آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 9:31 م

هل ينتهي زمن المثقف البشري؟

أمين محمد الصفار *

من وحي ندوة #منتدى_الثلاثاء_الثقافي في موسمه 24 الذي ابتدأ هذا الأسبوع، وكان عنوانها قراءة في تحولات المشهد الثقافي، وفي ظل موجة الذكاء الصناعي نتساءل: هل ينتهي زمن المثقف البشري؟

النظرة العامة للجدل حول الذكاء الصناعي ما زالت تبدو مقتصرة في مجملها على مدى إمكانية حلوله بديلاً عن الوظائف والمهارات البشرية بشكل عام سواء الوظائف والمهارات البسيطة، أو تلك المعقدة على حد سواء.

هذا التساؤل هو أيضا إضافة، بل نسخة مكررة «وليس ابتكاراً» للعديد من تلك التساؤلات التي تطرح مقابل الذكاء الصناعي الذي علت نغمة الحديث عنه، لكن دون أي تجاوز لهذا النطاق المحدود.

حالياً على الأقل، نستطيع القول أننا نشاهد على سبيل المثال تقدم «المؤثرون» في وسائل التواصل الاجتماعي على تقدمهم، وربما تسيدهم للمشهد الثقافي والإعلامي والاجتماعي أيضا، وفي بعض المجتمعات نستطيع أن نقول حتى على المستوى المادي. فبعض هؤلاء المؤثرين أصبحوا يمتلكون من النفوذ والحظوة والقدرة المادية ما يغبطهم عليه كثير من المثقفين.

لقد أتقن وتفنن بعض المؤثرين في التلاعب بعقول ومشاعر الآخرين باختلاق مختلف الأساليب غير المقبولة سعيا منهم لجذب عدد من فئات المجتمع، سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين أو نساء أو حتى كبار سن، ونجحوا في تحقيق مرادهم سواء بعدد المشاهدات أو التعليقات أو حتى ارتفاع أعداد من يصدق بعض القصص المختلقة، ورغم ذلك لم تظهر جدلية أو مقولة إحلال أو انتهاء دور المثقف لصالح المؤثر بالطريقة التي يطرح فيها عدو أعمالنا وشغفنا المدعو الذكاء الصناعي.

بالعودة إلى تساؤلاتنا حول الذكاء الصناعي، أعتقد أن هذا النوع من التساؤلات أو المخاوف هي من النوع غير المجدي إثارته أو التطرق إليه في هذه المرحلة على الأقل. لأنه وبكل بساطة هو تكرار وردود فعل أشبه ما يكون التلقائي مقابل كل جديد، ومن جانب آخر أن الفضاء أوسع من ذلك بكثير، فتساؤلاتنا تحتاج أن تكون أكثر نضجاً وعمقاً بهذا الخصوص لا سيما ونحن عشنا وما زلنا نعيش سلسلة من التحولات المتسارعة والمركبة؛ وبالتالي فهي تعطينا قدرة أوسع على طرح الإشكالات والتساؤلات المنتجة للمرحلة الحالية والمستقبلية، بدلاً من الرجوع للخلف أو الاستمرار في الدوران حول الدائرة التقليدية الضيقة.

لعل الإحساس بهذا الشعور يكون هو إحدى البدايات الصحيحة للانطلاق نحو أفق أوسع وأرحب وأكثر إنتاجاً للتساؤلات الحقيقية التي تحفز على الإبداع والانتقال لمنحنى معرفي أوسع.

محليا كان إنشاء 11 هيئة ثقافية رسمية هو العمل الإداري الأبرز على مستوى هذه تهيئة البيئة والبنية التحتية للأداء الثقافي والشاخص الذي لا تخطئه العين، لكنه أيضا يظل ضمن مرحلة بذر البذور في الحقل الثقافي، وهو يحتاج إلى بلورة كل الجهود وحشد كل الطاقات الثقافية لتصل لمرحلة قطف ثمار هذه المنجزات الوطنية.