آخر تحديث: 14 / 11 / 2024م - 6:34 م

الحوكمة وحالة كارلوس غصن

أمين محمد الصفار *

تعرَّف الحوكمة بأنها مجموعة من الأنظمة والضوابط التي تنظم العلاقات بين أصحاب المصلحة، وتحقق مجموعة من المبادئ كالعدل والشفافية والمساواة. «عبدالله الغانم».

تكمن أهمية الحوكمة في المنشآت في كونها تستهدف حوكمة أعمال مجلس الإدارة صاحب الصلاحيات الواسعة الذي يدير الشركة والمسؤول عن استراتيجياتها، فنطاق عمل الحوكمة لا يقتصر فقط على الإدارة التنفيذية، بل يمتد إلى كامل المنشأة بما في ذلك مجلس الإدارة، فهي ناظمة وحاكمة لأعمال مجلس الإدارة، للوصول لتطبيق مفهوم الإدارة الرشيدة الذي يراعي كل جوانب الشفافية والعدالة ومفردات البيئة ومصالح المنشأة وملاكها.

في الهيكل التنظيمي، نرى تعدد الوسائل والأدوات الرقابية للمنشأة، فهناك إدارات الرقابة المباشرة مثل الدقيق الداخلي والمحاسبة، وهناك إدارات الرقابة الوقائية مثل إدارة الجودة والالتزام والحوكمة، إضافة إلى اللجان الأخرى ذات العلاقة التي يزيد عددها بشكل طردي تبعا لحجم ودرجة التعقيد وتعدد المستويات الإدارية في المنشأة، فلا يمكن لشركة صغيرة الحجم أن تبدأ نشاطها بتطبيق الحوكمة، لأن الحوكمة تبدأ بحجم معين وبمقدار الاحتياج الفعلي للمنشأة وليس اعتمادا على قوة ونجاح تطبيق النظرية فقط، فالحوكمة تبدأ بجرعات مدروسة وبالتدرج اتساقا مع تطور أعمال وحجم المنشأة. وتحتاج المنشأة إلى جانب مهم قد يغفل عنه البعض وهو قياس الربحية الناتجة من تطبيق الحوكمة.

في بعض المنشآت الدولية خصوصا ًتتسم أساليب ونمط العمل فيها بالاعتماد على ثقافة المنشأة باعتبارها أول وأهم أداة رقابية وقائية، ثم لكونها سمة مميزة للمنشأة، حيث تحرص تلك المنشآت على خلق وتعزيز ثقافة مميزة لها تمكنها ابتداء وبشكل تلقائي من فرز وطرد أي ممارسات تتعارض مع قيم وثقافة المنشأة، قبل أن يتم اللجوء والاحتكام إلى الأنظمة واللوائح الداخلية للمنشأة. ويمكننا في جانب مهم فهم أهمية وحرص بعض المنشآت على تعزيز ثقافة المنشأة وتفضيل أحكامها قبل اللجوء للأنظمة واللوائح الداخلية، بمقارنتها بتفضيل المنشآت للجوء إلى التحكيم التجارية بدلاً من القضاء في حالة وجود ما يستدعي ذلك.

لقد أثبتت الممارسات الإدارية أن النواتج والعوائد الكثيرة لثقافة المنشأة تستحق بذل الجهود الكبيرة نحو خلق وتفعيل والمحافظة على تعزيز واستمرارية ثقافة المنشأة. فهي أداة وإن كانت غير منظورة على المستوى التنظيمي، إلا أنها متعددة الاستخدام والكفاءة، فهي أداة وقائية لمجموعة من المخاطر المتشعبة، وهي أيضا وسيلة لرفع كفاءة العمل والعاملين في المنشأة. فبإمكان ثقافة المنشأة - في حالة اعتمادها جزء من البنية التحتية أن تحمي المنشأة من الكثير من المخاطر الداخلية والخارجية، وهي قادرة أيضا أن تكون سمة وعلامة مميزة تعزز من مكانة المنشأة، وتحميها وتوفر عليها الكثير من النفقات والخيارات الأخرى المكلفة، بل وتجلب لها الكثير من الأعمال والتوسع في الأنشطة.

من مدخل الحوكمة ومن خلال النتائج التي آلت إليها يمكننا أن نتساءل: كيف نفسر تعاطي شركة عالمية معروفة كشركة نيسان، وفي دولة متقدمة أيضا مثل اليابان مع حالة كارلوس غصن الذي عمل لها لأكثر من سبع عشرة سنة، ورفعها من مستنقع الخسائر إلى شركة تنسج التحالفات التجارية الناجحة، وتستحوذ على شركات أخرى.