آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

الحوار وضرورة المشتركات‎

علي العبد العال *

من الصعب جدًا أن تتحاور مع طرف آخر لا يجيد التركيز على أصل الفكرة ويغيب عنه ”المشترك“ الذي يجمعه بك. وأتصور بأنَّ لا قيمة للحوار بين طرفين يحاولان فرض اعتقاداتهم، إذ يصبح الحوار من مجرد أداة تواصل ومعرفة الآخر وتعزيز المشتركات بين بعضهم البعض إلى حوار طرشان، أي جدال عقيم لا يحقق قيمة. يبدو لي بأنَّ من السمات البارزة في العديد من الحوارات هو غياب الأرضية المشتركة لا سيما ”حوار ذات طابع ديني“. والأرضية المشتركة لا تتحقق إلا بقبول الآخر فضلًا عما يعتقد، إذ على الطرفين قبول بعضهم البعض، بل السعي إلى توسيع ما يجمعهم ضمن هذا الحوار، أي أن يكون الحوار فرصة للتقارب والألفة وتبادل الود، لكي لا ينحرف الحوار إلى منحى آخر، يشتت الطرفين عما يجمعهم.

من الطبيعي أن ينحاز كلٌ لما يعتقد، أي كل طرف يملك من الأفكار ووجهات النظر الذي قد تكون مختلفة عن الآخر، لكن ليس من الطبيعي أن تتحول هذه الأفكار ووجهات النظر سببًا لإلغاء الآخر. ترسيخ مبدأ الحوار يتطلب النظر في أبعاده، أي هل الطرفين مستعدين لإنشاء حلقة تواصل بين بعضهم أو غايتهم التفرقة وخلق فجوة فيما بينهم؟

لذلك ليس من الضروري أن يتحاور المرء مع طرف آخر، بمعنى على المرء أن يتحاور مع طرف يجيد ربط المشتركات وتقبل الطرف المقابل وإعطاءه الحق فيما يبديه من آراء مختلفة. لذلك يحتم على الطرفين احترام بعضهم البعض وتقبل فيما قد يختلفون فيه. لذلك قد يكون من الضروري عدم الحوار مع طرف يرى الإقصاء والإلغاء للطرف الآخر هو ما يجعله بارزًا ومنتصرًا.

ربما وجد البعض في حوارات سابقة بأن طرفًا ما يقع في بعض المغالطات المنطقة، إذ يأخذ الحوار إلى اتجاه آخر، بمعنى أن يستخدم إحدى المغالطات مثل مغالطة رجل القش ومغالطة الشخصنة وغيرها من المغالطات، لعدم امتلاكه الحجج المدافعة عن آرائه ووجهات نظره. إذ من المفترض أن لا يكون الحوار محاولة للتشنيع والاستهزاء من الطرف الآخر.