الحرية المُحبة للجميع
كي يعم الحب، ويميل الناس إلى المحبة لا إلى الكراهية، تحتاج البشرية إلى أنسنة الإنسان، وهي عملية ليست فردية فحسب، ولا تستهدف شريحة محددة من الناس فقط، ولا يراد منها تغيير أهل هوية ما ليكونوا مناسبين للتعايش والعيش مع أهل الهوية الأقوى والأكبر، ولا ينادى بها كشعارات من أجل المسايرة السياسية أو المداراة الأخلاقية، بل أنسنة الإنسان تعني أنسنة جميع سكان المعمورة دون استثناء. فكل سكان الأرض لهم تجاربهم المريرة، التي تطرد المحبة وتعزز الكراهية، بسبب هوياتهم المختلفة من حيث الدين والعرق والقبيلة واللغة والجنسية والطائفة، وللكل مبرراتهم التي يرونها منطقية للبقاء والمحافظة على هوياتهم وأهلها.
الجميع يدعي حب الحرية، بل ويدعون بأنهم متسامحون فيها، بينما واقع الجميع يؤكد على حب حرية الاختيار لأنفسهم دون غيرهم. بيد أن الحرية هي روح الحب التي تجعل منها مفتاحاً لمحبة الناس بإعطائهم حرية الاختيار. حب الإنسانية يتمثل في إضفاء الحرية على البشرية فيما يختارون ويؤمنون ويعتقدون. بهذه الحرية، ”الحرية المُحبة“، نخرج من قوقعتنا وعزلتنا كبشر تجاه بعضنا البعض.
”الحرية المُحبة“ أمست ضرورة بين أبناء البشر، فلم يعد أحد منا بعيداً عن تبادل التأثر والتأثير مع الآخرين. هي مجرد أزرار الكترونية لتجعل الجميع يتحدث إلى الجميع بالغث والسمين، بل والجميع يستمع ويرى من الجميع أيضاً بالغث والسمين. ودون ”الحرية المُحبة“ لن يتمكن سكان المعمورة من التعايش بحب. فهل هذه الشعوب المتعددة الأصول التي تعيش جنبا إلى جنب في جميع البلدان، وجميع المدن، ستظل زماناً طويلاً تنظر إلى بعضها بعضاً من خلال منشورات مشوهة - بضع أفكار موروثة، بضعة أحكام مسبقة قديمة العهد، بضعة تصورات ساذجة؟
يبدو لي أنه حان وقت تغىىر عاداتنا وأولوياتنا كي نصغي بمزيد من الجدية إلى ما يقوله لنا العالم الذي نبحر على متنه. ذلك أنه لم يعد ثمة غرباء في هذا القرن، لم يعد ثمة إلا «رفاق سفر». وسواء كان معاصرونا يسكنون الجهة الأخرى من الشارع أو الجهة الأخرى من الكرة الأرضية، فهم لا يبعدون عنا سوى خطوتين؛ تصرفاتنا تمسهم في الصميم، وتصرفاتهم تمسنا في الصميم. [1]
في المقطع المرفق واحدة من آليات انتشار المحبة بين الناس بعنوان ”تبادل المحبة“: