آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 12:01 م

بذور اليوم.. غابة المستقبل!

وسيمة عبيدي * صحيفة اليوم

يعيش الناس في مجتمعات تتطلب منهم اتخاذ الكثير من القرارات الأخلاقية المهمة في حياتهم اليومية. وهذه القرارات تتعلق بشتى مجالات الحياة المختلفة، العملية، والعائلية، والاجتماعية، والسياسية، والدينية، والتعليمية وغيرها.

ويجب أن يستند اتخاذ تلك القرارات على أسس سليمة لتسهيل وتسريع عملية اتخاذها في الظرف المناسب.

ويقال: «العلم في الصغر كالنقش في الحجر»، كناية عن قوة وثبات ما يتعلمه الإنسان في صغره. فإذا تعلم الإنسان العلوم، والقيم والأخلاق الصحيحة منذ صغره سنكون قد أنتجنا أجيالًا بأساس علمي وأخلاقي سليم ومتين، وأثر دائم نستطيع البناء عليه مستقبلًا بناءً راسخًا، صلبًا وثابتًا. إذًا، تدريس الطلاب منذ الصغر مناهج عملية بإمكانها أن تفيدهم في الحياة هو أمر ذو أهمية كبيرة. لذا، أقترح اضافة مادة لمناهجنا الدراسية تختص بدراسة الأخلاق والمعضلات الأخلاقية الصعبة والمعقدة التي من الممكن مواجهتها أو مواجهة ما يشببها في التعقيد.

تطوير شخصيات أفراد المجتمع عمومًا هو شيء مهم لكن البدء بجيل اليوم وقادة المستقبل بالتحديد هو أمر أكثر أهمية وينمُّ عن نظرة مستقبلية ثاقبة. ولا يخفى علينا أن الذين يتلقون تعليمًا عمليًّا عن الأخلاق والمعضلات الأخلاقية منذ الطفولة يكونون عادةً أكثر تواضعًا وتعاطفًا مع الآخرين ويتصرفون بشكل أفضل من الناحية الأخلاقية.

ومن خلال تعليم الطلاب منذ نعومة أظافرهم المهارات الناعمة المختلفة كالمهارات الاجتماعية، والاتصالية والقيادية، مع التركيز على كيفية مواجهة المشاكل الأخلاقية المتنوعة بالتحديد وبشكل عملي، يتم تمكينهم من فهم القيم والمبادئ الأخلاقية الأساسية التي يجب أن يتبعوها في حياتهم وكيفية تطبيقها في المجتمع بشكل صحيح. ويساعد ذلك في بناء شخصيات قوية ومسؤولة، وتحسين قدرتهم على اتخاذ القرارات الأخلاقية الملائمة في الظروف المختلفة.

كما أن تعليم الطلاب مهارة اتخاذ القرارات في مواجهة المعضلات الأخلاقية الصعبة سيساعدهم على فهم وإدراك المسؤولية الاجتماعية منذ الصغر، وفهم أهمية التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع واحترام حقوق الآخرين، وسيعزز لديهم الوعي بالتحديات التي يواجهها المجتمع في العالم الحديث، مثل التمييز، والعنصرية، والظلم، والاضطهاد والفساد؛ مما سيساعد في تقليل الصراعات والتوترات الاجتماعية، وسيساهم في الوصول لمجتمع أكثر عدلًا وتسامحًا وتكاتفًا واستقرارًا.

وبشكل عام، فإن تدريس المعضلات الأخلاقية مبكرًا يعزز التفكير النقدي والتحليلي عند الطلاب لاتخاذ القرارات المناسبة في مختلف المواقف. ويساعدهم على تحسين سلوكياتهم وتطوير مهارات حيوية وإنسانية مهمة مثل حل المشكلات، رؤية المشكلة من زوايا مختلفة، التفاعل الاجتماعي، الإحساس بالغير، ومن ثم يمكن القول إن تدريس المعضلات الأخلاقية يساعد في صقل شخصيات الأفراد وتعاملهم مع بعضهم البعض، وتحسين جودة حياتهم؛ مما يساهم في بناء مجتمعات أكثر تحضرًا، رقيًّا وإنسانية.. مجتمع يسخّر كل جهده وطاقته لتطوره، وتطور وتقدم وطنه. فبذور اليوم.. هي غاية المستقبل!