ومضات معرفية من كتاب: التهديدات العظمى، عشرة اتجاهات خطيرة تهدد مستقبلنا، ماهي؟ وكيف نستطيع النجاة منها؟
تاريخ الترجمة: 16 يونيو 2023 م
تاريخ اصدار الكتاب: 18 أكتوبر 2022 م
مؤلف الكتاب: السيد نورييل روبيني Nouriel Roubini, نبذة مختصرة عن سيرته الذاتية تجدها في الصفحة الأخيرة.
المصدر: منصة الوميض التجارية Blinkist لتلخيص الكتب.
اسم الكتاب باللغة الانجليزية:
MegaThreats, Ten Dangerous Trends That Imperil Our Future, and How to Survive Them
الحياة مليئة بالمخاطر. بدأ من قول ”أنا أفعل“، إلى وضع اللون الأحمر على آخر 50 دولارًا تمتلكها - أو من تغيير الممرات على الطريق السريع إلى وضع فلفل حار إضافي في مقادير الطبخة. كثير من الناس يكرهون المخاطر، ويعتقدون أنه من الحكمة البقاء في مناطق راحتهم. لكن هناك شيئا مميزا عن هذه المخاطر، وهو: نحن تحسن في التعامل مع كل واحد منها عند دخولنا حلبة المخاطرة. ومع حالة الوضع الراهن من حولنا هذه الأيام، فليس هناك وقت أفضل من الوقت الحاضر للاستعداد لمخاطر أكبر وأكبر.
تتجاوز أكبر التهديدات اليوم المنافسات الجيوسياسية التقليدية. إننا نواجه التضخم الذي يمكن أن يقضي على المدخرات؛ الديون التي تسبب ضائقة اقتصادية؛ الحروب التجارية التي تؤدي إلى فقدان الوظائف؛ وتغير المناخ، الذي يمكن أن يؤدي إلى تدمير الظروف المعيشية. وفقًا للمؤلف السيد نورييل روبيني Nouriel Roubini, والذي يقول: إن تجاهل هذه القضايا سيحولها إلى تهديدات كبرى وعظيمة - فهي مخاطر متداخلة ومترابطة يمكن أن تدمر الحضارة. ان المسألة جدية جدا، وليست مزحة، وكما يعبر عن ذلك بتسمية هذه الحالة بـ ”دكتور دوم أو طبيب الموت“ ولو تمعنت قليلا في ذلك، فان هذه التسمية لم تأتي من فراغ.
المؤلف السيد روبيني Roubini كان واضح جدا، عندما قال: نحن كمواطنين في هذا العالم، يجب أن نكون مدركين لمخاطر وتداعيات هذه الظروف. والسؤال: كيف يمكننا النجاة منها؟ والجواب: من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة الآن وليس غدا وبدون تأجيل. لن يسعفنا الوقت في مواجهة جميع هذه التهديدات الكبرى. ولكن على الرغم من مخاطرها، فإن التهديدات الكبرى والعظيمة توفر الفرص أيضا من جانب اخر. قد تجبرنا هذه الظروف على الابتكار، وخلق طرق جديدة في تشغيل وتنفيذ أمور حياتنا، والتوحد كمجتمع عالمي. ولكن فقط إذا غيّرنا تصورنا للمخاطر وأدركنا ما يحدث. لذا، لا يوجد وقت نضيعه - فلنبدأ. في هذه الومضات المعرفية، سوف نناقش بعضًا من أسوأ التهديدات الكبرى والعظيمة ولماذا تحدث.
هل أنت مستعد لتسمع المزيد من الأخبار السيئة؟ نحن بالفعل في خضم أسوأ أزمة ديون في التاريخ الحديث. يتجاوز الدين العالمي 250 تريليون دولار، وتقوم البنوك المركزية بشكل روتيني بإنقاذ البلدان التي تعاني من ضائقة مالية. نعم، بدأ النمو الاقتصادي العالمي يتأرجح. فكيف بحق السماء نستطيع الخروج من عجزنا في عدم القدرة والسيطرة؟
حسنًا، تميل الحكومات إلى الاعتماد على خيارات اقتصادية عفا عليها الزمن وغير مسؤولة، مما يؤدي إلى مستويات ديون غير متوقعة وفاحشة. على سبيل المثال، الولايات المتحدة اليوم مديونة أكثر بكثير مما كانت عليه خلال فترة الكساد العظيم. لم يكن للركود نفس التأثير على النمو في ذلك الوقت. اليوم، إنها قصة مختلفة. يرتفع الدين الوطني سنويًا بسبب التيسير الكمي والسياسات النقدية الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على إصدار الحكومة المزيد من الديون. يبدو أن صانعي السياسة يفضلون الإنفاق المتهور على الانضباط المالي؛ وأصبحت الحكومات من خلال ذلك مدمنة على الاقتراض والديون ومتجاهلة جميع العواقب طويلة المدى.
وبالمثل، نحن الناس العاديون متشابهون إلى حد كبير. نحن أيضا مدمنون على المخاطرة. نحن نأخذ قروضًا ونصرف كثيرا عبر بطاقات الائتمان ونطلب خططا مالية للسداد وفي نفس الوقت نتجاهل أسوأ السيناريوهات. يقول المؤلف السيد روبيني Roubini إن البلدان الغنية ذات الموارد الوفيرة سمحت للمخاطرة بأن تتفجر. وللأسف، لا يزال القادة وصناع السياسات يقاومون التغيير التدريجي. وهذه المشكلة ليست في الغرب فقط. تؤدي زيادة مخاطر التخلف عن سداد الديون في البلدان المتقدمة إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض الرغبة في الإقراض. ونتيجة لذلك، فإن الاقتصادات النامية التي كانت تكافح حقا حتى هذا اليوم، ستواجه تحديات أكبر في السنوات المقبلة. يبدو أن كل واحد من هذه التهديدات العظمى مدفوع بالمخاطرة ويصب تركيزه في مشاريع وبرامج على المدى القصير فقط.
في السنوات الأخيرة، تقدمت الديون الخاصة في السباق على الديون العامة، ووصلت إلى مستويات قاسية وعالية جديدة. حتى الآن، تهدد الديون العامة والخاصة الاستقرار الاقتصادي. علاوة على ذلك، ونظرًا لأن اقتصادات العديد من البلدان مرتبطة ببعضها البعض، فإن المشكلة تزداد سوأ وتنتقل من سيء إلى أسوأ. عندما تكون هناك صدمة مالية في منطقة ما، يمكن أن تؤثر وبسرعة على مناطق أخرى. لذا فإن احتمالية حدوث أزمة ديون عالمية أصبحت تتقدم وفي منسوب تصاعدي.
بينما تحاول الحكومات في جميع أنحاء العالم إصلاح اقتصاداتها، تتفاعل البنوك المركزية من خلال تخفيف السياسة النقدية لتعزيز النمو، بتوفير قروضا بأسعار رخيصة جدًا ولفترة طويلة جدًا. ويا ترى، ماهي النتائج؟ الجواب: هي دورة ازدهار وكساد مروعة في نفس الوقت، شبيهة بالركود التضخمي في السبعينيات. بعبارة أخرى، يحدث تضخم مرتفع واحتمال حدوث ركود في نفس الوقت. الفرق بين الآن والسبعينيات هو أن الحكومات وقعت في الفخ، ولازالت مستمرة في ارتكاب نفس الأخطاء مرارًا وتكرارًا.
علاوة على ذلك، يتباطأ نمو الدخل العالمي حيث البلدان والشركات والبنوك والأسر، وجميع هذه الفئات تقترض بأكثر مما تستطيع سداده. كل هذه القضايا تتسبب في كارثة. والعالم الأكثر تقدمية يتطلب مستويات من الديون تتمتع بقابلية أكثر للإدارة.
إنها مواد أفلام الخيال العلمي: عالم تكون فيه الآلات متطورة للغاية بحيث يمكنها القيام بأعمالنا المهنية والخاصة أيضا، مما يحرر وقتنا لمتابعة المزيد من الأنشطة على مهل وبسهولة. ومع ذلك، كما حذر قادة الذكاء الاصطناعي، قد يكون هذا المستقبل أقرب مما نعتقد. في الواقع، برامج الأتمتة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي آخذة في الارتفاع بالفعل، ومن المتوقع أن تستحوذ الآلات على نسبة متزايدة من المهن في السنوات القادمة.
في الواقع، يمكن للذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف أن يجعل المهن بأكملها عفا عليها الزمن، مما يؤدي إلى تسريح الموظفين واحلال الالة بدلا منهم، بينما يستفيد من هذا الاحلال فئة قليلة من الاغنياء. يؤكد المؤلف السيد روبيني انه على يقين من أننا الان ندخل حقبة جديدة من الاضطرابات «الاهتزازات الخارقة» الاقتصادية والاجتماعية التي لها آثار واسعة النطاق علينا جميعًا. والواضح انه ليس الوحيد الذي يتبنى هذا الرأي، حيث تدرك العديد من القطاعات الصناعية بالفعل أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أداء الكثير من المهام بشكل أفضل من البشر.
يتم استبدال المزيد والعديد من وظائفنا التقليدية بآلات يمكنها القيام بها بشكل أفضل وأسرع وأرخص. والسؤال: ماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل التوظيف؟ والجواب: المؤلف السيد روبيني يحذر من النزوح الوظيفي وعدم المساواة على المدى الطويل. ويقول إن الأتمتة ستفيد بشكل كبير أولئك الذين يستطيعون الاستثمار في أنظمة جديدة. ونتيجة لذلك، سوف تتسع فجوة الثروة أكثر فأكثر. يقول ذلك بأسف، حيث كل الدلائل تشير إلى تخفيضات في الأجور خاصة في تلك الوظائف التي يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بها.
يقول أحد مؤسسي شركة العقل العميق DeepMind السيد مصطفى سليمان، إن الوظائف التي من المرجح أن تختفي هي الوظائف التي لها مهام ضيقة وبسيطة. ونحن لا نتحدث فقط عن استبدال الروبوتات بأعمال المصانع. قريبًا، سيكون من الصعب معرفة الفرق بين النص والصور والأصوات التي تصدرها تقنيات الذكاء الاصطناعي وتلك التي يصنعها البشر. ونتيجة لذلك، فإن العديد من وظائف ذوي الياقات البيضاء والتي تتطلب مستويات عالية من المهارات ستصبح مهملة.
إذا، ماذا يجب ان نفعل؟ حسنًا، يمكننا البدء في التدريب على المهن التي سيكون من الصعب على الآلات استبدالها، مثل العمل في رعاية الأطفال أو السباكة أو الأعمال الكهربائية. وبدلاً من ذلك، يمكننا الجلوس في البيت ونأمل أن يكون الجيل القادم سخيًا بما يكفي ليمنحنا جميعًا مرتبا وفق النظرية الاقتصادية: الدخل الأساسي العالمي «universal basic income» حتى نتمكن من الاسترخاء ومشاهدة أفلام منصة نيتفليكس Netflix طوال اليوم. وفي كلتا الحالتين، ستكون رحلة وعرة.
لتجنب هذه الآثار الشديدة في إحلال الوظائف بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يجب أن نبدأ في التخطيط لهذه التغييرات وإدارتها قبل أن تصبح متجذرة وقاسية للغاية. وبالنظر إلى هذه التوقعات المقلقة، يتعين على الحكومات والمنظمات أن تبدأ في إعداد نفسها.
لا يتعلق الأمر بالمال فقط يا أصدقاء. خذ تغير المناخ، على سبيل المثال. مع ارتفاع درجة حرارة العالم، تكافح الدول للحفاظ على هدوئها. يتزايد عدد سكان العالم، لكن إمدادات المياه تتقلص. أصبحت مواسم الزراعة أقل قابلية للتنبؤ بسبب نوبات الجفاف والفيضانات المتكررة. ونتيجة لذلك، تصبح الأرض قاحلة، ولا تصلح للزراعة. التهديد الضخم لتغير المناخ يلوح في الأفق علينا بالفعل. ومن المرجح أن يزداد الأمر سوءا.
سوف تتسبب التغيرات في درجات الحرارة وأنماط الطقس على المدى الطويل في حدوث هجرة جماعية. إن التعامل مع أكبر تدفق للاجئين يضع ضغطا هائلا على أوروبا. لقد خلق تغير المناخ عاصفة متكاملة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
حتى الآن، كانت الاستجابة غير كافية على الإطلاق، وسيزداد الوضع سوءًا. إذا لم نتخذ إجراءات للتخفيف من آثار تغير المناخ، فإن تكلفة التكيف ستكون باهظة وفلكية. والدول النامية هي الأكثر تضررا لأنها تفتقر إلى الموارد اللازمة للتعامل مع تغير المناخ بشكل مستقل. يجب أن نفرض ضرائب على الكربون ونتوقف عن دعم الوقود الأحفوري، ولكن العلاجات القائمة على متطلبات السوق وحدها لن تعالج المشكلة.
يصبح انتشار الأوبئة أكثر احتمالا مع تدهور البيئة. في السنوات الأخيرة، كان هناك ارتفاع في الإصابات المميتة مثل السارس وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير والإيبولا وبالطبع كوفيد - 19. في حين أن الأسباب المختلفة قد تسهم في انتشار هذه الأمراض، فإن إحدى النظريات تدعي أن الاحتباس الحراري هو السبب. وفقًا لمركز هارفارد للمناخ والصحة والبيئة العالمية «Harvard’s Center for Climate, Health, and the Global Environment»، يتسبب تغير المناخ في انهيار الموائل والبيئات الحيوانية، مما يخلق ظروفًا مثالية لنقل الأمراض من الحيوانات إلى البشر.
إذا تركت هذه الأمور بدون رادع، فإن تغير المناخ سوف يتسبب في أضرار لا رجعة فيها لبيئتنا واقتصادنا وطريقة حياتنا. ولهذا السبب يجب علينا أن نتخذ إجراءات الآن، وليس غدا. لكن لسوء الحظ، لا تستثمر الحكومات ما يكفي في تقنيات الطاقة الخضراء والمتجددة للحفاظ على سلامتنا. وبدلاً من ذلك، فإنهم يغفوون على عجلة القيادة ويأخذونا إلى الهاوية.
أنت تمتلك شركة، وهي تمر بأوقات عصيبة. تحتاج إلى اتخاذ بعض القرارات السريعة للبقاء على القمة. أحد هذه الخيارات هو خفض القوة العاملة للحفاظ على انخفاض التكاليف. يبدو هذا الاجراء معقولاً، ولكن هناك تأثير غير مباشر. أولا، يمكن للشركة فقط تقليل قوتها العاملة بشكل ملحوظ قبل أن تبدأ في التأثير على الإنتاجية وجودة الخدمة. ثانيًا، إن هذا الاجراء يرهق الموظفين الباقين، الذين يتوقع منهم أن يفعلوا المزيد بموارد أقل. وأخيرًا، ينفق العمال المسرحون أقل، مما يقلل من الطلب، والنتيجة قد يؤدي ذلك إلى المزيد من تسريح العمال.
هل يعتبر هذا بمثابة تهديد كبير؟ ربما ليس للأعمال العادية. ومع ذلك، فإن العديد من العاملين في الاقتصادات المتقدمة يقتربون من سن التقاعد. وهذا عظيم ورائع لأولئك الذين يتطلعون إلى بعض من الراحة التي يستحقونها. ليس كثيرا بالنسبة لمستقبل الاقتصاد. حيث لا يتطلب الأمر كرة بلورية لمعرفة أن فقدان القوة العاملة في الاقتصادات التي بلغت ذروتها لن يساعد.
كما ترى، فإن شيخوخة السكان تضع ضغطا على الميزانيات الحكومية. مع تقاعد المزيد من جيل طفرة المواليد، يحل محلهم عدد أقل من العمال الشباب. ينتج عن هذا التحول الديموغرافي زيادة في عدد البالغين الذين يعتمدون على المزايا الحكومية. في حين أن هذه البرامج ضرورية لدعم المتقاعدين، إلا أنها سرعان ما أصبحت باهظة الثمن.
مع تزايد أهلية المزيد من العمال للحصول على شبكة الأمان، تزداد السيولة النقدية المطلوبة لتمويل هذه الشبكة. حتى الدول الغنية تواجه ضغوطًا متزايدة للوفاء بالتزامات الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية طويلة الأجل. وفقًا لتقرير حديث لبنك سيتي جروب Citigroup, فإن الدول الأكثر ثراءً لديها التزامات معاشات تقاعدية غير ممولة أو ناقصة التمويل تبلغ 78 تريليون دولار. عجلة الاقتصاد ستتوقف مع ارتفاع الضرائب وتخفيض البرامج الاجتماعية.
السؤال: ما الذي يجب على الحكومة فعله؟ أشعل صديقنا القديم برنامج التيسير الكمي؟ انه حل مغري ولكنه حل سيؤدي إلى المزيد من الديون. مهما حدث، فإن جميع خطط خفض الديون تنطوي على نكث بالوعود المقطوعة لمجموعات المصالح القوية. ولكن لا ينبغي أن يردعنا هذا عن التفكير الإبداعي.
يجادل الاقتصاديون مثل السيد داني رودريك Dani Rodrik بأنه يمكن التخفيف من آثار شيخوخة السكان من خلال تشجيع الهجرة. ويجادل بأن الدول الغنية يجب أن تتبنى التجارة الحرة بدلاً من الشعبوية. تتعارض مثل هذه الأفكار مع المزاج السائد في الغرب. ولكن على الرغم من الصعوبات التي نواجهها، فان هناك حلول. ومع ذلك، يجب أن نكون واقعيين بشأن تحدياتنا وأن نقبل ان بعض الحلول لن تنال رضى وقبول الجميع. ستكون العواقب أسوأ بكثير إذا لم نتحرك الآن، وليس غدا.
غالبًا ما يفكر الناس في الاقتصاد على أنه آلة معقدة. قد يكون من المفيد أكثر التفكير في الأمر كجسم بشري. البنك المركزي هو الدماغ، والذي يتأكد من ضمن مسؤوليته أن كل شيء في باقي الجسم يعمل بشكل صحيح. ستكون البنوك التجارية، التي تضخ الأموال عبر الأوردة، هي القلب. الأعمال التجارية والصناعية بالإضافة إلى العملاء الافراد هم الذين يغذون النمو وهم العضلات. إذا فشل أحد هذه الأجزاء، فسيؤدي ذلك إلى حدوث مشكلات. ولكن قد يكون تلف الدماغ مميتًا للجميع.
في السنوات الأخيرة، اضطلعت البنوك المركزية بأدوار ومسؤوليات إضافية استجابة للظروف الاقتصادية. وكما ناقشنا، فقد أغرقوا الاقتصادات المتقدمة بسيولة غير مسبوقة من خلال برامج التيسير الكمي. لسوء الحظ، كانت لهذه السياسة نتائج متباينة: في حين أنها ساعدت في تحفيز النمو الاقتصادي، إلا انها أثارت مخاوف بشأن فقاعات الأصول. يعتقد النقاد أن البنوك المركزية تتخلى عن تفويضها بالاستقرار النقدي، بينما يقول المؤيدون إنهم يستجيبون ببساطة للظروف المتغيرة.
السياسات الأمنية الخارجية والمحلية هي أيضًا مشكلة رئيسية للبنوك المركزية. وبالمثل، مع استمرار الولايات المتحدة في تراكم الديون، هناك قلق متزايد من أن الدول الأجنبية ستتوقف عن قبول الدولار كمخزن للقيمة وكعملة احتياطية. يبدو أن بنك الصين الشعبي مستعدًا لاستبدال الدولار بعملته الخاصة. وللحفاظ على الدولار كاحتياطي عالمي، يجب على الولايات المتحدة الحفاظ أيضا على مستوى قيمة عملتها. إذا لم يفعلوا ذلك، فمن المرجح أن ينهار الاقتصاد الغربي مرة أخرى، مع قليل من القدرة لإنقاذه.
هناك شيء واحد يبدو مؤكدا: وهو أن البنوك المركزية تحتاج إلى إصلاحات كبرى. فأنظمتها التكنولوجية عفا عليها الزمن، وسياساتها تخلق عدم المساواة. ومع ذلك، هناك تلميح للتطور حيث يفكرون في ابتكارهم الأكثر دراماتيكية، وهو عملة رقمية للبنك المركزي. لكن التغيير الإيجابي يأتي مصحوبًا بمخاطر كبيرة - لا يزال الانفصال عن العملة الرقمية قد يكون سببا في الانهيار. مهما كانت القرارات التي تتخذها البنوك المركزية، فإننا نعلم أن الوضع الراهن لم يعد صالحا.
تغير المناخ، والأمراض الحيوانية المنشأ، والاضطراب «الاهتزاز الخارق» التكنولوجي، وانخفاض عدد السكان، وعدم المساواة، والديون - كلها أجزاء من قائمة التحديات المروعة التي نواجهها. هل يمكننا إيقاف هذه التهديدات الضخمة؟ المؤلف السيد روبيني يقول لا. ومع ذلك، أرسلنا رجلاً إلى القمر، واستأصلنا شلل الأطفال، وأنشأنا الإنترنت. إذن، ما الذي يمنعنا من التعامل مع هذه الأخطار؟
جزء من المشكلة هو أن أنظمتنا الحالية ليست مصممة لتحفيز التفكير على المدى الطويل. بدلاً من ذلك، نحن مهتمون بشكل مفرط بقرارات ومشاريع على المدى القصير وكثيراً ما نتخذ قرارات بناءً على معلومات غير كاملة وأخرى متحيزة. إذا تمكنا من التغلب على هذه العقبات، فقد يكون هناك مخرج. لقد قطعنا شوطًا طويلاً في السنوات ال 75 الماضية، ولكن إذا لم نبدأ العمل معًا، فقد نخسر كل شيء. تتطلب التهديدات الضخمة حلولاً ضخمة أيضا.
السيد نورييل روبيني Nouriel Roubini هو خبير اقتصادي اشتهر بكونه أحد الأشخاص القلائل الذين توقعوا بشكل صحيح الأزمة المالية العالمية والتي بدأت في سنة 2007 م وامتدت حتى عام 2009 م. قام بتأليف كتاب اقتصاديات الأزمات: دورة مكثفة في مستقبل التمويل Crisis Economics: A Crash Course in the Future of Finance ونشر العديد من الأوراق البحثية حول قضايا الاقتصاد الكلي الدولية.