دعا الخطيب الحسيني سعيد المعاتيق الشباب والشابات لإستغلال أيام شهر رمضان مشددا على أن هذه الأيام والليالي ليست للجلوس في الطرقات أو على الكورنيش، وأن لا يكن شهر ترفيه فقط وأسواق وتمشيات.
وكشف المعاتيق في لقاء مطول مع ”جهات الإخبارية“ بأن أيام الطفولة خلت من النضوج عند الإنسان لكي يفكر في العبادة والطاعة بقدر ما يفكر في اللعب واللهو ولقاء أقرانه وأصحابه، بينما الآن تغير شهر رمضان للمؤمن فهو شهر طاعة وعبادة وتقرب إلى الله.
فإلى نص الحوار:
ماذا يعني لك رمضان؟
شهر رمضان بلا شك ولكل مسلم ولكل مؤمن هو شهر اللقاء مع الله عزوجل وهو شهر التجلي بعد أن مررنا بشهرين أحدهما يقال له شهر التخلي وهو شهر رجب وتطهر الناس من الذنوب وتخلوا عنها ثم شهر التحلي شهر شعبان ثم نستعد لكي ندخل الساحة القدسية حيث ضيافة الله عزوجل وهو شهر التجلي ونحن بلا شك نشتاق لهذا الشهر لأنه شهر ضيافة الله ”شهرٌ دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجُعِلتم فيه من أهل كرامة الله“.
ما هي استعداداتك لاستقبال شهر رمضان؟
دائمًا ننصح أنفسنا وأولادنا وأهلنا بأن يستعد المؤمن لهذا الشهر الفضيل شهر الله العظيم شهر المغفرة والبركة والرحمة وهذا بقول الرسول ﷺ أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة، والبركة هي الزيادة في الخير والرحمة، والرحمة وهي مشتقة من الرحمة الإلهية ﴿ورحمتي وسعت كل شيء﴾ والمغفرة والله هو الغفور الرحيم.
فالمؤمن بطبعه يستعد لهذا الشهر كما يستعد الحبيب للقاء حبيبه، ويستعد المضيف لاستقبال ضيوفه.
فنحن مدعوون من قبل الله عزوجل ”شهرٌ دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجُعِلتم فيه من أهل كرامة الله“ فيكون استعداد المؤمن بأن يجعل له برنامجًا عباديًا روحيًا ولا ينسى نصيبه من الدنيا، لنفسك عليك حق ولربك عليك حق ولأهلك عليك حق.
فيقسم الإنسان وقته في العبادة، وقتٌ للصلاة وتلاوة القرآن والمناجيات والأدعية ووقت آخر للقاء الأحبة ومجالسة المؤمنين ومجالسة الذكر فيستغل الإنسان وقته من باب ”اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب“.
فيكون استعداد الإنسان لشهر رمضان بأن يجعل له برنامجًا ينفعه في الدارين.
ما الفرق بين رمضان حاليًا وفي طفولتك؟
طبعًا أيام الطفولة لا يوجد النضوج عند الإنسان لكي يفكر في العبادة والطاعة بقدر ما يفكر في اللعب واللهو ولقاء أقرانه وأصحابه، فكانت الطفولة جميلة بلقاء الأحباب واللعب وممارسة بعض التمارين الرياضية بل بعض الأمور التي تعودنا عليها، وكانت أيام جميلة بحيث ينقلب الليل إلى نهار والنهار إلى ليل، ففي النهار معظم الناس نائمة وكنا في السابق شهر رمضان أيام المدرسة كانت عطلة.
فيكون سهر وتضييع أوقات بدون الشعور بأننا في شهر الله بكل أمانة إلا من رحم ربي..
أما الآن تغير شهر رمضان للمؤمن فهو شهر طاعة وشهر عبادة وشهر تقرب إلى الله وهذا لا يعني بأن يجلس الإنسان في صومعة عبادته راكعًا ساجدًا فقط وإنما يقوم بما أوجب الله عليه من الأمور الأخرى من زيارة الرحم وقضاء حوائج الناس ومجالس الذكر كما ذكرنا فيختلف تمامًا بين الطفولة وبين الآن بعد أن نضج الإنسان وعرف بأن هذا الشهر يمر في السنة لمرة واحدة وعليه أن يغتنم كل ساعاته بل كل دقائقه وثوانيه والحمد لله الناس الآن على درجة من الوعي ينتظرون هذا الشهر بشوق ويقومون بما أوجب الله عليهم بما يستطيعون.
ماذا تفتقد في شهر رمضان حاليًا؟
في الحقيقة هذا الجواب طرحته على نفسي حينما كنت أدرس في أمريكا الدراسة الأكاديمية حيث كنت أفتقد الجو الرمضاني هناك مع أننا كنا نصوم ونصلي ولدينا أحباب نلتقي بهم ولكن فرق كبير بين أن يعيش الإنسان بين أهله وأحبابه وفي مساجده ومآتمه ومجالس الذكر ومجالسة الأخوة في بلده وبين بلد آخر.
وحتى في الأماكن المقدسة التي لها نمط خاص في العبادة ولكن هناك فقط الإنسان يقضي وقته راكعًا وساجدًا وزائرًا وذاكرًا لله.
هنا هذا الأمر متوفر أيضًا بالصلاة والعبادة وقراءة القرآن لكن إضافة إلى ذلك لقاء الأحبة وزيارة الأرحام والتهادي بين الناس بالمأكولات والمشروبات ولقاء الناس.
حقيقة تجد الأوقات الرمضانية مفعمة بالخيرات والبركات صحيح هو شهر بركة ولا أعتقد بأني أفتقد شيء.
فقط أفتقد من فقدت من أهلي والدي وأختي أم معين رحمة الله عليها وأحبابي ومن فقدناهم في السنين الماضية نفتقد وجودهم معنا على مائدة الإفطار وفي جلساتنا أما الأمور العبادية فهي في تطور وإلى حال أحسن والحمد لله.
صف لنا كيف كان رمضان في الماضي؟
أيام الطفولة وأيام رمضان وأيام اللقاء مع الأحباب لاسيما الأطفال واللعب واللهو وتنوع الزيارات إلى بيوت الأهل والأحباب وأيضًا ننتظر المائدة على شوق.
مائدة رمضان نفتقدها في سائر الأيام والشهور، وكان الجانب العبادي فقط لكبار السن والشباب الواعيين، أما نحن الصغار فقليل من كان يلتزم بحضور المسجد والمآتم وتلاوة القرآن.
فكان شأننا النوم بكل أمانة والأكل واللعب إلا ما رحم ربي من الواعين من الصغار ووفقهم الله لذلك.
أما بالنسبة للكبار فكان شهر رمضان شهر خير وبركة كما هو الآن أيضًا.
ماذا تمثل لك الزيارات الأسرية في وقت الصيام؟
النبي يقول: ”وصلوا فيه أرحامكم“ فصلة الرحم من أقرب القربات إلى الله فكما في الروايات أن الرحم معلقة بساق العرش تقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني. والأعمال في هذا الشهر مضاعفة.
وشهر رمضان ليس شهر ركعة وسجدة وتلاوة للقرآن، هناك أمور عبادية محببة للصائم من قضاء حوائج الناس وزيارة أرحامه فنجد فيها البهجة حينما تزور أرحامك أو تتفطر معهم وتتناول معهم طعام أو تدعوهم إلى بيتك وتجلس وتتسامر مع أهلك. فصلوا أرحامكم ولو بالسلام أو بمكالمة هاتفية فأعتقد هذا من أقرب القربات إلى الله عزوجل.
هل يتطلب الصيام تغيير جدولك اليومي؟
نعم ما كان الإنسان ملتزم بأن يقرأ جزء من القرآن يوميًا وما كان متعود أن يصلي قدرا من الصلوات ويقرأ قدرا من النوافل والأدعية والمناجات والآن بلا شك هذه الأمور تحتاج إلى وقت والإنسان إذا نظم وقته يستطيع أن يقوم بهذه الأعمال أو بما تيسر أن يصلي صلاة الليل ويقرأ المناجات وأن يقرأ الأدعية وعلى الأقل جزأين في كل يوم وهذا يأخذ من بعض وقته ولكن مع تنظيم الوقت لا يشعر الإنسان بذلك بل يحاول أن يحافظ على الصلوات الخمسة كلها في المساجد ويحاول المواظبة على قراءة القرآن لكي يختم القرآن على الأقل 3 أو 5 مرات في الشهر والأدعية والنوافل اليومية.
من تدعو لزيارتك في أول يوم؟
لم أتعود أن أدعو أحد ولم أتعود أن أتناول إفطاري مع أسرة أخرى بل مع أسرتي والأسرة تكون مجتمعة، وكل فرد من أفراد أسرتنا يكون مجتمع مع أسرته فلم يخطر في بالي أن أدعو أحد في أول يوم.
كيف تقضي يومك؟
قد أجبت على ذلك بتنظيم الوقت يستطيع الإنسان أن يقضي وقته بين العبادة وبين قضاء حاجة أسرته وزيارة الأرحام وممارسة الرياضة كالمشي والسباحة وأمور أخرى.
ما هي وجبتك المفضلة على الإفطار وكذا السحور؟
باختصار وجبتي المفضلة الثريد.
ما هي البرامج التي تحرص على متابعتها؟
أنا بصفتي قارئ حسيني في قراءتي الليلية أحرص على أن أقدم شيء للمؤمنين ينفعهم في كل ليلة موضوع مختلف مع مصائب أهل البيت المتنوعة وأتناول في الأيام الأولى خطبة الرسول وأشرح منها فقرات وأنصح نفسي وأهلي والمؤمنين لكي يستفيدوا من هذه الليالي فبرنامجي هو ليليًا قراءة القرآن والمجالس الحسينية وزيارة الأرحام.
هل للقراءة وممارسة الرياضة نصيب من يومك الرمضاني؟
نعم القراءة أمر أساسي ومهم كوني خطيب حسيني أحتاج أن اقرأ وأحضر لمجالسي وأيضًا باستماع ومشاهدة الأخبار يوميا وكذلك بعض المحاضرات والحضور في المسجد واستماع البحوث فيه وقراءة الأدعية مع المؤمنين فيه وقبل الصلاة بحث وبعدها بحوث والحمد لله أواظب على الحضور والاستفادة.
أخيرًا.. لو طلبنا منك أن توجه رسالة فلمن ستوجهها؟
رسالة أوجهها إلى الشباب والشابات بالدرجة الأولى هذه الأيام والليالي ليست ليالي وأيام جلوس في الطرقات أو على الكورنيش أو أماكن مختلفة ليس فيها ذكرٌ لله فعلى الشاب والشابة استغلال هذا الوقت لطاعة الله عزوجل ولا يكن شهر رمضان شهر ترفيه فقط وأسواق وتمشيات.
صحيح أن لبدنك عليك حق ولكن لا تنسى أيها المؤمن نصيب العبادة في هذا الشهر والله سبحانه وتعالى قال ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ فالإنسان يتحصل على التقوى بالصيام لأنه يروض نفسه على طاعة الله عزوجل ويصل إلى درجة التقوى.
فنصيحتي لنفسي وأهلي والشباب والشابات أن يستغلوا هذا العمر عمر الشباب فلا تجوز قدم عبدا الصراط يوم القيامة حتى يسأل عن شبابه فيما أبلاه فهكذا ينبغي للمؤمن أن يستغل كل فرصة من ليالي وأيام شهر رمضان. دامت توفيقاتكم وشكرًا لكم.