرير لم بُنجز بعد“ ”. وذلك لأن إزالة“ أنت“ من شأنها أن تزيل عنصر الاتهام من العبارة.
حيلة لغوية أخرى هي استخدام الأسماء بدل الأفعال عند مناقشة النتيجة التي تريد حصولها في النهاية. في إحدى الدراسات، سئل الناس ما ”مدى أهمية أن تكون ناخباً في انتخابات الغد؟“ مقابل ”ما مدى اهمية أن تشترك في انتخابات الغد؟“ عندما سئل الناس عن ”كونهم ناخبين“، هذا يؤسس للهوية الذاتية [المترجم: self perception تصور السمات الذاتية تعتبر عملية مراقبة وتفسير الفرد لسلوكياته وأفكاره ومشاعره، واستخدام تلك الملاحظات والتفسيرات لتعريف نفسه [7] [8] ] له كشخص ينتخب. 11% من الناس الذين سئلوا عن كونهم ”ناخبين“ ”استخدام الاسم“ كانوا أكثر إحتمالاً للتصويت في الانتخابات التي جرت في اليوم التالي، مقارنة مع أولئك الذين سئلوا باستخدام صيغة الفعل: ”انتخب“.
وهناك أيضا العديد من الحيل الأخرى في اللغة يمكنك توظيفها والتي ثبت أنها تزيد من إعجاب الناس أو ثقتهم فيك، مثل محاكاة ”تقليد“ وضعية أجسام الناس ببراعة ”أي ان تتخذ نفس وضعية جسم من تحاول ان تقنعه“ [9] ، رالتحديق في أعينهم [10] بشكل متكرر وذكر أسمائهم في بشكل أكثر تواترًا [11] .
هل يحتاج أحد أفراد أسرتك إلى بعض ”تهذيب السلوك“ [المترجم: تعزيز السلوك حتى يصل إلى مستوى السلوك المرغوب فيه السياليك [12] ؟] ربما يزيد قليلًا من سلوك معين مرغوب فيه أو يقلل قليلا من سبلوك آخر غير مرغوب فيه؟ ونحن نعلم جميعا أن بإمكاننا زيادة احتمال قيام شخص بفعل شيئ إما من خلال التعزيز reinforcement ”المكافأة rewarding“ [12] ، أو من خلال التقليل باستخدام العقاب.
ولكن، الإشراط الإستثابي ويطلق عليه أيضاً الإشراط الإجرائي [13] يُبين أن للتأثير في السلوك لفترات طويلة، فمن الأفضل عدم مكافأة ”تعزيز“ أو معاقبة كل حالة من السلوك. حتى لو أردت شخصاً أن يستمر في فعل ما ”ساوك ما“ ”أو التوقف عن فعل شيء ما“، يمكنك ببساطة تغيير الجدول الزمني للمكافأة أو العقاب لتحقيق أقصى قدر من امتثاله.
جدول تعزيز متفاوت مثل هذا يمكن أن يكون نافعًا وذلك باستخدام مبدأ الترقب والانتظار - حيث عدم اليقين ”الغموض“ يجعل الناس بتعلمون ”يكسبون السلوك المرغوب / المهارة“ بشكل أسرع ويحافظون عليه لأطول فترة بعد رفع المكافأة أو العقاب. وبنفس الأسلوب، عدم معرفتك كم لعبة ستلعب لتفوز باليانصيب، هذا جانب من الجوانب التي تجعلك مدمناً على اليانصيب [أي عدم اليقين في تحقيق الفوز يبعث على الادمان].
هناك مجموعة من الدراسات المتداولة تفيد بأنه لو رغبت في الحصول على شيء ما، فيإمكانك أن تحصل عليه لو طلبت أيضا شيئًا لا ترغب فيه. ترجع طريقة ”تأسيس موطىء قدم [14] “ إلى أنه بمجرد موافقة شخص على طلب بسيط جدًا، فإن من المرجح أن يوافق على طلب آخر أكبر منه بكثير - أكثر بكثير مما لو فقط طُرح مع طلب كبير [15] .
هذا الأمر يحدث لأن الناس بسلوكهم هذا يعبرون عن مكنونات أنفسهم، وبما أنهم لم يتعرضوا لضغوط من الخارج على الموافقة، فإن بإمكان شخص أن يستنتج لا شعوريًا أن اذعانهم كان بسبب آرائهم الإيجابية تجاه السائل أو الطلب.
ويبدو أن التأثير يبقى حتى عندما يكون الطلب الثاني من نوع مختلف تمامًا، أو عندما يطلبه شخص آخر. وفي ضوء ذلك، كان يعتقد أن أول ”نعم“ لشيء تُغير إستعداد الفرد تجاه قول نعم للأشياء الأخرى بشكل عام ””أنا بصراحة رَجُلُ لا يقول إلَّا نعم لو طلب مني أحد شيئًا““.
من ناحية أخرى، لو طلبت شيئاً كبيراً جدًا بحيث لن يوافق المطلوب منه عليه، فأنت فعلا ترفع من فرصك في الاتفاق على طلب شيء ثان أصغر / أبسط منه. وقد يكون هذا أيضا شكلًا من أشكال المعاملة بالمثل: فالشخص الذي يُطلب منه مجبر على التوصل إلى حل توفيقي، ردًا على السائل الذي يقدم تنازلًا [المترجم: عند تنازله بطلب شيء أقل / أرخص …. من طلبه الأول].
وباختصار، قد لا يغير علم النفس الاجتماعي حياتك... ولكن قد يساعدك في ألا ترجع بخفي حنين.