لماذا اعترض أسطورة الخليج على تغريدة ناديه؟
”طفينا النور“.. كانت تلك العبارة الصادرة عن حساب نادي الخليج الرسمي بالأمس سبباً في إثارة الكثير من ردود الفعل والتعليقات في تويتر، بعد نشرها برفقة صورة لسقف الصالة الرياضية التي شهدت المباراة النهائية بين الخليج والنور في بطولة الأمير سلطان بن فهد لكرة اليد، والتي انتهت بفوز الأول على منافسه التاريخي، في استمرار لحصاد البطولات والألقاب بعد انقطاع طال لعقدين من الزمن.
لم تحمل التغريدة أي إشارة محرضة على الكراهية، أو مخالفة للقوانين الحاكمة لقواعد التنافس الرياضي، إلا أن سيد أحمد حبيب، اللاعب الدولي السابق لكرة اليد، والذي يحظى بتقدير واسع من قبل الرياضيين والمتابعين لكرة اليد السعودية، كان في مقدمة المعترضين، وقد وصفها بالتغريدة غير الموفقة، ودعا إدارة النادي إلى إزالتها لما تحمله من إساءة للنادي ومحبيه على حد وصفه.
اللاعب الذي لا يختلف اثنان حوله، كان هذه المرة عنواناً للاختلاف حول موقفه وحقيقة الاعتراض على محتوى التغريدة، بين من يعتقد بأن التغريدة لغة وأسلوباً هي شأن دارج ومقبول في ملاعب الكلام الجديدة في عالم الرياضة، وبين من يرى بأنها تمثل تناقضاً صريحاً مع مواقف النادي ومبادراته في درأ كل ما يمثل تحقيراً للفرق الأخرى ويحرض على إثارة النعرات والخصومات بين جماهيرها.. وهناك من ذهب إلى أن التباين في تقييم هذه التغريدة مرده صراع الأجيال والاختلاف بينها، أي أن مرد الاستيحاش الذي يعيشه جيل سيد أحمد من هكذا لغة هو الفارق في المزاج بين جيل الأمس وجيل اليوم.
يعلم الجميع بأن لغة تويتر والفضاءات الاجتماعية عموماً تحفل بالكثير من المناكفات، ويجري فيها يومياً ألوان من المواجهات الكلامية، بمن فيهم السيد أحمد ومؤيدوه، ويعلمون تماماً بأن مفهوم التعصب واسع وفضفاض، وتجلياته مختلفة عبر منصات التواصل، لكن الشعور بأن هنالك حاجة للحفاظ على المسافة بين لغة العامة ولغة الجهات الرسمية أو ذات الصفة الاعتبارية هي مايمنح سيد أحمد الشجاعة لانتقاد ناديه، مفضلاً في ذلك لغة تحترم الآخرين على لغة محمولة على السخرية بهم، من أجل الحفاظ على الروابط الودية بين فرق المنطقة، ومن أجل لغة تعزز الانتماء للنادي ولا تنشغل بروح الاعتداء على صور الآخرين.
مؤكد بأن مزاج جيل السيد أحمد يختلف عن مزاج جيل اليوم، جيل الثرثرة الالكترونية، فما كان يقال في دوائر مغلقة وضمن الديوانيات بعد كل مباراة، أصبح اليوم ينثر على رؤوس الأشهاد وبلا حساب، الأمر الذي يجعل من تحديد ما هو أخلاقي وغير أخلاقي في مساحات الكلام موضع اختلاف دائما، إلا أن مستوى الحساسية المرتفع بين جماهير الأندية المتنافسة في دوري كرة اليد، وارتدادتها الاجتماعية، يجعلنا أكثر حذراً في التعامل مع كل ما يمكن أن يحيل الانتماءات الرياضية إلى سلوكيات عدوانية، سواء كان ذلك عنفا لفظيا أو عنفا جسدياً، فما يبدأ صغيراً يكبر سريعا ويصبح جولة تراشق بالكلام تفقدنا الروح الرياضية والاحترام المتبادل.
في المجمل هكذا نقاش حول ماهو لائق وغير لائق هو صحي بالدرجة الأولى، ويحرض الناس على التوقف والتفكير في معنى التنافس واحترام الآخرين، ويدفع الأندية لإعادة النظر في خطابها الإعلامي، والتعامل مع جماهيرها وجماهير الفرق الأخرى بمسئولية عالية، أكان ذلك في لحظات الفوز أو لحظات الهزيمة، فمحاربة التعصب الأعمى تبدأ باللغة واستثمارها في ترسيخ قواعد الاحترام المتبادل، وبالخصوص في لحظات التوتر العالية، والحساسية المفرطة التي أخرجت الصراعات الرياضية من حدودها إلى حدود الخصومات الاجتماعية.