محمد رضا نصرالله: كان للقضية الفلسطينية تأثيرها الواسع والتاريخي، لعل أبسطه أن انضمت إلى القاموس اللغوي العالمي كلمة الانتفاضة، ضيفنا خلال هذه الحلقة هو السياسي والكاتب الفلسطيني ”شفيق الحوت“، الذي كان عضوا باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وممثلها في لبنان وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني، ويمكننا أن نستشف تجربة النضال الفلسطيني عبر تجربته الشخصية لكونه ناشطًا وطنيًا وقوميًا ومفكرًا سياسيًا وشاهدًا حيًا على مسيرة الكفاح الفلسطيني منذ عام 1967م وحتى يومنا هذا.
نبدأ معك من البداية؛ فأنت من مواليد 1932م، وقتذاك كانت فلسطين تتكالب عليها الهجرات اليهودية، والمشروع الصهيوني كان تقريبا قد اكتمل منذ المؤتمر الشهير بقيادة هرتزل، وأيضا الدور الذي قام به ناحوم جولدمان في تشكيل المؤسسات الصهيونية، فيا تُرى كيف كان الوضع الفلسطيني في ذلك الوقت؟
شفيق الحوت: لا يوجد شك بأن الشعب الفلسطيني، ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، وهو يستشعر خطرًا ما يحوم في الأفق، ولم يكن الوعي كاملًا أو واسعًا أو عميقًا حينها بما يكفي على أن هنالك مؤامرة قد حيكت ضد هذا الشعب، بدايةً بإعطاء وعد بلفورد للحركة الصهيونية اليهودية بإقامة وطن قومي لما يسمى بالشعب اليهودي في فلسطين، شخصيًا كان أول تماس لي مع هذه المشكلة.. كنت في السابعة من عمري، عندما صحوت ذات فجر على ثلة من الجنود البريطانيين ومعهم بعض المجندات اليهوديات، يقتحمون بيتي في حي المنشية بمدينة يافا، وهو حي على تماس مع تل أبيب، وقد فوجئت وتعجبت من هذا الهجوم على بيت مسالم بسيط وفي ليلة لم يكن فيها لا قتال ولا اشتباك ولا أي مظهر من مظاهر العنف.
محمد رضا نصرالله: هل هذا هو أول احتكاك ما بين البريطانيين والصهاينة مع الفلسطينيين، أم سبق ذلك أحداث كثيرة في العشرينات، وكذلك ثورة البراق عام 1929م؟
شفيق الحوت: بالطبع قد سبق ذلك عدة ثورات، ففي الواقع عندما انتهت الحرب العالمية الأولى، بدأت المقاومة العربية التي كان النضال الفلسطيني جزءًا منها، فمع اندحار الخلافة الإسلامية كان العرب يناضلون على جبهتين؛ الأولى هي استعادة استقلالهم وإقامة الدولة العربية، والثانية نحن في فلسطين فكان أمام تحديين، التخلص من الاستعمار والتصدي لمؤامرة كانت تُحَاك لإقامة دولة يهودية فوق التراب الفلسطيني.
محمد رضا نصرالله: إذن كانت هذه ثمرة معاهدة سايكس بيكو؟
شفيق الحوت: نعم، هذه إحدى الثمرات لها بلا شك، فمعاهدة سايكس بيكو خططت الدول التي بتنا نشاهدها اليوم، والتي مازالوا يريدون مزيدًا من تفتيتها، وتُركت فلسطين في عهدة حكومة الانتداب لتساعد الحركة الصهيونية على إنشاء وطنٍ قومي لليهود في فلسطين، وإنصافًا للتاريخ.. على ألا يتسبب ذلك بأضرار لغير اليهود، وكأنه لم يكن هناك شعب فلسطيني في فلسطين، فوصفونا ب ”غير اليهود“ المقيمين على تلك الأرض.
محمد رضا نصرالله: كيف كان الوضع اجتماعيًا وثقافيًا ومؤسساتيًا في فلسطين؟، فنحن نعلم بأن هناك بذور للمجتمعات الأهلية كمجتمعات الشام، فبعض المراقبين الغربيين وكذلك الدعاية الصهيونية صوروا القضية بأنها أرض بلا شعب تُعطى لشعب بلا أرض.
شفيق الحوت: أنت تعلم أن هذه المنطقة والتي يمكن تسميتها ببلاد الشام، وفلسطين في القلب منها، هي أحد مراكز التاريخ الإنساني، فقد كانت في مصر حضارة، وفي بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين حضارة أخرى، وهذه هي الحضارات الأساسية في التاريخ، ثم أنه بسبب الموقع الجغرافي لهذه المنطقة، وفلسطين بالذات التي كانت ملتقى بين أوروبا والقارات القديمة «أفريقيا وآسيا»، فكانت هي باب العبور من الغرب إلى الشرق والعكس.
محمد رضا نصرالله: إذن هل كان الاستهداف الاستعماري مقصودًا لموقعية فلسطين من الناحية الاستراتيجية؟
شفيق الحوت: بالنسبة لفلسطين والاستعمار الأوروبي بالذات، كانت المنطقة مستهدفة، ومنذ زمنٍ طويل، منذ الحروب الصليبية وربما قبل ذلك، لأن التاريخ يشهد بأن هذه المنطقة كانت مسرحًا دائما للحروب والغزوات، ومحطة للتفاعلات الثقافية والحضارية في نفس الوقت، إنما بالنسبة للحركة الصهيونية.. لم تكن فلسطين دائما هي الهدف عندما كانوا يبحثون عما يسمى بالوطن القومي لهم، ولكن في إحدى المحطات خلال الحرب العالمية الثانية تم التلاقي بين الحركة الصهيونية والحركة الاستعمارية على اختيار فلسطين، مستفيدين من الخلفية التاريخية لفلسطين وادعاءات اليهود بما لهم من مقدسات في القدس وغيرها.
محمد رضا نصرالله: أستاذ شفيق؛ صفْ لنا بداية تشكل حركة المقاومة الفلسطينية منذ العشرينات.
شفيق الحوت: المقاومة الفلسطينية في الحقيقة كانت باستمرار تنبع من القاعدة في فلسطين، وأنا شاهدٌ على ذلك من تجربتي الخاصة بحكم عيشي في مدينة يافا بحي المنشية وعلى تماسٍ مع تل أبيب، فعندما كنا أطفالًا ونتلقى مع أمثالنا من أطفال اليهود، ويحدث اشتباكٍ ما، كانت تقوم أزمة سياسية كبيرة في البلد وتنتهي بمظاهرات وإضربات وتمس المشروع السياسي الذي كان مهيمنًا على البلد، وهكذا كان الحال في حيفا والقدس وقرى فلسطين ومدنها، ولا سيّما التي على مقربة من بعض المستوطنات التي كان اليهود قد بدأوا في نشرها، وكان هنالك أيضا قيادة معروفة للمقاومة بقيادة المرحوم موسى كاظم باشا الحسيني، والذي كان عضوا في مجلس المبعوثان، وكان من القادة التقليديين المعروفين في البلاد، وهو أُصيب برصاص الجنود البريطانيين في إحدى المظاهرات التي كان يقودها في مدينة يافا وهو ما أدى لاحقًا إلى وفاته.
محمد رضا نصرالله: وقتذاك عرفت فلسطين ثاني هجرة بعد الهجرة الأولى التي تمت في آواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وقد تحدثت عن تل أبيب والتي كانت كأنها مستوطنة يهودية وكانت هذه عاملًا آخر بعد العامل الأول الذي كان إنشاء الوكالة اليهودية برئاسة ناحوم جولدمان، حدثنا هنا عن هذه البدايات لمسلسل الهجرات اليهودية التي راهنت عليها الوكالة في إنشاء الدولة الصهيونية.
شفيق الحوت: لا يوجد شك بأن الحديث عن الوكالة اليهودية ربما يحتاج إلى جلسات طوال، لأنها هي المركز الرئيسي والدماغ والآلية التي كانت تقف ورائها الحركة الصهيونية، وكان هنالك العديد من المتخصصين في دراسة فلسطين وتاريخها وجغرافيتها وطبوغرافيتها وديموغرافيتها وأسماء قراها وبلداتها، وكانوا يهيئون كل ذلك من قبل قيام دولة إسرائيل ب40 سنة أو أكثر، لمعرفة كيفية السيطرة على هذا البلد الذي لم يكن يملكون أكثر من 3% من أرضه، وأشك أن تلك الملكية كانت حلالًا لليهود.
محمد رضا نصرالله: على ذكر هذه النسبة؛ مما يُقال هو أن بعض العوائل الفلسطينية قد ساهمت في بيع بعض العقارات أو الأراضي الفلسطينية، مثل بيع سهل مرج ابن عامر، ولعل هذه الأشياء قد ساهمت في توسيع تلك الرقعة التي حددتها ب3%، فما تعليقك على ذلك؟
شفيق الحوت: الإحصاءات موجودة ولا مجال للتلاعب فيها، ولم يكن لليهود في فلسطين أكثر من 6% على أفضل الأحوال، وأرجو ألا تضغط عليّ بذكر الأسماء، ولكن القسم الأكبر من هذه الأراضي التي بيعت تم بيعها من أشخاص غير فلسطينيين، لأن الفلسطيني الذي كان مقيمًا هناك كان يعرف ويتحسس بقيمة التمسك بالأرض، فالفلاح الفلسطيني يتعرض لضغوط قاسية، من ضرائب وعرقلة أعماله الزراعية ومنع للصادرات، لأنه بنص وعد بلفورد فإن واجبه مساعدة اليهود على إقامة الوطن القومي، وأول خطوة في ذلك هو الاستيلاء على الأرض، فلذلك عندما أُصدِرَ قرار التقسيم عام 1947م لم يكن لليهود حلالًا زلالًا سوى 6%، وهو ما يعني أن دولتهم التي سمّيت بإسرائيل لم يمتلكوا 94% منها.
محمد رضا نصرالله: حدثنا عن دور الوكالة اليهودية في محاولة استقطاب اليهود العرب عبر ما عُرِفَ بعملية بساط الريح، حيث ذهب ناحوم جولدمان إلى اليمن والعراق وتقريبا إلى مصر، واستقطب معظم اليهود العرب للسفر إلى فلسطين.
شفيق الحوت: هذا فصل آخر يستحق الدراسة العميقة والواسعة، فالحركة اليهودية الصهيونية لم تكن واسعة الشعبية في بداياتها، وكان هنالك دائما سجال في المجتمع اليهودي حول العالم، بين ما يسمى بعملية الدمج أو الجيتو، فقد كان هناك أناس يريدون أن يكون هناك يهودي فرنسي، تماما كالمسيحي الفرنسي والمسلم الفرنسي، أو يهودي روسي مثل الأرثوذكسي الروسي والمسلم الروسي وهكذا، وعلى النقيض كان هناك من يصرّ على الجيتو، بمعنى أن الشعب الإسرائيلي شئ آخر ومتميز، وهذا التمييز العنصري هو صلب الحركة الصهيونية، وهذه النظرية لم تلق شعبية كبيرة في بدايتها، بل كان هناك من يقاوم هذا التوجه، ولكن الصهيونية اليهودية عبر تحالفاتها مع من يسمون الصهاينة المسيحيين، الذين كانوا لا يريدون بقاء اليهود في أوروبا، نجحوا في العمل على إجلاء اليهود من كل مكان إلى خارج أوروبا.
محمد رضا نصرالله: لكن هذا حدث في القرن السادس عشر الميلادي، على يد القس الألماني مارتن لوثر، فهو من أنشأ ما يُسمى بالمسيحية المتصهينة، كما أنه شجع على الذهاب إلى أرض الميلاد في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تحمل هذا الاسم.
شفيق الحوت: نعم، ولكن هذه الحركة تطورت في علاقاتها، فعندما ندرس تطور الحركة الصهيونية وعلاقتها مع الاستعمار الأوروبي نجد أن هناك محطات كثيرة قد حدثت في تاريخها بحكم تطور الأوضاع السياسية الدولية، فهناك من استفاد من الحركة النازية لتعزيز الحركة الصهيونية الساعية إلى احتلال فلسطين، فقبل النازية لم يكن للحركة الصهيونية هذه الشعبية التي تجدها اليوم بين يهود العالم.
محمد رضا نصرالله: لكن أنتم، أيها الفلسطينيون، ماذا استفدتم من هذه التوازنات الدولية؟، وقتذاك وجدنا الحاج أمين الحسيني قد وضع كل البيض في يد ألمانيا الهتلرية!
شفيق الحوت: أنت تسألني اليوم في سنة 2008م، وأنا أرى أن تلك لم تكن خطوة سليمة، بالعكس فربما أساءت ولا زالت تجر أذيلها حتى يومنا الراهن، ولكن لا أدرى بماذا كنت أرد عليك صادقًا لو سألتني هذا السؤال في سنة 1939م، عندما كان المستعمر الإنجليزي متواطئا مع الحركة الصهيونية على تشريد الفلسطينيين واستلاب أرضهم، فأستاذ الدبلوماسية في العالم ومحترف العداء للشيوعية، وينستون تشرشل، تحالف ذات يوم مع الاتحاد السوفيتي، فلا يجب أن نلوم الحاج أمين الحسيني، فهذا تاريخ ولا يمكن تغييره الآن.
محمد رضا نصرالله: لنعد إلى تجربتك الشخصية، نلاحظ أن أحد إخوتك كان اسمه جمال، وقد انضم في وقتٍ مبكر إلى هذا الحراك الثوري، فهل لك أن تحدثنا قليلًا عنه؟
شفيق الحوت: كان عضوا في أحد أجهزة المقاومة العربية، حيث كان مسؤولًا عن محيط شعاع مداه 30 كيلومترًا، لحراسة الطرقات من الهجمات الهجانة والأرجون وغيرهما، وتعرض لأكثر من محاولة لاغتياله، إلى أن نجحوا في نهاية الأمر وسقط شهيدًا دفاعًا عن مدينة يافا وعن فلسطين.
محمد رضا نصرالله: صف لنا الثقافة السياسية التي كانت مهيمنة وقتذاك في الثلاثينات والأربعينات.
شفيق الحوت: لم تكن مثل حالنا اليوم، فأنا أشعر الآن مدى ما كنا عليه من سذاجة في وعينا وإداراكنا لقيمة العدو الصهيوني المتحالف باستمرار مع قوة استعمارية ما، هي اليوم الولايات المتحدة الأمريكية.
محمد رضا نصرالله: ألم تكن هناك أيديولوجيات سياسية؟، فعلى سبيل المثال.. يقول أحد رفاقك، الدكتور أنيس صايغ، بأنه كان من المتأثرين وإخوته بأطروحات الحزب القومي السوري وقتذاك.
شفيق الحوت: هذا الأمر كان في الفترة التي أعقبت النكبة، لكن قبل عام 1948م لم يكن للحزب القومي السوري أو ما على شاكلته وجود شعبي حقيقي في فلسطين، فقد كان الشعب الفلسطيني يعرف أن له قائد اسمه الحاج أمين الحسيني، وقيادة اسمها الهيئة العربية العليا، وما عدا ذلك لم يكن يعرف، ربما كانت هناك رموز أو حركات، وفي عام 1948م كنت لا أزال في السادسة عشر من عمري، وأتذكر جيدًا فضل جمعية الشبان المسلمين، والتي كانت على صلة بالشبان المسلمين في مصر، وكان لهذه الجمعية أثرًا أكبر من الإخوان المسلمين، ولا شك أن جماعة الإخوان المسلمين قد تدخلت بالفعل في عام 1948م وكانت لها قوات فدائية أدت دورها في تلك الحرب، وكان هناك أيضا حزب شيوعي، لكن لم تكن هناك قوى شعبية، القوى التي تصدت في عام 1948م كانت هي القوة التابعة للحاج أمين الحسيني ولجامعة الدول العربية وما يسمى بالقيادة العربية للإنقاذ التي كان مقرها في دمشق.
محمد رضا نصرالله: صفْ لنا ماذا حدث في عام النكبة، وأنت شاهد على ما حدث.
شفيق الحوت: ما حدث لم يكن مسبوقًا لنا كتجربة في ذلك الزمن، فالشعب الفلسطيني اليوم قد أصبح مدربًا على الهجمات والعدوان الذي يتعرض له ويعرف كيف يمكنه الرد، أما في عام 1948م فقد كنا سذج وفقراء بالقيادات والمعدات والتنظيم والإدارة، وكان العمل النضالي أقرب إلى العفوية والعمل الشعبي منه إلى العمل المنظم إذا ما قارنّها بما يحدث الآن، وهذا أحد أسباب الكارثة، فلو كنا في عام 1948م بعقلية وتنظيمات اليوم، لما كان هناك شئ اسمه النكبة.
محمد رضا نصرالله: إذن هناك فارق نوعي في الثقافة السياسية بينكم وبين اليهود، فاليهود جاؤوا من أوروبا وهناك تعلموا فنون العمل السياسي، وجاؤوا أيضا بثقافة اعتبروها متفوقة على الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي الفلسطيني والعربي.
شفيق الحوت: هذا صحيح، لا يجوز أن ننكر الحقائق، وقد تجلّت هذه الحقيقة بأبشع صورة عندما تقارن قيادة العمل في الجانب العربي مقابل قيادة العمل في الجانب الصهيوني، سواءً على الصعيد العسكري.. رأينا الفارق بين الهجانة ومنظمات الحركة الصهيونية، وبين جيش الإنقاذ وما قامت به الجيوش العربية، وعلى الصعيد السياسي كان نفس الفارق موجودًا أيضا. فالقادة العرب لم يعرفوا كيف يمكنهم الاستفادة وتغيير الأوضاع، وأنا أتذكر أن المندوب الروسي في الأمم المتحدة عشية اتخاذ قرار التقسيم، كان يبحث عن مندوب عربي ليسأله ”ماذا يريد العرب؟!“، الكل لام الاتحاد السوفيتي على أنه وافق على التقسيم وإلى آخره، لكن هل هناك في الوثائق العربية ما يثبت أن دولة عربية ما اتصلت بموسكو في ذلك الحين، وقالت لهم هذا ما يريده العرب!، للأسف.. كان هناك تقصيرًا سياسيًا واضحًا.
محمد رضا نصرالله: هل بسب انعدام الثقافة السياسية لم يكن رهان العرب والفلسطينيين على استمرار النضال ضد هذا المشروع الصهيوني، ولذلك لم يوافقوا على قرار التقسيم، الذي لم يقبله بعد ذلك إلا زعيم عربي واحد، وهو الحبيب بورقيبة، الزعيم التونسي ومؤسس دولة تونس الحديثة؟
شفيق الحوت: أولًا؛ أنا من أنصار أن السؤال يستوحي المرحلة التي تشير إليها، فنحن الآن نحكي على الأربعينات وعن الوضع العربي كما هو، بمعنى أن نصف الوطن العربي كان مُستعَمَرًا، وكانت هناك فقط 7 دول تعتبر شبه مستقلة، ثانيًا؛ عندما نقرر القبول بتقسيم البلاد، فعلى أيّ أساس؟، وكيف يمكنني أقبل به؟، فعلى سبيل المثال.. أنا كنت شابًا وأمثالي بالآلاف في مدن فلسطين المختلفة، أنا من يافا، فهل من المعقول أن أقبل بقرار يلغيني ويلغي مدينتي ويلغي وجودي وتاريخي؟، هذا من حيث المبدأ، أما من حيث المناورة السياسية.. من قال لك أن إسرائيل كان من الممكن أن تقبل سنة 1947م بتقسيم فلسطين؟، ولنأخذ مثالًا على ذلك من الوقت الراهن، ألم يعطِ ياسر عرفات في أوسلو كل ما طلبه من الغرب مقابل تسوية؟، ثم ماذا كانت النتيجة؟!
محمد رضا نصرالله: لكن كانت هناك هدنات بين الأردن وسوريا ومصر مع بن جوريون، ألم يكن ذلك مؤشرًا مبكرًا لقبول قرار التقسيم؟
شفيق الحوت: بدون شك، فأنا لا أدافع عن الموقف العربي بالمطلق، فالدول العربية رفضوا ولكنهم لم يستطيعوا الدفاع عن رفضهم، وقبلوا بالهدنة، ولا تزال بعض هذه الهدنات مطلب عربي في هذه الأيام، فهناك في لبنان من يتحدث عن اتفاقية الهدنة التي تجاوز عمرها 60 سنة وبالرغم من كل ما جرى في هذه الدنيا من متغيرات، ونحن قد سمعنا عن أطروحات كثيرة، منها التقسيم، وقامت منظمة التحرير واقترحت الدولة الواحدة، والآن أبو مازن يتحدث عن الدولتين، ولكن إسرائيل لم تقبل أيا من هذه المشاريع حتى الآن، فأنا لم أسمع خلال 60 سنة عن أيّ طرح صهيوني لتسوية مع الفلسطينيين إلا الإجلاء الكامل للفلسطينيين.
محمد رضا نصرالله: كيف كنتم تتطلعون إلى مشروع سياسي عربي واحد وكنتم أنتم قد حملتم بذور الانقسام، ذكرت قبل قليل بأن هناك مجموعة أفكار أيديولوجية كان الشباب العربي عموما مشغولًا بها، وأنتم كذلك كأنكم لم تتوفقوا في استلهام فكرة فلسطينية عربية تحمل خصائص هذا النضال، وإنما كما قيل أصبح الفلسطينيون من المفكرين والسياسيين في سوق مزادات أيديولوجية وسياسية بعد ذلك؟
شفيق الحوت: هذا صحيح، ولكن هذه أقدار القضية الفلسطينية، فإخوتنا في الجزائر الذين تعرضوا لتجربة استيطانية مماثلة إلى حدٍ كبير عاشت لأكثر من 120 سنة، كان وضعهم يختلف واستطاعوا في النهاية أن ينجزوا برنامجهم الوطني لتحرير الجزائر، أما بخصوص قضية فلسطين فقد شاءت أقدارنا أن يكون لها خصوصية تميزها عن جميع قضايا الشعوب التي تعرضت للاستعمار الاستيطاني.
محمد رضا نصرالله: لماذا لم تستلهموا تجربة النضال الجزائري وأنتم تؤسسون جبهة التحرير «طريق العودة» عام 1963م؟
شفيق الحوت: حاولنا، وكثيرون حاولوا، وحتى المرحوم أبو عمار ورغم اختلافي السياسي معه في الفترة الأخيرة كان يحاول، ولكن جغرافية فلسطين تختلف، وهل تستطيع أن تتصور قرارًا فلسطينيًا لا يتأثر بدول الطوق «لبنان، الأردن، سوريا، مصر»، إن لم نقل بمجمل الدول العربية؟، وكي أقرّب الصورة أكثر على سبيل المثال نحن أحيانا في منظمة التحرير كنا نجد صعوبة في إيجاد مكان نجتمع فيه.
محمد رضا نصرالله: في عام 1964م، تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة السيد أحمد الشقيري، الرجل قام بدور تأسيسي مشهود ولكن نلاحظ أنه لم يكن مقبولًا من النخبة الفلسطينية، فلماذا؟
شفيق الحوت: الأستاذ أحمد الشقيري كان منذ النكبة من الفلسطينيين الذين انشغلوا بالعمل الدبلوماسي العربي، فقد عمل في سوريا والمملكة العربية السعودية، وكان رجلًا من رجال القانون والسياسيين المعروفين، وكما يعلم الجميع أن فلسطين حتى سنة 1964م لم يكن شعبها يملك حق اختيار من يمثله في جامعة الدول العربية، وكان هذا الحق حصرًا على الدول العربية، وكان حلمي عبدالباقي يمثلنا، حيث كان عضوا في حكومة عموم فلسطين، وبعد ذلك انتهت هذه الحكومة ولم يعد هناك من يمثل فلسطين في جامعة الدول العربية، وقد شغر منصب المندوب الفلسطيني لفترة طويلة، لكن الرئيس جمال عبدالناصر شعر ببدء تململ الشعب الفلسطيني وغياب تنظيمه، فدعا في مؤتمر القمة في ديسمبر 1963م إلى إقامة منظمة التحرير الفلسطينية، وكان لابد أن يسبق ذلك تعيين من يمثّل شعب فلسطين، ولأن الشقيري كان أمينًا عامًا مساعدًا في السابق بالجامعة العربية، فكان من الأعلام الفلسطينيين القلائل المرشحين لهذا المنصب، وتمت الموافقة عليه، وكُلِّفَ في المؤتمر الذي عُقِدَ في يناير 1964م بالاتصال بالشعب الفلسطيني والدول المضيفة للفلسطينيين لتنظيم أحوالهم، وبشكل عام.. فقد كان الشقيري «رحمه الله» ديناميكيًا، ناشطًا، خطيبًا مفوهًا ومقنعًا، وكان الشعب الفلسطيني قد بدأ التفتح على ضرورة إعادة الحياة الوطنية الفلسطينية، وبالطبع كانت هناك بعض الأحزاب على الساحة، والتي كانت تشكو بمرارة من الجامعة العربية وقراراتها، وقد نظرت إلى هذا المشروع بأنه نوع من المشاريع العربية التي تستهدف تضييع أو تمييع قضية فلسطين، ومنهم من ذهب إلى أكثر من ذلك، ولكن التجربة أثبتت أن أحمد الشقيري كان رجلًا وطنيًا جادًا، ومدركًا للحقيقة الموضوعية الراسخة بعروبة قضية فلسطين.
محمد رضا نصرالله: ولكن بعود فوات الأَوان!
شفيق الحوت: أحمد الشقيري جاء عام 1964م، وفي عام 1967م وقعت النكسة، وهذه أحدثت علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني حيث بدأ ينمو الشعور الكياني القطري.
محمد رضا نصرالله: حدثنا هنا عن بروز ظاهرة أبو عمار، ياسر عرفات، الذي بدا وقتذاك وهو ببزته العسكرية وهو متأبطًا مسدسه المشهور، وقد فُتحت له أبواب الساسة العرب، من القاهرة إلى الرياض إلى الجزائر إلى كل العواصم العربية.
شفيق الحوت: لا يوجد شك في أن أبو عمار هو رجل كاريزماتيكي، ولديه رأس مال يؤهله لأن يكون قائدًا شعبيًا، ولكن الأهم من ذلك هو أن الظروف الموضوعية التي كانت تحيط بالقضية الفلسطينية وشعبها كانت هي الممهد الأكبر لبروز الحركة الوطنية من جديد، وذلك لسببين؛ السبب الأول هو التيار القومي بعد انفصال سوريا عن مصر في عام 1961م، حيث صار هناك إحباط من كون طريق الوحدة للتحرير قد بات طويلًا، وحتى الوحدويين قد اختلفوا فيما بينهم، السبب الثاني هو أنه في تلك المرحلة التاريخية، كانت الثورة الجزائرية في أوجها، وتصلح أنموذجًا لأي شعب يريد أن يتحرر عن طريق النضال والمقاومة المسلحة، مع الفارق الموضوعي بين الوضع في الجزائر والوضع في فلسطين، لأن الوضع في فلسطين؛ أيّ التحرك ضد إسرائيل، يمس الأمن القطري لكل دول الطوق.
فمن غير المسموح للفلسطينيين أو غيرهم أن يعبثوا بين طرفي التناقض، الإسرائيلي والعربي، دون تنسيق مع الدول العربية، وهذه مشكلة لم يعاني منها الجزائريون، ولكننا عانينا منها، ولا نزال نعاني منها، وقد امتدت إلى ما هو أبعد من دول الطوق. وهذا الإحباط في الخط القومي، إضافة إلى نكسة 67 واستسلام الأنظمة العربية لما حدث، جعل الناس تتقبل وتقدم على تأييد العمل الفدائي الفلسطيني وحركة المقاومة الفلسطينية، مما سهّل للأخ أبو عمار والإخوة المناضلين الأخرين في أن يصبحوا أصحاب قرار مؤثر، لا في الساحة الفلسطينية فحسب، بل في الساحة العربية كذلك.
محمد رضا نصرالله: ما مدى مقدار استقلالية القرار الفلسطيني؟، أبو عمار كما نعلم وهو مهندس، خرج من رحم حركة الإخوان المسلمين أو كان متأثرًا بها، وكان فكره وقتذاك متأثرًا بالأفكار القومية السائدة، ولكن يبدو أن القرار الفلسطيني قد تأثر منذ هزيمة 67 بمجمل الصراعات العربية العربية.
شفيق الحوت: هذا صحيح، فأيّ منصف سواء كان مراقبًا أو مناضلًا في صلب المعركة عليه أن يتذكر باستمرار، أن قضية فلسطين قضية عربية، لا الفلسطيني بقادر على أن يستقل بقراره ولا العربي بقادر على أن يجنّب نفسه من قضية فلسطين، فالمصير مشترك.
محمد رضا نصرالله: ولكن لماذا أخضعتم أنفسكم لهذا السيل العرم من المنازعات؟، لماذا لم تنأوا بأنفسكم عن هذه الصراعات؟
شفيق الحوت: سأعطيك مثالًا.. إذا كان وضع المنظمة جيدًا مع دمشق، كانت تغضب بغداد، وإذا كان وضعنا جيدًا مع الجزائر، كانت المملكة المغربية تغضب، وإذا أردنا أن ندخل شحنة من الأسلحة عبر هذا المعبر أو ذاك، علينا أن نرضي هذا المسؤول أو ذاك المسؤول، هذا بخلاف أن المسؤول الفلسطيني موضوعيًا يكون خارج ترابه الوطني في تلك الفترة.
محمد رضا نصرالله: أستاذ شفيق؛ لكن أنتم في الأردن على سبيل المثال خلال السبعينات الميلادية، ذهبتم ضحية هذه الصراعات وتدخلتم في الشأن الأردني.
شفيق الحوت: خطأ تاريخي كبير، وأنا كنت من القائلين بذلك، ووقفتي في المجلس الوطني الفلسطيني تشهد على ذلك، فأنا سألت الأخ المرحوم أبو عمار هذا السؤال؛ إذا انتصرنا في عمان.. ماذا سنفعل في نظرنا في عمان؟!
محمد رضا نصرالله: إذن لماذا لم يستفد من الدرس حينذاك، عندما غزا صدام حسين دولة الكويت؟، رأيناه يقلب ظهر المِجَنّ للدول التي ناصرته وذهب هناك مع صدام حسين!
شفيق الحوت: هذا أيضا كان خطأ، فأنا قلت في ذلك، حتى لو كان هدف صدام حسين أو ذريعته هي وحدة الأرض العربية، فأنا ضد هذه الوحدة البسمركية، وأنا ضد أيّ وحدة لا تكن موضع استفتاء ورضا الشعب في هذا القطر أو ذاك، إن لم يكن يشعر الشعب أيّ شعب أنه له مصلحة وتكامل وقوة في أي خطوة وحدوية، فمن حقه أن يقول: لا.
محمد رضا نصرالله: ألا ترى بأن وقوع منظمة التحرير الفلسطينية في مسلسل هائل من الأخطاء قد قادها بعد ذلك إلى اتفاقية أوسلو؟
شفيق الحوت: لا شك في ذلك، فهنالك من تعب من النضال، وهنالك من شجع على توقف المقاومة، وهنالك إغراءات، وهنالك من قال لأبي عمار: ”إقبل ب 242 وسيكون لك دولة كاملة فوق التراب الوطني الفلسطيني في حدود 67“، وهذه دول عربية ودول صديقة أوروبية.
محمد رضا نصرالله: دعنا نتوقف عند المبادرة الفلسطينية الخلاقة التي أوقفتكم على منبر الأمم المتحدة سنة 1974م، وألقى ياسر عرفات خطابه الشهير، والذي كان عبارة عن ثمرة للعقل الفلسطيني، حيث صاغه وقتذاك إدوارد سعيد وإبراهيم أبو لغد ومحمود درويش، ويبدو أن لك بشكل أو بآخر يدًا في هذا الخطاب، فلماذا لم تستثمروا هذا الإنجاز؟
شفيق الحوت: كل من ذكرتهم الآن ممن صاغوا هذا الخطاب، اختلفوا في نهاية المطاف مع ياسر عرفات، فقد كان له اجتهاد وقد أخطأ «رحمه الله» في اجتهاده، بحسب وجهة نظري، ومغامرته في أوسلو جاءت على نقيض ما كان يتصور في حساباته، فخسر سياسيًا ووطنيًا وعلى الأرض، ودفع بالقضية إلى الوراء.
محمد رضا نصرالله: لو كان أحمد الشقيري مكان ياسر عرفات، هل سيقع في مثل هذه الأخطاء؟
شفيق الحوت: أعتقد لا، ودليلي على ذلك هو ما شاهدته منه في مؤتمر قمة الخرطوم في أعقاب نكسة 67، فكلنا نتذكر اللاءات الثلاثة، ولكن مع ذلك انسحب أحمد الشقيري من مؤتمر القمة بسبب ”لا رابعة“، كان يصرّ على أن تكون في البيان الختامي، وهو أن ”لا تنفرض أيّ دولة عربية بصلحٍ مع إسرائيل دون العودة إلى قمة عربية، وبحضور منظمة التحرير الفلسطينية“، ولم نكن نعرف يومئذٍ أن مصر ستنفرض بمثل هذا الصلح!
محمد رضا نصرالله: وجدنا أثناء إلقاء الرئيس الراحل أنور السادات في مجلس الشعب المصري وهو يطلق مبادرته التي هزت الكيان السياسي العربي بذهابه إلى القدس، أن ياسر عرفات كان موجودًا!
شفيق الحوت: نعم، كان موجودًا، ويقال أن ذلك بالصدفة، وليس أمرًا غير معتاد ألا يُرى ياسر عرفات في مصر، فقد كان يتواجد هناك 4 مرات أسبوعيًا، وأنا لا أعتقد أن أبو عمار كان على علم بهذا الامر، خاصةً وأن بعض كبار الساسة المصريين لم يكونوا على علم.
محمد رضا نصرالله: سنختتم حديثنا بالمحطة اللبنانية، كنت مديرًا لمكتب المنظمة في بيروت لسنوات طويلة بعدما كنت قبل ذلك كنت مديرًا لتحرير مجلة الحوادث التي كان يرأس تحريرها سليم اللوزي، لماذا وقعتم أيضا في أتون الصراعات اللبنانية وأنت تعلم بان الفسيفساء اللبناني متعدد طائفيًا وهشّ؟، فلماذا أدخلتم أنفسكم في عش الدبابير هذا؟
شفيق الحوت: أنا قلت منذ 30 عامًا، وصدر ذلك في كتابي أيضا، أننا دخلنا لبنان لأنه كان حديقة من غير سياج، فقد خرجنا من الأردن متوجهين إلى دمشق باعتبارها في ذلك الوقت هانوي العرب، فكأننا نحن الفيتناميون ودمشق هي هانوي، لكن دمشق وقفت على الحدود وقالت لنا ”لا“، فأين كنا سنتجه؟!، لم يكن أمامنا سوى الحدود اللبنانية التي كانت من دون سياج، بسبب سياسة حكومات لبنان المتعاقبة القائمة على مقولة قوة لبنان في ضعفه.
محمد رضا نصرالله: على ذكر فيتنام، نجح الفيتناميون في مواجهة أكبر قوة احتلالية غاشمة في التاريخ، ومع ذلك أنتم أيها الفلسطينيون ومع كل هذه المساندة العربية والإقليمية والدولية لم تنجحوا في مشروعكم الثوري، فلماذا نجح الفيتناميون وفشلتم أنتم؟
شفيق الحوت: الفيتناميون كان ورائهم الاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية.
محمد رضا نصرالله: ألم يكن الاتحاد السوفيتي وحركة اليسار معكم أيضا؟
شفيق الحوت: نعم، ولكن عبر الدول العربية، أنا لا أريد أن أتحجج بأسبابٍ للدفاع عن فشلنا، ولكن أريد أن أقول إن مجرد أنك تلتقي الآن مع إنسان فلسطيني عبر الفضائية السعودية، وبعد 60 سنة على النكبة، وأنا أقول لك إنه يؤمن إيمانًا كاملًا بأن شعب فلسطين وأمهات فلسطين مازلن يلدن مقاومين عنيدين حتى هذه اللحظة، تصور شعبنا في غزة منذ سنة ونصف تحت الحصار، لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء وأكاد أقول بلا هواء، لكنه لا يزال يقول لا، وذلك في سبيل حريته واستقلاله.
صحيح أن كلمة النكبة أصلها عربية، ولكننا حولناها عبر نضالنا إلى كلمة عربية دخلت التاريخ كما أدخل اليهود كلمة المحرقة إلى التاريخ، وأنا واثق من أنه مهما طال الزمن، لابد في النهاية من أن تستعيد فلسطين مكانتها الجغرافية والتاريخية، وذلك من خلال عودة الشعب الفلسطيني إليها، ولنا في التاريخ تجارب، وآثار الصليبيين في فلسطين تشهد على ذلك، وستكون هناك آثار للصهاينة في المستقبل بإذن الله.
محمد رضا نصرالله: في ختام حديثنا؛ نشكرك جزيل الشكر ونتطلع إلى لقائك في مناسبات أخرى، وعلى أمل أن نلتقي على أرض فلسطين، دولة عربية مستقلة.
عنوان الحلقة على يوتيوب:
برنامج محمد رضا نصرالله «ستون دقيقة» مع شفيق الحوت.. التجربة الفلسطينية على لسان أحد قاداتها